توقّع بنك "يو بي إس" الأمريكي في تقريره الصادر اليوم أن الإنفاق العالمي على مشروعات الذكاء الاصطناعي سيقفز إلى أكثر من نصف تريليون دولار بحلول عام 2026، مدفوعاً بـ"أساسيات قوية" ونمو مطّرد في الطلب على قدرات الحوسبة التي تشكل العمود الفقري لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة.
ووفقاً لتقديرات البنك، فإن الإنفاق الرأسمالي العالمي على هذا القطاع الحيوي سيصل إلى 423 مليار دولار في عام 2025، قبل أن يرتفع إلى 571 مليار دولار في عام 2026، في مراجعة صعودية لتوقعاته السابقة التي بلغت 375 و500 مليار دولار على التوالي، بحسب ما نقلته منصة "إنفيستنج" الاقتصادية المتخصصة.
1.3 تريليون دولار في الأفق.. نمو متسارع يقود ثورة تكنولوجية
وأشار التقرير إلى أن الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي سيواصل اتجاهه التصاعدي ليصل إلى 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 25% خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يعكس اتساع قاعدة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الاقتصادية حول العالم.
ويرى البنك أن هذا النمو المدفوع بالابتكار التكنولوجي سيؤدي إلى إعادة تشكيل خريطة الاستثمار العالمي، إذ أصبحت الشركات تتسابق على تطوير البنية التحتية الرقمية والحوسبية القادرة على تشغيل النماذج الضخمة للذكاء الاصطناعي.
صفقات كبرى تؤكد الزخم العالمي
وسلّط البنك الضوء على سلسلة من الصفقات الضخمة التي تجسّد هذا الزخم المتسارع، من أبرزها الاتفاق الذي أبرمته شركتا "أمازون" "أوبن إيه آي" (المطورة لنموذج "شات جي بي تي") الأسبوع الماضي، بقيمة 38 مليار دولار لمدة سبع سنوات.
كما أعلنت "مايكروسوفت" عن خطة لشراء قدرات حوسبة بقيمة 9.7 مليار دولار لدعم توسّعها في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وأكد "يو بي إس" أن هذه الصفقات "تعكس الحاجة المتزايدة لقوة الحوسبة"، مشيراً إلى أن الطلب تجاوز التوقعات في ظل تزايد تعقيد التطبيقات الجديدة، وأن وتيرة تحقيق العائدات تسير بسرعة قياسية.
أرقام مذهلة من جوجل وميتا
وكشف التقرير عن بيانات مثيرة تظهر تضاعف استهلاك موارد الحوسبة بشكل غير مسبوق، حيث سجلت منصة "جيمناي" التابعة لشركة جوجل زيادة بمقدار 130 مرة خلال 18 شهراً فقط في استهلاك رموز الذكاء الاصطناعي، بينما واصلت شركة "ميتا" (فيسبوك سابقاً) توسيع احتياجاتها الحوسبية بشكل ملحوظ، متجاوزة توقعاتها الداخلية.
قوة مالية هائلة تدعم سباق الاستثمار
ورغم ارتفاع التكاليف التشغيلية، يؤكد "يو بي إس" أن شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى ما زالت تمتلك قدرات مالية قوية تتيح لها الاستمرار في الإنفاق المكثف على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
فقد تضاعفت كثافة الإنفاق الرأسمالي تقريباً إلى 20.8% خلال السنوات الخمس الماضية، ويتوقع أن تصل إلى 27% بحلول عام 2030، ما يعكس مدى التزام هذه الشركات بقيادة التحول العالمي نحو الاقتصاد الذكي.
نصيحة استثمارية: أسهم الذكاء الاصطناعي ستقود الأسواق
وفي ختام تقريره، أوصى البنك المستثمرين بضرورة زيادة انكشافهم على قطاع الذكاء الاصطناعي، معتبراً أن أسهم هذا القطاع ستكون المحرك الأساسي لأسواق البورصة العالمية خلال السنوات القادمة.
وقال البنك إن المستثمرين الذين لا يملكون مراكز قوية في هذا المجال ينبغي أن يعتمدوا نهجاً استثمارياً متنوعاً للاستفادة من فرص النمو الهائلة التي يتيحها هذا القطاع الثوري.
وفي ذات السياق يرى محللون أن هذه التوقعات تعكس تحوّلاً هيكلياً في الاقتصاد العالمي، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أعمدة القوة الاقتصادية الجديدة، يوازي في أهميته ثورات التكنولوجيا السابقة مثل الإنترنت والهواتف الذكية.
وبينما تتسابق الدول والشركات لقيادة هذا التحول، يبدو أن السنوات المقبلة ستشهد سباقاً تريليونياً على العقول والقدرات الحوسبية، عنوانه: “من يمتلك الذكاء الاصطناعي... يمتلك المستقبل.















0 تعليق