قدّم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة حديثة مع مجلة "إيكونوميست"، رؤية بلاده لمسار التفاوض مع القوى الدولية، مبرزًا موقفًا يقوم على السعي إلى اتفاق قائم على التوازن والاحترام المتبادل، بعيدًا عن أي ضغوط أو إملاءات خارجية.
وجاءت تصريحات الوزير الإيراني في توقيت حساس يشهد تصاعدًا في التوترات الإقليمية والدولية، خصوصًا في ظل التحركات الأميركية واشتداد الخلافات حول الملف النووي والأمن الإقليمي.
ايران لاترفض مبدأ التفاوض
وأوضح "عراقجي" أن إيران لا ترفض مبدأ التفاوض، لكنها تريد إطارًا يضمن مصالحها الوطنية ولا ينتقص من سيادتها.
وشدد على أن التجارب السابقة بيّنت أن أي اتفاق يفتقد للعدالة أو ينحاز لطرف على حساب آخر يكون مصيره التعثر أو الانهيار، مشيرًا إلى أن طهران تبحث عن تفاهم متوازن يراعي المخاوف الأمنية للجميع، ويعيد الثقة المفقودة بين الأطراف.
كما أكد "عراقجي" أن بلاده مستعدة لكل الخيارات في حال فشل المسار الدبلوماسي، مبيّنًا أن إيران طوّرت قدراتها الدفاعية خلال السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، وأن قواتها المسلحة تمتلك اليوم ترسانة صاروخية أكثر تطورًا وتعقيدًا من حيث المدى والدقة والقدرات التشغيلية.
وكشف أن هذه الجاهزية ليست موجهة لشن حرب، وإنما لتعزيز الردع ومنع أي اعتداء يمكن أن يهدد أمن البلاد.
ولفت إلى أن التطوير العسكري ليس بديلاً عن الدبلوماسية، بل هو ضمانة لحماية قرار إيران السيادي، مشيرًأ إلى أن بلاده لا تسعى إلى التصعيد، لكنها لن تتراجع أمام الضغوط، ولن تستجيب لسياسات “الإكراه”، على حد وصفه.
وأضاف أن الطريق الأمثل للاستقرار هو الحوار المبني على الندية، وليس فرض الشروط من طرف واحد.
وتناول الوزير كذلك طبيعة المرحلة الحالية التي تمر بها المنطقة، معتبرًا أنها تتطلب مقاربة أكثر عقلانية من جميع الأطراف.
فالتوترات الممتدة، والنزاعات المفتوحة، وتعدد ساحات الاشتباك، كلها عوامل تجعل من الاتفاقات الجزئية أو الحلول المؤقتة خيارات غير كافية.
وأشار إلى أن إيران مستعدة للانخراط في أي مبادرة تحقق الأمن الجماعي وتحفظ التوازن الإقليمي، شرط أن تكون بعيدة عن المصالح الضيقة وأن تُبنى على رؤية شاملة لمعالجة جذور الأزمات.
كما دعا "عراقجي" إلى إعادة النظر في السياسات الغربية تجاه الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن تجاهل مصالح الدول الإقليمية أو محاولة إخضاعها لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات.
وشدد على أن إيران لاعب محوري لا يمكن تجاوزه في أي ترتيبات أمنية تخص المنطقة، وأن مشاركتها في الحلول ضرورية لضمان استقرار طويل الأمد.
وفي ختام تصريحاته، أعاد الوزير التأكيد على أن إيران منفتحة على اتفاق يحقق المكاسب لجميع الأطراف، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن بلاده لن تقبل باتفاق يُفرض عليها أو ينتقص من قدراتها.
وأوضح أن الجهود الدبلوماسية ستستمر ما دامت تُبنى على الاحترام المتبادل، وأن خيار القوة يظل حاضرًا فقط لحماية إيران إذا تعرضت لتهديد مباشر.
















0 تعليق