قال الباحث السياسي اللبناني والأكاديمي الدكتور وسام إسماعيل إن لبنان ما يزال يعيش حتى اللحظة تحت تأثير الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، مشيرًا إلى أن هذه الاعتداءات تشكل خرقًا واضحًا لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه مع الدولة اللبنانية في 27 نوفمبر الماضي.
واعتبر إسماعيل في تصريحات خاصة لـ الدستور أن توصيف الواقع الميداني في لبنان لا يزال يدور في إطار “العدوان المستمر”، حيث تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية دون توقف أو التزام بالاتفاقات.
رفع مستوى الاعتداءات او توسيع نطاق الاستهداف
وأوضح إسماعيل أن بعض التقديرات داخل الأوساط السياسية والإعلامية ترى أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن ليس كافيًا لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها، ما قد يدفعه وفق هذه الرؤية إلى رفع مستوى الاعتداءات أو توسيع نطاق الاستهداف ليشمل مناطق أعمق داخل لبنان.
وأضاف قائلاً: “يمكن القول إن هذا الخيار وارد وواقعي، ولكن من الضروري التأكيد على أن السياق الإقليمي وحده هو الذي يحكم المسار، وأن الولايات المتحدة الأميركية هي الجهة التي تحدد السقف الأعلى الذي يُسمح لإسرائيل باعتماده في أي تصعيد محتمل”.
وأشار إسماعيل إلى وجود “هجمة واضحة وممنهجة” تستهدف الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وفي مقدمتها الجيش اللبناني ورئيس الجمهورية، معتبراً أن الهدف من هذه الهجمة هو دفع الجيش إلى احتكاك مباشر مع المقاومة اللبنانية بما يؤدي إلى انفجار داخلي أو إشعال حرب أهلية.
وقال إن هذا السيناريو يمثل “الأسوأ على الإطلاق”، لأنه يعكس عجز إسرائيل عن تنفيذ مخططاتها بأدواتها العسكرية المباشرة، خاصة بعد صمود المقاومة طوال الفترة الماضية وفشل الخيار العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة.
وتابع الباحث السياسي قائلاً إن هناك سيناريوهات أخرى يجري الحديث عنها، من بينها فرض عقوبات اقتصادية ومالية على لبنان ومحاولة خنقه داخليًا، لكنه أشار إلى أن هذا الخيار “غير مضمون النتائج”، وذكر أن المقاومة في لبنان استطاعت خلال عام كامل من الضغوط الاقتصادية والحصار أن تقدّم للشعب اللبناني ما يقارب مليار دولار في إطار التعويض عن الأضرار وبدل الإيواء، ما منحها قدرة على تخفيف حدة الأزمة على المواطنين وامتصاص جزء من الضغوط الاقتصادية الخارجية.
ويرى إسماعيل أن لبنان يواجه “موجه واسعة من الخيارات السيئة”، وأن أخطرها يبقى احتمال تنفيذ حرب إسرائيلية شاملة، مشيراً إلى أن هذا السيناريو رغم صعوبته لا يلغي خطورة السيناريوهات الأخرى، سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية، إذ إن جميعها تهدف على حد قوله إلى “إسقاط لبنان، تفجير لبنان، تقسيم لبنان، وإلغاء لبنان”.
وشدد إسماعيل على أن النقاش اليوم لا يجب أن يتمحور حول الخيارات المتاحة أمام إسرائيل، لأن جميع هذه الخيارات تملك طابعًا عدوانيًا ضد لبنان، بل يجب التركيز على الخيارات التي يمتلكها لبنان نفسه لتعزيز قوته ومنع انهياره.
واعتبر أن الوحدة الوطنية تمثل ركيزة أساسية في حماية البلاد، إلى جانب تمسّك الجيش اللبناني بخياراته السيادية، وعدم السماح لأي جهة خارجية بجرّه إلى مواجهة داخلية.
ودعا “إسماعيل” إلى عدم الاستسلام للرؤية الأميركية، التي كانت تُسوّق نفسها طوال سنوات بأنها “داعمة للبنان”، قبل أن تتحول وفق تعبيره إلى طرف يسعى لفرض حصار على الدولة، وخصوصًا على الجيش اللبناني الذي يحتاج إلى دعم وليس إلى قيود جديدة.
وأكد أهمية التمسك بالعمق العربي الذي لطالما وقف إلى جانب قضايا المنطقة، في مقابل “عمق آخر” تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل تشكيله لفرض رؤيتهما على لبنان والمنطقة.
واختتم إسماعيل تصريحه بالتأكيد على أن لبنان يمتلك خيارات قوة حقيقية، وأن الوحدة الداخلية والتمسك بالسيادة والتوازنات الإقليمية هي عناصر كفيلة بإسقاط أي مشروع يستهدف استقرار البلاد أو يهدد وجودها السياسي والاجتماعي.















0 تعليق