يثبت الواقع الذي نعيشه أن الخيارات الوفيرة والمتعددة ليست حرية أو رفاهية، فخلال رحلة اختيار ما نرتديه، إلى تقرير ما سنتناوله لوجبة الإفطار، مرورًا بتصفح مئات القنوات التلفزيونية، تُستهلك طاقتنا الذهنية في سلسلة لا تنتهي من القرارات البسيطة، وتُعرف هذه الظاهرة في علم النفس باسم "إجهاد الاختيار" (Decision Fatigue)، وهي حالة نفسية تؤدي إلى ضعف قدرتنا على اتخاذ قرارات هامة وذات مغزى في وقت لاحق من اليوم، مما يجعلنا نميل إلى التفكير السطحي أو التسويف.
وللتغلب على هذا التحدي العصري، الذي يُصيب القادة والناس العاديين على حد سواء، ينبغي تبني منهجية التبسيط، وفقًا لما نشرته المجلة الأمريكية لعلم النفس (The American Journal of Psychology).
استراتيجة فعالة لتجنب اجهاد الاختيار
أنشئ روتينًا صارمًا لقرارات الصباح
ابدأ يومك بالحد من عدد القرارات التي تتخذها قبل الانخراط في العمل الفعلي، لشا طبق مبدأ "التوحيد" على اختياراتك الصباحية، وجهز ملابسك لليوم التالي قبل النوم.
اعتمد وجبة إفطار ثابتة أو متناوبة بين خيارين فقط (مثل الشوفان أو البيض). يُمكن لهذه الأفعال البسيطة أن توفر قدرًا كبيرًا من "الطاقة المعرفية" (Cognitive Energy) التي كان من الممكن أن تُستنفد في التفكير بأمور غير مهمة، مما يُمكنك من تخصيص هذه الطاقة للمهام الأكثر تعقيدًا وإبداعًا.
اعتمد تقنية "التفويض الداخلي"
عَيّن قواعد داخلية أو أنظمة افتراضية لمعظم قراراتك المتكررة، واجعل شراء البقالة يتم في يوم محدد ووفق قائمة ثابتة، ثم حدد ميزانية أو سقفًا زمنيًا لاختيار فيلم لمشاهدته، أو كتاب لتقرأه.
يُمكن استخدام قوائم جاهزة لخيارات الغداء اليومية المتاحة لديك، حيث تُساعد هذه القواعد على "تفويض" القرار إلى النظام بدلاً من العقل الواعي، مما يُحرر مساحة التفكير لاتخاذ قرارات العمل أو الحياة الأكبر والأكثر أهمية.
مارس "التنظيف المرئي" لمحيطك
تُشير الأبحاث إلى أن المحيط المزدحم بصريًا يُعد مصدرًا ثابتًا لإجهاد الاختيارات ياقلل من الفوضى في مكتبك ومنزلك، واجعل البيئة المحيطة بك بسيطة ومنظمة، وابعد العناصر التي تُثير التساؤلات غير الضرورية (مثل مجموعة كبيرة من أدوات التجميل أو الكتب غير المقروءة) عن مساحة العمل الرئيسية.
كما يُساهم هذا التنظيف المرئي في تهدئة الجهاز العصبي، مما يقلل من المدخلات الحسية التي تتطلب معالجة مستمرة وبالتالي تقليل الإجهاد الإجمالي.
طبق قاعدة "الجودة لا الكمية"
ركز على الاستثمار في عدد قليل من الأشياء ذات الجودة العالية، بدلاً من امتلاك كمية كبيرة من الخيارات، فعلى سبيل المثال، شراء ثلاث قطع ملابس كلاسيكية ذات جودة ممتازة يُقلل من الحاجة لاتخاذ قرار يومي حول الملابس، بدلاً من امتلاك عشرين قطعة رخيصة تجعلك في حيرة، حيث تُساعد هذه القاعدة في تبسيط الحياة المادية وتقليل الضغط النفسي المرتبط بالاستهلاك المفرط.






0 تعليق