مايا مرسى تكتب: آية عبدالرحمن.. ليست مجرد صوت

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إن الدعوات لاستبدال الإعلامية آية عبدالرحمن بـ«رجل» فى تقديم برنامج «دولة التلاوة» تبدو وكأنها تغفل عن جوهر دورها المهنى وعن رسالة البرنامج. 

إن آية عبدالرحمن ليست مجرد «مذيعة»، بل هى واجهة ثقافية للبرنامج، وقد أثبتت كفاءة استثنائية تجعلها الخيار الأمثل.

أولًا: الكفاءة المهنية والنوعية للبرنامج.. فهو منصة لعرض فن التلاوة والمنافسة المهنية، والتقييم يجب أن يستند إلى الكفاءة المهنية فى التقديم، وليس إلى جنسها، وقد نجحت آية فى تقديم محتوى دينى وشرعى ثقيل بأسلوب رصين، هادئ، ومريح للمشاهدين، وهو ما أشادت به تقييمات عديدة.

ثانيًا: التخصص وشكل البرنامج «Format»، برنامج «دولة التلاوة» ليس برنامج وعظ تقليديًا، بل هو مسابقة تليفزيونية ذات طابع فنى وفورمات «Format» عالمى يعتمد على التحكيم الدقيق والإدارة الاحترافية للمراحل.. ووجود آية عبدالرحمن، المتمكنة إعلاميًا، يضمن إدارة هذه الفورمات بدقة، ويحافظ على التوازن المطلوب بين هيبة القرآن الكريم وجاذبية التنافس التليفزيونى.. فهى تدير اللحظات الصعبة ولحظات الترقب بمهنية عالية.

ثالثًا: رسالة القوة الناعمة ووجود سيدة تتمتع بالكفاءة ومؤثرة فى تقديم محتوى قرآنى بمثل هذه الأهمية يمثل قوة ناعمة ورسالة مهمة، تؤكد أن المرأة المصرية والعربية شريك أساسى فى الحفاظ على التراث الدينى والثقافى، وتكسر أى صورة نمطية قديمة.

فقد برزت فى مصر قامتان رائدتان فى الإعلام الدينى: الدكتورة هاجر سعد الدين، التى سطرت اسمها كأول سيدة تترأس إذاعة القرآن الكريم، معززة دورها القيادى بتقديم برامج فقهية متخصصة، مثل «فقه المرأة»، امتدت لسنوات طويلة، والإعلامية كاريمان حمزة التى تُعد رائدة البرامج الدينية التليفزيونية، واشتهرت بتقديم برامج ذات تأثير جماهيرى واسع مثل «الرضا والنور»، حيث قدمت ما يزيد على ١٥٠٠ حلقة تليفزيونية، وتميزت بكونها المذيعة التى استضافت كبار علماء الأمة، وفى مقدمتهم الشيخ محمد متولى الشعراوى.. وقد أسست كلتاهما نموذجًا للكفاءة المهنية والمصداقية العلمية للمرأة فى الحقلين الدينى والإعلامى.

التاريخ المصرى يتميز بحضور بارز ومؤثر لتاليات القرآن الكريم، اللاتى عُرفن بـ«الشيخات»، خاصة فى بدايات القرن العشرين، حيث نافسن القراء الرجال فى عذوبة الصوت ومهارة التجويد. 

ومن أبرز الرائدات: الشيخة منيرة عبده والشيخة كريمة العدلية، فهما من أوائل من سُجلت لهن تلاوات وأسماء فى سجلات الإذاعات المحلية. 

وفى هذا السياق التاريخى، يُذكر أيضًا أن كوكب الشرق أم كلثوم كان لها نصيب من هذا الفن فى بدايات حياتها الفنية، حيث كانت تستهل بعض سهراتها بتلاوات قرآنية وتجويد قبل أن تنتقل بشكل كامل إلى الغناء والإنشاد، مما يعكس الأهمية الثقافية والاجتماعية التى كان يوليها المجتمع المصرى لصوت المرأة المُجيدة للتلاوة فى تلك الفترة التاريخية.

وانطلاقًا من النجاح الباهر الذى حققه برنامج «دولة التلاوة» فى إبراز أجيال جديدة من القراء المتميزين، ولتعزيز ريادة مصر التاريخية فى فن التجويد، نقترح فتح باب المنافسة أمام السيدات والفتيات لإنشاء مسار خاص بهنّ ضمن فعاليات المسابقة. 

هذا الاقتراح ليس مجرد دعوة للمساواة وتكافؤ الفرص، بل هو استعادة لجزء أصيل من التراث المصرى، إذ شهد تاريخنا أسماء رائدة لـ«الشيخات» أمثال منيرة عبده وكريمة العدلية.. وإضافة فئة السيدات والبنات ستجعل المسابقة شاملة لكل المواهب القرآنية فى الأمة، وتؤكد أن معيار التنافس الوحيد هو إتقان التلاوة وعذوبة الصوت، ما يمثل خطوة متقدمة تعزز القوة الناعمة لمصر فى خدمة كتاب الله.

ختامًا، فإن استبدال كفاءة مؤكدة بناءً على جنسها ذكر أو أنثى هو خطوة إلى الوراء.. نوجه رسالة شكر وتقدير لمعالى وزير الأوقاف أ. د. أسامة الأزهرى على هذا الاختيار الموفق والمستنير لمقدمة البرنامج، الذى يؤكد أن الكفاءة هى المعيار الوحيد فى صدارة البرامج الثقافية والدينية الوطنية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق