تدرس مجموعة بورصة اليابان (Japan Exchange Group)، المشغّلة لبورصة طوكيو، إجراءات تنظيمية جديدة تستهدف شركات تكديس العملات المشفرة، بعد موجة من الخسائر التي طالت أسهم الشركات اليابانية المتجهة نحو الاستثمار في "بتكوين" وأصول رقمية أخرى.

وفق مصادر مطلعة، تبحث البورصة تطبيق قواعد أكثر صرامة للإدراج غير المباشر، وإخضاع الشركات المعنية لتدقيق جديد حول أنشطتها الاستثمارية في الأصول الرقمية، في محاولة لحماية المستثمرين من المخاطر المتزايدة المرتبطة بتقلبات سوق العملات المشفرة.

خسائر حادة تضرب شركات خزانة الأصول الرقمية

منذ منتصف العام، شهدت الشركات اليابانية التي تكدّس العملات المشفرة انخفاضات حادة في أسهمها، أبرزها شركة "ميتا بلانيت" (Metaplanet) التي تحولت من نشاطها الفندقي إلى الاستثمار في "بتكوين"، حيث تراجعت أسهمها بأكثر من 75% منذ ذروة يونيو الماضي، بعد ارتفاع قياسي تجاوز 400%.

كما انخفضت أسهم "كونفانو" (Convano)، وهي شركة تجميل تسعى لشراء أكثر من 21 ألف بتكوين، بنسبة 60% منذ أغسطس، فيما تراجعت شركات أخرى مثل "بتكوين جابان" (Bitcoin Japan) بنحو 12%.

حماية المستثمرين والحوكمة الصارمة

أوضحت بورصة طوكيو في بيان رسمي أنه لا توجد قوانين شاملة تمنع الشركات المدرجة من تكديس العملات المشفرة، لكنها تراقب الأنشطة التي تُثير "مخاوف من منظور المخاطرة والحوكمة" لحماية المساهمين والمستثمرين.

وبحسب مراقبين، تسعى "جابان إكستشينج غروب" إلى منع استخدام السوق اليابانية كمنصة للمضاربة غير المستقرة في العملات الرقمية، خصوصًا بعد أن شهدت المنطقة الآسيوية مواقف مشابهة من بورصات هونغ كونغ وكوريا الجنوبية تجاه الشركات التي تحوّل نشاطها بالكامل إلى خزانة أصول رقمية.

أسباب ازدهار ظاهرة تكديس العملات المشفرة في اليابان

يُعزى تنامي ظاهرة تكديس العملات المشفرة بين الشركات اليابانية إلى تراجع العوائد التقليدية في الأسواق المالية وبحث الشركات الصغيرة عن بدائل استثمارية أكثر ربحية في ظل بيئة فائدة منخفضة تاريخيًا. كما لعب الارتفاع القياسي في أسعار "بتكوين" خلال النصف الأول من 2024 دورًا في جذب موجة من الشركات غير المتخصصة في التكنولوجيا نحو الاستثمار المباشر في الأصول الرقمية.

ويرى محللون أن هذا التوجه نابع من رغبة بعض الشركات في تحسين قيمتها السوقية سريعًا عبر الارتباط بالقطاع الأكثر سخونة عالميًا، غير أن المخاطر العالية وتقلبات الأسعار جعلت العديد منها تواجه تراجعات حادة بعد فترة قصيرة من الصعود.

تأثير القرارات المحتملة على السوق اليابانية والعالمية

في حال تبنّت بورصة طوكيو قيودًا رسمية ضد شركات تكديس العملات المشفرة، فقد يؤدي ذلك إلى إعادة رسم خريطة الاستثمار المؤسسي في الأصول الرقمية داخل آسيا، خصوصًا أن اليابان تُعدّ واحدة من أكثر الأسواق انفتاحًا على العملات المشفرة منذ تشريعها عام 2017.

ويتوقع خبراء أن تؤدي الإجراءات الجديدة إلى تعزيز ثقة المستثمرين المؤسسيين وجذب رؤوس أموال طويلة الأجل تبحث عن بيئة أكثر استقرارًا، مع احتمال انكماش عدد الشركات المضاربة قصيرة الأجل التي دخلت السوق لتحقيق مكاسب سريعة.