تحل اليوم ذكرى مرور 114 عامًا على ميلاد المفكر القانوني والسياسي الدكتور مصطفى الحفناوي، المولود في 20 نوفمبر عام 1911، وهو الجندي القانوني الخفي وراء تأميم قناة السويس، حمل الحفناوي مسيرة فكرية وقانونية كان لها أثر بالغ في واحدة من أهم معارك الاستقلال الوطني في القرن العشرين، وهي رحلة تأميم القناة.
التعليم
بدأت رحلة الحفناوي التعليمية متأخرة؛ إذ التحق بالتعليم النظامي في سن العاشرة بعد أن أتم حفظ القرآن في الكتّاب، ثم واصل دراسته حتى التحق بكلية الحقوق عام 1935، وخلال سنوات دراسته انتمى إلى الحزب الوطني الذي أسسه الزعيم مصطفى كامل، وبرز اسمه مبكرا أثر معاهدة 1936 حين أصدر كتابا فنّد فيه بنود المعاهدة وانتقد ما تمثله من قيود على السيادة المصرية.
جمع “الحفناوي” بين العمل السياسي والصحافي والمحاماة، فيما واصل دراساته العليا في كلية الحقوق، مركزا اهتمامه على قضية قناة السويس ووضعها القانوني، وهو الملف الذي أصبح محور حياته العلمية. وفي عام 1946 عمل محاميا بشركة قناطر إسنا، ثم تولى منصب المستشار الصحفي بالسفارة المصرية في باريس، وهو الموقع الذي أتاح له الوصول المباشر إلى أرشيف الشركة العالمية لقناة السويس ووثائقها الأصلية، الأمر الذي أكسبه معرفة تفصيلية نادرة بأسرار المجرى الملاحي وتاريخه القانوني.
معركة تأميم القناة
ومن هذا الموقع، دعا الحفناوي إلى إنشاء وزارة خاصة بالقناة وتأسيس مكتب يتبع رئاسة مجلس الوزراء داخل مجلس الشيوخ، في إطار رؤيته لترسيخ السيادة المصرية على القناة، وتعد مؤلفاته، وفي مقدمتها كتاب "قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة"، من أهم المراجع التي تناولت هذا الملف، وقد اعتمد عليها الرئيس جمال عبد الناصر في مختلف مراحل التخطيط لعملية التأميم.
وتشير المصادر الموثوقة إلى أن علاقة الحفناوي بالرئيس جمال عبد الناصر كانت علاقة ثقة مباشرة؛ ففي 28 يونيو 1954 قدّم الحفناوي تقريرًا سريًا إلى عبد الناصر يكشف خطة غربية لتدويل القناة.
وفي 23 يوليو 1956، استدعاه عبد الناصر على وجه السرعة بطائرة خاصة الى القاهرة ليطلعه على قرار التأميم، مؤكدا تقديره لدوره العلمي ووصفه بأنه "جزء من التاريخ"، وكلفه عبد الناصر بصياغة النص القانوني لقرار التأميم، فصاغ الحفناوي الصيغة النهائية التي أعلنت للعالم ليلة الـ 26 من يوليو 1956.
وبعد نجاح عملية التأميم، عُين “الحفناوي” عضوًا في مجلس إدارة هيئة قناة السويس ومستشارًا قانونيًا للشركة المصرية، وتولى الدفاع عن مصر في القضايا التي رُفعت ضدها في العواصم الأوروبية، وفي عام 1957 أصدرت هيئة القناة موسوعته الضخمة عن القناة في أربعة أجزاء، اعترافًا بدوره العلمي والوطني المؤسس.
وتأتي الذكرى الـ 114 لميلاد مصطفى الحفناوي لتعيد التذكير برجل لم يكن مجرد باحث قانوني، بل عقل وطني انتقل بمعرفته من الكتب إلى الفعل التاريخي، وقدم لمصر واحدة من أكثر التجارب القانونية تأثيرًا في القرن العشرين.













0 تعليق