في قلب محافظة سوهاج وتحديدًا من مركز المنشاة تبرز حكاية إنسانية ملهمة لبداية موهبة تحولت إلى مهنة ثم أصبحت أسلوب حياة إنها حكاية حمادة خلف علي صاحب الـ43 عامًا الذي بدأ علاقة استثنائية مع الفن منذ كان طفلًا في العاشرة حين كانت الجدران أول دفاتره والألوان أول أحلامه.
منذ طفولته لم يكن حماده يرى الحيطان مجرد جدران صامتة بل مساحات تنتظر من يوقظها بالرسم والزخرفة كان يقف طويلًا ممسكًا بقلم رصاص أو قطعة طباشير يخط خطوطًا تبدو بسيطة للآخرين و لكنها كانت بالنسبة له بداية رحلة لم يعرف وقتها أنها ستصبح قدره الحقيقي ومع مرور السنين تبلورت موهبته و لكن حلم الالتحاق بكلية الفنون الجميلة تعثر بسبب المجموع و لم يستسلم اختار الطريق الأقرب إلى روحه فالتحق بالثانوية الفنية قسم الزخرفة ليحوّل الموهبة إلى دراسة والشغف إلى معرفة.
اليوم بعد عقود من الممارسة أصبح حماده واحدًا من الحرفيين البارزين في مهنتة حيث انه يعمل كنقاش ورسام منفذ للعديد من التصميم و الديكورات، ويملك قدرة ملفتة على تحويل الخشب إلى تحف فنية تنبض بالحياة.
لم يعد يرسم على الجدران كطفل بل صار يصنع منها لوحات تضيف جمالًا للبيوت والمحلات والمساحات التي يعمل فيها بل يعتبر كل مشروع يخوضه عملاً فنيًا جديدًا يحمل بصمته الخاصة يقول دائمًا إن الفن ليس شهادة بل إحساس وفطرة وتعب سنوات طويلة ولذلك لا يزال يطوّر أدواته يتابع الجديد ويبحث عن كل فرصة تجعل موهبته حاضرة بقوة.
قصة حماده هى شهادة على أن الأحلام قد تتغير طرقها و لكنها لا تموت ما دام صاحبها يؤمن بها ويواصل السير.
وكانت البداية من بين الأزقة الهادئة في مركز المنشاة بمحافظة سوهاج حيث خرجت حكاية فنان لم تنصفه الظروف التعليمية.
البداية المهنية
بدأ حمادة رحلته مع الفن قبل أن يتعلم حتى معنى كلمة موهبة و كان في العاشرة حين اكتشف أن الجدران ليست مجرد حدود للبيوت بل مساحات تنتظر من يوقظ جمالها فكان يرسم ويخربش ويجرب الألوان على الحيطان غير مدرك أن تلك الخربشات الصغيرة ستصبح لاحقًا توقيعه الفني في الحياة وكبروهو يحمل ذلك الحلم البسيط وهو أن يدخل كلية الفنون الجميلة وكانت أمنيته أن يتعلم الرسم أكاديميًا ويضع موهبته على طريق الاحتراف العلمي.
لكن المجموع لم يشفع له والطريق الذي تخيله انحرف نحو مسار آخر و لكنه لم ينكسر فاختار الأقرب إلى قلبه فالتحق بالثانوية الفنية قسم الزخرفة وهو القسم الذي شكل نقطة تحول في بناء شخصيته الفنية ومن هناك تعلم كيف تتحوّل الفكرة إلى تصميم والخط إلى زخرفة واللون إلى لغة.
وبعد سنوات طويلة مرت بعد التخرج حمل فيها حماده الفرشاة ليس كطالب أو هاو بل كحِرفي محترف يعمل اليوم نقاشًا ورسامًا ومنفذ ديكور يقدم خدماته في تشطيب المنازل والمحلات وتنفيذ وحدات الزخرفة وصباغة الخشب بجميع أنواعه.
ومع كل مشروع جديد يعيد اكتشاف نفسه فحماده لا يتعامل مع الديكور كعمل روتيني بل كلوحة فنية تضاف إلى سجله الخاص كل قطعة خشب يلمسها وكل جدار يُسلم إليه هو مساحة جديدة يضع فيها جزءًا من روحه.
يمتلك حماده قدرة لافتة على المزج بين المدرسة التقليدية في الزخرفة و التي تعلمها في الثانوية الفنية وبين الحس الحداثي الذي اكتسبه من متابعة الأعمال المعاصرة والتطورات المستمرة في عالم التصميم.
ويقول حمادة :أن الفنان الحقيقي لا يتوقف عن التعلم و لذلك يحرص دائمًا على متابعة الاتجاهات الحديثة في الدهانات والديكورات والنجارة الفنية ويطور أدواته بما يناسب كل عميل سواء كان يبحث عن لمسة فنية مميزة .
ورغم أن الطريق لم يكن سهلاً فإن موهبته كانت بوصلته لم تمنعه ضغوط الحياة ولا مشاغل العمل من الحفاظ على علاقته الأولى بالألوان.
لذا يعتبر تلك اللحظات التي يجلس فيها أمام ورقة بيضاء ينسى فيها صخب اليوم ويعود لفتى العاشرة الذي كان يبحث فقط عن مساحة يرسم فيها حلمًا وأن يجعل من أعماله علامة مميزة تُعرف باسمه و ليس لأنه يبحث عن شهرة بل لأنه يؤمن أن الفن الحقيقي يفرض نفسه طالما كان صاحبه يضع قلبه في كل ضربة فرشاة.











0 تعليق