قبل غلق باب الترشح، تقدمت «القائمة الوطنية من أجل مصر» بأوراق ترشحها لانتخابات مجلس النواب في القاهرة وجنوب ووسط الدلتا، وضمت 100 مرشح عن محافظات القاهرة والقليوبية والدقهلية والغربية.
وجاء من بين أبرز الأسماء في قائمة القاهرة «زينب بشير»، مهندسة الاتصالات وخريجة جامعة القاهرة، ورئيسة مؤسسة «بنحبك يا مصر للتنمية»، والقيادية في أمانة القاهرة بحزب الجبهة، والسيدة الشهيرة بجهودها الكبيرة في العمل الخيري خلال السنوات الماضية، والتي تحرص على المشاركة في العديد من الفعاليات المحلية والدولية.
ولكن ما هو الوجه الآخر للمهندسة زينب بشير بعيداً عن الظهور الرسمي؟ ما سر تفوقها ونشاطها الذي لا يتوقف؟ ولماذا هجرت مدرجات الجامعة حيث كانت تعمل معيدة لتنطلق في العمل الإنساني؟
ماذا عن الأشخاص الذين تأثرت بهم في حياتها، وما هي فلسفتها في الحياة؟
في هذا التقرير نقترب من الحياة الخاصة للمهندسة زينب بشير، لنتعرف على دور الأب والأم والزوج في مسيرتها الطموحة، وإصرارها على إشراك ابنها وابنتها في الأعمال الإنسانية لتغذي بداخلهم الروح الاجتماعية والوطنية.
من قاعات الهندسة إلى العمل المجتمعي
من قاعات كلية الهندسة بجامعة القاهرة، حيث كانت معيدة تتلمّذ على يد والدها الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد الله، إلى تأسيس مؤسسة «بتحبك يا مصر» التنموية، تخطو زينب بشير بثقة إلى البرلمان لتعبر تحت قبته عن كل طموحات وآمال المرأة المصرية في كافة المحافظات المصرية.
لم يكن التحول في مسيرة زينب بشير وليد مصادفة، بل ثمرة قناعة داخلية، حيث آمنت مبكراً بأن العطاء للمجتمع لا يقل شأناً عن التفوق الأكاديمي.
الأسرة.. الجذور التي صنعت الطموح
درست زينب بشير الهندسة لتسير على خطى والدها المهندس الاستشاري والأستاذ الجامعي الدكتور محمد أحمد عبد الله، الذي رأس قسم العمارة والتخطيط بكلية الهندسة وشارك في مشروعات تخطيط عمراني كبرى داخل مصر وخارجها، ونال جوائز عدة من الجامعات العربية والأمم المتحدة.
أما والدتها، خريجة كلية التجارة التي كرست حياتها للأسرة، فقد كانت مصدر الدفء والتوازن والحكمة في حياة زينب، التي تعترف بأن نجاحها ثمرة دعاء أمها وصبرها.
من التدريس إلى التنمية
تخرجت زينب بشير في كلية الهندسة جامعة القاهرة قسم الاتصالات بتفوق، وعملت معيدة في الكلية، لكنها سرعان ما أدركت أن ارتباطها بالعمل الأكاديمي يقيد حلمها الأكبر، وهو خدمة المجتمع، فاختارت أن تقدم استقالتها رغم صعوبة القرار، لتنطلق في طريق آخر رسمته بإيمانها لا بتخطيط مسبق.
بدأت العمل الخيري بجهود فردية محدودة، بلا دعم ولا مظلة مؤسسية، مدفوعة فقط بقناعة أن خدمة الناس رسالة لا تحتاج إلى انتظار فرصة. ومع مرور الوقت، استطاعت تكوين فريق عمل صغير، وبدأت تضع رؤية واضحة لمشروعاتها، فكانت تلك البذرة الأولى لمؤسسة «بنحبك يا مصر».
"بنحبك يا مصر".. حلم يتحقق
في عام 2020، رأت المؤسسة النور رسمياً بعد إشهارها بوزارة التضامن الاجتماعي تحت رقم (944) وفقاً لقانون تنظيم العمل الأهلي الجديد، وحملت المؤسسة منذ البداية هدفاً محدداً هو المساهمة في تنمية الإنسان المصري والارتقاء بالمجتمع عبر مشروعات تنموية تمتد إلى كل محافظات الجمهورية، وكانت البداية في مناطق الدلتا والصعيد والمناطق العشوائية، بمجهودات ذاتية من مؤسسيها، قبل أن تتسع دائرة نشاطها بالتعاون مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
القوافل والمبادرات الميدانية
ومن أبرز محطات العمل الميداني للمؤسسة، ما نُفذ بالتعاون مع محافظة جنوب سيناء وجامعة الملك سلمان، حيث أطلقت قوافل طبية وخدمية استمرت لثلاثة أيام تحت عنوان «قافلة الملك سلمان»، شاركت فيها 25 مؤسسة خيرية، وبرعاية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
لم تكن القافلة مجرد نشاط خيري تقليدي، بل منصة لتوعية طلاب الجامعة بأهمية العمل التطوعي والمجتمعي، وتأكيد قيمة التواصل الإنساني في بناء مجتمع قادر على النهوض بنفسه.
من القاهرة إلى "كان"
لم يقتصر نشاط زينب على الداخل، فقد دُعيت رسمياً لزيارة مهرجان «كان» السينمائي العالمي، حيث التقت عدداً من صُنّاع السينما من مختلف الدول ووقّعت بروتوكول تعاون مع إحدى أبرز شركات الإنتاج هناك، في خطوة هدفت إلى تعزيز التعاون الثقافي والفني بين مصر وأوروبا.
ورأت في التجربة نافذة للتعارف وتبادل الخبرات أكثر منها حضوراً بروتوكولياً، معتبرة أن الثقافة والفن شريكان أساسيان في عملية التغيير الاجتماعي.
رؤية متوازنة للمرأة المصرية
في حديثها عن المرأة المصرية، تؤكد زينب أن السنوات الأخيرة شهدت تحولاً نوعياً في تمكين المرأة ودعم مشاركتها في مواقع القيادة، من الوزارات إلى البرلمان ومجالس الإدارة. لكنها ترى أن الطريق ما زال يحتاج إلى جهد أكبر لتغيير بعض المفاهيم الاجتماعية، ودعم تمكين النساء في القرى والمناطق النائية، وتعزيز مهاراتهن في التكنولوجيا والتحول الرقمي، بما يضمن لهن مشاركة فاعلة في التنمية.
الهندسة كفلسفة حياة
أما أسلوبها في التفكير فظل متأثراً بروح الهندسة، فهي تؤمن أن «الهندسة أسلوب حياة» كما تصفها. فالدقة في التفاصيل، والقدرة على إدارة الأزمات واتخاذ القرار السريع، سمات اكتسبتها من دراستها الأكاديمية وساهمت في نجاحها في إدارة العمل الأهلي.
الأسرة الصغيرة.. دعم لا ينتهي
أما في حياتها الشخصية، فتقول إن زوجها حافظ بشير، رجل الأعمال في قطاع التنمية، هو «الحب والاحتواء والصديق والأستاذ»، ويمثل الدعامة الأساسية في مسيرتها، بوصفه المستشار الدائم في خطواتها، ودعمه المستمر الذي منحها الثقة للمضي في تحقيق مشاريعها المجتمعية.
كما تحرص زينب على إشراك أبنائها محمد وعائشة في أنشطة المؤسسة، معتبرة أن حب الوطن والعمل الخيري لا يُغرس بالكلمات بل بالممارسة. رافقها محمد في إحدى القوافل إلى جنوب سيناء، حيث تفاعل مع أطفال البدو وأهداهم حقائب مدرسية، في تجربة تركت أثراً إنسانياً عميقاً فيه.
حلم مستمر لبناء الإنسان
تطمح زينب بشير إلى أن تصل مؤسسة «بنحبك يا مصر» إلى كل قرية ومدينة، لتكون نموذجاً للعمل الأهلي المستدام القادر على بناء الإنسان قبل الحجر، فالبنسبة لها، التنمية ليست مشروعاً ينتهي بتوزيع المساعدات، بل رحلة وعي تمتد عبر الأجيال، قوامها الإيمان بالقدرة على التغيير، والعمل المخلص من أجل وطن «تحيا به مصر دائماً وأبداً»، كما تقول.
زينب بشير الآن تخطو بثبات إلى قبة البرلمان لتثبت لتكون صوت يعبر عن طموح كل امرأة مصرية تحلم بوطن يحقق لها كل ما تتمناه.












0 تعليق