أكد الكاتب الصحفي صلاح الشيخ، الأمين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين، أن الإعلام كان العامل الأكثر تأثيرًا في تحويل الفاشر إلى قضية دولية، بعد أن استطاع المزج بين التوثيق المحلي، والمتابعة الدولية، وصحافة الموبايل التي نقلت الصور والمقاطع من قلب المعارك.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جريدة الدستور تحت عنوان: "الفاشر.. سردية مدينة محاصرة إلى أين؟"، في إطار التغطية الإعلامية المستمرة للأوضاع الإنسانية والأمنية في دارفور، بالتزامن مع تدشين منصة هنا السودان، التي تهدف إلى توثيق الأحداث والممارسات الحقوقية في البلاد.
وأوضح الأمين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين خلال مشاركته في ندوة "الدستور" أن الدعم السريع حاول منذ البداية السيطرة على السرد الإعلامي عبر إنشاء غرف إعلامية ضخمة واستقطاب مؤثرين ومتحدثين يروجون روايات مضللة، من بينها الادعاء بأن انتصارات الجيش تُنسب لـ"كتائب إسلامية"، موضحًا أن حجم الجرائم، وتراكم الأدلة الشعبية، جعلا هذا الخطاب يتهاوى، خصوصًا بعد أن فضح المواطنون — بهواتف بسيطة — ما كان يحدث على الأرض، فيما ساهمت أخطاء عناصر الميليشيا أنفسهم في توثيق جرائمهم بالصوت والصورة، فارتدت رسائلهم عليهم.
وأشار إلى أن الصمود الاستثنائي للفاشر لأكثر من 500 يوم شكّل نقطة تحول جذبت انتباه العالم، وأن التوثيق الشعبي واحتجاجات السودانيين في الخارج لعبت دورًا كبيرًا في كشف حقيقة الهجوم الأجنبي الداعم للميليشيا، وفي دحض الروايات المضللة عبر مقارنات بسيطة: أينما دخل الدعم السريع هرب المواطنون، وأينما وصلت القوات المسلحة تبعها السكان.
وأوضح أنه وبرغم ضعف الإمكانات بعد تدمير المؤسسات الإعلامية السودانية، استطاع الصحفيون تحويل صحفهم وقنواتهم إلى منصات رقمية دفاعًا عن القضية، ما جعل الإعلام الوطني — المهني والشعبي — يتفوق على غرف إعلامية ممولة خارجيًا، ويجبر المجتمع الدولي في نهاية المطاف على الاعتراف بما يجري بوصفه جرائم حرب لا يمكن إنكارها.
وتأتي الندوة لتسلط الضوء على المعاناة الكبيرة التي عاشتها مدينة الفاشر تحت الحصار، وتسعى إلى استعراض شهادات الناجين، ورصد الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع، فضلًا عن تحليل الأبعاد السياسية والاجتماعية للحرب في دارفور. كما تهدف إلى فتح نقاش جاد حول دور الإعلام الرسمي والشعبي في نقل الحقيقة، وإبراز تجربة الصحفيين والناشطين المحليين في مواجهة التضليل الإعلامي الدولي.
وجمعت الندوة بين الخبرة الصحفية والبحثية والسياسية، لتقديم سردية شاملة عن مدينة الفاشر، وتحديد مسارات التحرك الممكنة للمجتمع الدولي والمحلي، في محاولة لإضاءة قضية لم تحظَ بالاهتمام الكافي، رغم حجم المأساة الإنسانية التي شهدتها.
أقرأ أيضًا:
إبراهيم ألماظ: الفاشر أوقفت مشروع تقسيم السودان وصنعت أسطورة الصمود في حرب الكرامة (خاص)










0 تعليق