«البوابة».. أحد عشر عامًا في محراب الكلمة حيث هواها في دمي

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

​كنا هنا.. قبل كل الفراشات.. نبني على الجمر بيتًا

ونضيء سراج الورد لأيامنا

​ما أصعب أن يصير الحلم مفردًا وحيدًا.. يودِّع دربه

​وداعًا لشيء سيأخذنا معه.. وداعًا لما لا يودَّع

«محمود درويش»

لا يقاس عمر المؤسسات الصحفية بطول السنوات، بل بعمق الرسالة التي تحملها وقدرتها على البقاء وفية لبوصلتها، ومع حلول الذكرى الحادية عشرة؛ لانطلاق صحفية مصرية بارزة - «البوابة نيوز» - نجدنا أمام نموذج أقسم منذ نشأته على الوفاء للحقيقة، تلك القيمة الجوهرية التي لا تقبل المساومة، والتي هي العهد الأسمى بين المؤسسة وبين وطن يتوجه إلى الوعي والشفافية.

لقد كانت رحلة مهنية شاقة قادها بذكاء وحنكة المايسترو عبد الرحيم علي، الذي لم يكتفِ بإدارة غرفة الأخبار؛ بل عزف سيمفونية متكاملة من المهنية والالتزام، ليحفر للمنبر مكانة خاصة تسعى للعمق والمصداقية.

ربما يعتقد البعض أن حديثي هذا متحيزًا لمدرسة إعلامية تربي فيها ونهل من قيمها، لكنه في حقيقته شهادة بحق العزيمة والإنجاز الذي أضاء جزءًا من المشهد الصحفي المصري؛ على مدار أحد عشر عامًا «عمر البوابة نيوز».

هذه السنوات التي صادفت تحديات لم تكن تمر على الأمم في قرون، ورغم هذا؛ التحديات ظلت عجلة العمل الصادق تسير في مسار يخدم الوطن بسرعة تجاوزت سرعة الضوء، فكان لها السبق في جلاء الرؤية لكثير من قضايا هذا البلد.

اليوم، وأنا أستعرض سنوات مضت بين أروقة هذه المؤسسة العريقة، يغمرني شعور لا يمكن حصره في خانة المهنة، إنه إحساس العائد إلى الجذور، إلى الضلع الثابت الذي احتضن حلمًا يافعًا، وشحذَ قلمًا حائرًا في قضايا وطن.

أكتب و«البوابة» في أزمة طاحنة بين التمسك بالحلم أو ضياعه.. أستعيد ما مر وصولًا إلى تلك اللحظة العاصفة، وأتمنى أن تستمر هذه النافذة التي فتحت لنا طريقًا للمستقبل الذي كنا ومازلنا نحلم به.

أستعيد حكاية صحفي لم يكتب فقط عن مصر، بل كتبته مصر بين جدران «البوابة»، لتظل هذه الجريدة في عيني ووجداني، رمزًا للشرف والانتماء وشهادة على أن الكلمة الصادقة هي جوهر الخدمة الوطنية.

صقل القلم في مدرسة السياسة والبرلمان

بدأت رحلتي المهنية في «البوابة نيوز» ضمن قسم السياسة والبرلمان، وكانت تلك الفترة بمثابة المدرسة الحقيقية التي صقلت قلمي وعزّزت رؤيتي للأحداث الوطنية، وتحملت مسؤولية تغطية ملفات حيوية، أبرزها أخبار النقابات المهنية وصولًا إلى جهود لجان الصحة والتعليم داخل أروقة البرلمان.

ومن بين الأعمال التي أعتز بها في تغطية قسم السياسة والبرلمان، التحقيق المنشور حول النقابات المهنية، والذي يعكس منهج «البوابة نيوز» في العمل الصحفي المبني على الوثائق والمعلومات الدقيقة، بعنوان: «ثقوب فى البالطو الأبيض.. تخصصات ليست في قاموس الطب.. تحرش.. ابتزاز.. وطبيب يُقدس الكلب.. ضمائر غائبة.. وأطباء خالفوا القسم».

لقد علمتنا «البوابة نيوز» أن الصحافة الجريئة هي التي لا تخشى التحدي، ونجحنا في تجاوز التحديات وحملات التشكيك بفضل الالتزام المطلق بالوثائق والمستندات، ودعم إدارة التحرير.. هذا الموقف أكد لي أن الصحافة الرصينة هي التي تحفر في الحقيقة وإن كانت مؤلمة.

مدرسة عبد الرحيم علي ودعم داليا عبد الرحيم

إن مسيرتي المهنية في «البوابة» تقوم على دعامتين راسختين من القيادة، فلم يكن الدكتور عبد الرحيم علي، مجرد رئيس مجلسي إدارة وتحرير، بل كان أبًا وسندًا وداعمًا، يرى في كل صحفي شاب مشروع قلم يحمل رسالة.

هو زرع فينا مدرسته الصحفية القائمة على التدقيق قبل النشر، والوطنية قبل الخبر، والمهنية فوق كل اعتبار، وإن إصراره على النزاهة والشفافية، وإيمانه بأن الكلمة أمانة، جعل من «البوابة» منبرًا لا يخضع لأي تأثيرات إلا الحقيقة ومصلحة الدولة العليا.

كما كانت الأستاذة داليا عبد الرحيم، رئيس التحرير، صمام الأمان اليومي للعمل التحريري، حريصة على تطبيق منهج المدرسة الصحفية بحذافيره، وموفرة البيئة التي تجمع بين صرامة المهنية ومرونة الإبداع.

كانت سندًا حقيقيًا للصحفيين في الميدان، ومشجعة على تقديم المحتوى النوعي والتحقيقات ذات التأثير، مع التأكيد المستمر على الحيادية والسرعة المتقنة، فهذا التكامل القيادي منحنا الشجاعة لخوض التحقيقات الحساسة بثقة وأمان.

«الملف الديني».. التنوير وجني ثمار المهنية

كان التحول النوعي بتغطية الملف الديني، الذي يشمل مؤسسات وطنية عريقة، تتويجًا لثقة القيادة، وكانت مهمتي إبراز الدور التنويري الوسطي لهذه المؤسسات في مواجهة الفكر المتطرف، ودعم استراتيجية الدولة في تجديد الخطاب الديني.

على سبيل المثال لا الحصر؛ من أبرز أعمالي في هذا القسم، الحوار المنشور مع الدكتور سعد الدين الهلالي حول دور المؤسسات الدينية في التنوير ومواجهة التطرف بعنوان: «سعد الدين الهلالى فى حوار جرىء.. النبى كان يحكم بالعرف.. وأوصياء الدين يسعون لاستعباد الناس..أمور الإرث ليست من الثوابت.. والميراث قرار شعبى وأهلي وليس ديني».

انحياز للقضية الوطنية ورسالة الوعي

شهدت طوال هذه السنوات كيف أن «البوابة» لا تكتفي بكونها ناقلًا للخبر، بل هي شريك أصيل في خدمة الدولة المصرية وبناء الوعي، وارتكز الدور المهني للجريدة على النزاهة، في حين تمثل دورها الوطني في دعم الاستقرار والوقوف في صف الدولة ومؤسساتها.

إننا في «البوابة نيوز» نؤمن أن الانتماء ليس مجرد شعار، بل هو فعل يومي عبر القلم، فالجريدة التزمت دائمًا بالخط الوطني؛ الذي يرى في مصلحة مصر العليا قضيته الأولى وميثاقه الإعلامي الأبدي، وقد كانت الكلمة في أوراقها دائمًا حارسًا أمينًا للبناء والتنمية.

بيت أول وعهد مستمر ورسالة صحفي عاشق

في الختام، أكرر أن «البوابة» هي بيتي الأول الذي منحني الفرصة لأكون صحفيًا فاعلًا ومؤثرًا، وهي الرمز الذي أتشرف بالانتماء إليه والعمل به، وهذا الحب العميق ينبع من إيمان راسخ بالرسالة التي تقدمها الجريدة، والتزامها بالقيم المهنية والوطنية.

هي الذاكرة، والتجربة، والمستقبل، وهي امتداد لمدرسة القيادة الملتزمة، وهي عهد متجدد على الاستمرار في حمل لواء الكلمة الصادقة، وفي مواجهة كل تحدٍ بقوة الحقيقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق