في خضمّ سباق الطاقة الذي لا يهدأ، تواصل مصر شقّ طريقها بثبات نحو تعزيز مكانتها في خريطة إنتاج الغاز، فبين اكتشافات متلاحقة، وبرامج استكشاف مكثّفة، وخطط توسّع طموحة، يسجّل القطاع خطوات جديدة تُعيد الثقة في قدرة البلاد على استعادة زخمها الإنتاجي.
زيادة الإمدادات وتثبيت التوازن بين الإنتاج والاستهلاك
وتكشف بيانات حديثة أن سبتمبر الماضي حمل إشارات إيجابية، تمثلت في ارتفاع ملحوظ –ولو محدود– في إنتاج الغاز، بالتزامن مع توسّع في عمليات الحفر وتطوير الحقول الكبرى مثل ظهر وغرب البرلس، وهذا الحراك النشط يعكس مرحلة انتقالية تسعى فيها مصر لزيادة الإمدادات وتثبيت التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، وسط طموحات تقودها وزارة البترول للوصول إلى مستويات أعلى خلال السنوات المقبلة.
شهد شهر سبتمبر 2025 ارتفاعًا طفيفًا في إنتاج مصر من الغاز الطبيعي، ليصل إلى نحو 4.15 مليار قدم مكعبة يوميًا، مقارنة بـ4.06 مليارات قدم مكعبة خلال أغسطس السابق.
طموحات تقودها وزارة البترول للوصول إلى مستويات أعلى خلال السنوات المقبلة
ويأتي هذا الارتفاع نتيجة لسلسلة من الاكتشافات التي حقّقتها فرق الاستكشاف، إضافة إلى الحوافز التي منحتها الدولة لشركات الطاقة الأجنبية والتزامها بسداد مستحقاتها بانتظام، ما وفّر بيئة مستقرة لزيادة الإنتاج.
وعلى الرغم من هذا الارتفاع الشهري، فإن متوسط إنتاج البلاد خلال الأشهر التسعة الأولى من العام سجّل تراجعًا إلى 4.11 مليارات قدم مكعبة يوميًا، مقارنة بـ4.90 مليارات في المدة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات مبادرة جودي العالمية.
وتُظهر بيانات الربع الثالث من العام 2025 أن إنتاج الغاز تعافى قليلًا مقارنة بالربع الثاني، ليسجل 10.66 مليارات متر مكعب، إلا أنه ظل أقل على أساس سنوي بما يقرب من 1.3 مليار متر مكعب.
يشهد قطاع الغاز المصري نشاطًا غير مسبوق
كما انخفض الاستهلاك المحلي من الغاز المستخدم في توليد الكهرباء والتدفئة، ليبلغ 3.50 مليارات متر مكعب خلال سبتمبر، رغم أنه ارتفع سنويًا مقارنة بالشهر نفسه من 2024، ورغم التحديات، يشهد قطاع الغاز المصري نشاطًا غير مسبوق؛ إذ أُعلن مؤخرًا عن بدء الإنتاج الأولي من حقل غرب البرلس بقدرة 45 مليون قدم مكعبة يوميًا.
كما تم الكشف عن جديد في الصحراء الغربية عبر بئر "جمانة-1"، بإنتاج يصل إلى 36 مليون قدم مكعبة يوميًا، إضافة إلى كشف آخر لشركة بدر الدين بقدرة 16 مليون قدم مكعبة و750 برميل مكثفات يوميًا.
أما حقل ظهر، فأضاف 70 مليون قدم مكعبة يوميًا بعد اكتمال حفر البئر "ظهر-9"، ليواصل الحقل دوره المحوري الذي يمثل أكثر من 23% من الإنتاج الوطني.
وفي الوقت ذاته، أتمت شركة دانة غاز حفر 3 آبار جديدة باحتياطيات تُقدّر بـ15 مليار قدم مكعبة، تمهيدًا لإضافة إنتاج يومي يراوح بين 10 و12 مليون قدم مكعبة نهاية العام.
وتشير الخطط المستقبلية إلى مزيد من التوسع؛ إذ تستعد البلاد لحفر 14 بئرًا استكشافية جديدة في البحر المتوسط خلال 2026، باحتياطيات محتملة تبلغ نحو 12 تريليون قدم مكعبة، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام زيادة الإنتاج الوطني تدريجيًا خلال السنوات القادمة.














0 تعليق