تزخر محافظة المنيا بالعديد من الآثار المتنوعة التي جعلتها مقصدًا وقبلة السائحين من مختلف بقاع الأرض، خاصة الآثار التي تتميز بأنها ذات طابع ديني مما أدى إلى وجود ما يعرف بالسياحة الدينية.
وتشتهر محافظة المنيا بوجود أهم مقاصد السياحة الدينية في مصر، فيوجد على أراضيها مسار العائلة المقدسة والذي يقع بدير جبل الطير بمركز سمالوط شمال المحافظة، ومنطقة آثار البهنسا والتي توجد بمركز بني مزار شمال المنيا أيضًا، وأيضًا زاوية سلطان "حبنو" (مدينة الأحياء والأموات) والتي تحتوي على المقابر الإسلامية ذات القباب المزخرفة التي تنتشر بالمكان فوق مدافن الأهالي.
تطوير المناطق الأثرية
وقال الدكتور ثروت عبد السلام مدير عام السياحة بمحافظة المنيا إن السياحة الدينية بالمحافظة تشهد رواجًا كبيرًا خاصة بعد تطوير أبرز المناطق الأثرية الدينية مثل دير جبل الطير وآثار البهنسا، التي استغرق تطويرها عامين تم خلالهما درء الخطورة عن 11 قبة ورفع الخطورة عنها وإجراء عمليات ترميم وصيانة للقباب المتهالكة. لافتًا إلى أن تمهيد الطريق المؤدية إلى قرية البهنسا ساهمت بشكل كبير في زيادة عدد الزائرين والسائحين، وأنه بصدد افتتاح التطوير الذي تم تنفيذه بمنطقة البهنسا. مشيرًا إلى أن أغلب السائحين الذين يقومون بزيارة منطقة البهنسا يأتون من دول شرق آسيا لاهتمامهم بالسياحة الدينية الإسلامية.
دير جبل الطير مزار ديني عالمي
وأضاف مسؤول السياحة بالمحافظة خلال تصريحات لـ "الدستور" أن منطقة دير جبل الطير تعد مزارًا دينيًا عالميًا خاصة بعدما تم إدراج الموقع في رحلة الحج المسيحي العالمي بعد موافقة بابا الفاتيكان، ويأتِي إليه السائحون من كل دول العالم خاصة (إسبانيا، أمريكا، إنجلترا)، وأنه يجري العمل حاليًا على تطوير مسار العائلة المقدسة لتحقيق أكبر استفادة من مكانتها العالمية والحضارية.
البهنسا.. "بقيع مصر"
من جانبه قال الدكتور رجب محمد عبد السلام مدير عام سابق للآثار الإسلامية والقبطية بمصر الوسطى، إن البهنسا عرفت بين أهلها بأنها :بقيع مصر" تشبيهًا بمنطقة البقيع في المدينة المنورة التي تضم مدافن أصحاب رسول الله، وذلك لأن مدافن البهنسا في محافظة المنيا تحتضن مقابر 5000 من أصحاب رسول الله، وذلك حسبما ذكر الواقدي في كتابه فتوح الشام ذكر فتح البهنسا وما فيه من الفضائل وما وقع فيه للصحابة رضي الله عنهم قد ذكر بأنه حضر البهنسا 10 آلاف عين رأت النبي محمد و70 ممن حضروا غزوة بدر مع الرسول، وقد دفن بأرض البهنسا نحو 5000 صحابي
وتابع أن عمرو بن العاص بعد فتح الوجه البحري في مصر أرسل للخليفة عمر بن الخطاب يستأذن فتح الصعيد فحثه على فتح مدينتي إهناسيا والبهنسا، فأرسل ابن العاص قيس بن الحارس المرادي الذي ذهب لفتح البهنسا وحاصرها وعسكر بقرية القيس التي سميت باسمه. ولما علم الروم بذلك جمعوا كل فلول حاميتهم وعلموا أنه لو سقطت البهنسا لسقط الصعيد كله، وكانت ذات مكانة هامة في العصر الإسلامي
الاكتشافات الأثرية
وفي عام 2024، أعلنت وزارة الآثار عن كشف أثري جديد بمنطقة البهنسا عبارة عن ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من القطع الأثرية.
تاريخ دير جبل الطير
وذكر مدير عام سابق للآثار الإسلامية والقبطية بمصر الوسطى خلال حديثه لـ "الدستور" أن دير جبل الطير يعد من أحد أهم المزارات الدينية في العالم ويقع على بعد 6 كيلومترات من مركز سمالوط شمال محافظة المنيا، وأصبح له مكانة دينية وسياحية وعالمية كبيرة في الآونة الأخيرة خاصة بعد أن وصلت العائلة المقدسة إلى منطقة جبل الطير قادمة من منطقة البهنسا في مركز بني مزار شمال محافظة المنيا خلال رحلتهم في مصر هربًا من بطش الرومان. وقد اختبأت السيدة العذراء ورضيعها السيد المسيح عليه السلام في كهف صغير، حيث كانت استراحتها في تلك المنطقة.
أبرز أسماء دير جبل الطير
وأوضح "عبد السلام" خلال حديثه لـ "الدستور" أنه أطلق على المكان عدة أسماء "دير جبل الطير" بسبب تجمع أعداد كبيرة من طائر البوقيرس أعلى الدير أثناء رحلته إلى قارة أوروبا ولذلك سمي بدير جبل الطير. كما أطلق عليه أيضًا "ديرة البكرة" لوجود بكرة كانت تستخدم في الصعود والنزول من الجبل. كما يطلق عليه أيضًا اسم جبل الكف لمنع عيسى عليه السلام سقوط صخرة عليه وعلى والدته بعد أن أشار إليها بكف يده التي انطبعت على الصخرة ومازالت آثارها موجودة حتى الآن. ويتم عرض تلك الصخرة حاليًا بالمتحف البريطاني.
كنيسة السيدة العذراء
واستكمل عبد السلام حديثه قائلًا: إنه يوجد بداخل الدير كنيسة تحمل اسم السيدة العذراء أنشأتها الملكة والقديسة هيلانة والدة الملك قسطنطين الأول حيث قامت بزيارة المكان (موقع الدير الحالي) وعندما علمت قصة السيدة العذراء والسيد المسيح وإقامتهم في المكان أمرت ببنائها (الكنيسة الأثرية) وذلك عام 328م، وجددها الأنباساويرس مطران المنيا والأشمونين عام 1938 ميلادية وأقام طابقًا ثانيًا.
معالم الكنيسة الأثرية
وداخل الدير توجد الكنيسة الأثرية والتي يقع مدخلها الرئيسي في الناحية الغربية مواجهًا للهيكل الذي نحت في الصخر، وبه المذبح الحنية الشرقية والحجرتان الجانبيتان. وبالجهة الجنوبية من الهيكل تقع المغارة وأمامه أي (الهيكل) يوجد الحجاب الأصلي، وهو مثبت حاليًا بعض أجزاء منه أعلى عتب المدخل، وقوامه أشكال زخرفية نباتية من عناقيد وأغصان زيتون، وأشكال حيوانية من طاووس وسمكة، وهي زخارف لها دلائل عقائدية، ونفذت جميعها بالحفر البارز.
المعمودية الأثرية ومغارة العذراء
أما عن المعمودية الأثرية فقد نفذت عن طريق تفريغ موقع أحد الأعمدة الحجرية من الداخل والموجودة بصحن الكنيسة الذي نحت في الصخر ويحيط به اثنا عشر عمودًا نحتت أيضًا في الصخر وحوله الأروقة الشمالية والجنوبية والغربية وبها مصاطب حول الحوائط استخدمت للجلوس والرواق الشرقي والمعروف (برواق الشمامسة) والقديسين، أيضًا داخل الدير توجد مغارة تسمى مغارة العذراء والتي اختبأت فيها العائلة المقدسة 3 أيام قبل تركهم للمكان وتحركهم جنوبًا.
زاوية سلطان حبنو
وأوضح عبد السلام أن زاوية سلطان "حبنو" (مدينة الأحياء والأموات) زاوية سلطان من أهم المواقع الأثرية في المنيا والتي تقع على مسافة 5 كم تقريبًا جنوب المحافظة على الضفة الشرقية من نهر النيل، وتشتهر بالمقابر الإسلامية ذات القباب الجميلة التي تنتشر بالمكان فوق مدافن الأهالي. ويوجد بالقرب من المكان دير أباهور في قرية سوادة وهو من الأديرة الأثرية الرائعة التي شيدت فوق معبد روماني بالمكان، ومسجد وضريح الإمام القرطبي صاحب كتب تفسير آيات القرآن الكريم.













0 تعليق