أثار سؤال إحدى المتابعات حول وجود عذاب القبر – كما نقلته مها من القاهرة خلال برنامج «فتاوى الناس» – ردًا واضحًا من الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الذي أكد أن البرزخ القبر وما فيه من نعيم أو عذاب هو من عالم الغيب، ذلك العالم الذي لا يُعرف إلا من خلال نصوص الوحي المتمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية، موضحًا في سياق كلامه أن ال قرآن أكد وجود العذاب البرزخي من خلال قوله تعالى عن آل فرعون: «النار يعرضون عليها غدوًا وعشيًا»، وهو دليل لا يحتمل التأويل على ما يلقاه الإنسان بعد الموت وقبل البعث، في مرحلة تتجلى فيها الحقائق بعيدًا عن مظاهر الدنيا.
السنة النبوية وتأكيدها لنعيم القبر وعذابه
وأشار الشيخ إلى أن السنة النبوية الشريفة جاءت بتفصيل أدق، حيث قال النبي ﷺ في حديث صحيح وقاطع: «عذاب القبر حق»، كما وصف القبر بأنه «إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار»، في إشارة إلى أن القبر ليس مقرًا للعذاب فحسب، بل قد يكون رحمة وطمأنينة وروضة للمؤمنين، أي أن الإنسان يصحب أعماله التي تحدد مصيره في ذلك العالم الخفي المرتبط بالبرزخ.
وأورد أمين الفتوى مثالًا من سيرة النبي ﷺ حين مرّ على قبرين وأخبر بأن صاحبيهما يُعذبان، أولهما لأنه كان لا يستبرئ من البول، وثانيهما لأنه كان يسعى بالنميمة بين الناس، وهذا يدل بوضوح على أن المعاصي المتعلقة بالطهارة والغيبة والنميمة ليست بالهينة، بل قد تكون سببًا مباشرًا للعذاب قبل يوم القيامة.
الأعمال التي تقي من عذاب القبر وتخفف عن الميت
وفي حديثه عن النجاة من عذاب القبر، أوضح الشيخ محمد كمال أن الشرع دلّ على أعمال تُنجي الإنسان وتحفظه، أبرزها قراءة سورة الملك كل ليلة، حيث جاء في الأحاديث أنها تشفع لصاحبها وتقيه العذاب، إضافة إلى قراءة سورة الكهف يوم الجمعة لما فيها من نور وهداية، مشيرًا كذلك إلى أثر الصلاة على النبي ﷺ التي تُعتبر بابًا من أبواب النجاة وتحصين النفس، ووسيلة لفتح أبواب الرحمة الإلهية، لأن الإكثار منها يرفع الدرجات ويُصلح القلوب ويُخفف عن المؤمن ما يلقاه في قبره.
بين الخوف والرجاء.. فهمٌ متوازن للحياة البرزخية
وختم الشيخ حديثه بالتأكيد على ضرورة توازن الخطاب الديني بين التخويف والرجاء، فكما أن عذاب القبر حق، فإن نعيمه حق أيضًا، وينبغي ألا يقتصر الوعظ على التحذير فقط، حتى لا يُصاب الناس بالرهبة المطلقة، بل يجب التذكير برحمة الله الواسعة وبأن القبر قد يكون بداية الطمأنينة للمطيعين، ما يفتح أمام المسلمين بابًا واسعًا للأمل والعمل الصالح والاستعداد للحظة اللقاء الأولى مع عالم البرزخ.












0 تعليق