تحل اليوم ذكرى ميلاد برام ستوكر مؤلف الشخصية الأشهر في عالم الرعب دراكولا، والذي ولد في مثل هذا اليوم من عام 1847 وهو مبتكر دراكولا، الشخصية الأشهر في عالم الرعب.
كيف اكتشف برام ستوكر دراكولا؟
في مقال نشرته مجلة الهلال تحت عنوان "دراكولا بين الرواية والتاريخ"، ذكر فيه، بعد أربعمائة سنة لم يعش فيها دراكولا إلا في الأساطير والحكايات الشعبية والأغاني التي تتغنى بها بلاده نسي الغرب ذكرى هذا الرجل الذي جاوزت شخصيته كل حدود الشر،
ولكن لم يلبث أن استرد الأمير شهرته على يد برام ستوكر وذلك في أواخر القرن التاسع عشر، وستوكر هو مواطن ايرلندي كان لك شيء يؤهله لان يكون موظفا عاديا ولكنه قام بإخراج دراكولا من غبار الماضي، فقد أولع بقصص مصاصي الدماء وهو يقرا روايات كاربيلا وجوزيف شريدان ليفانو، ومنذ ذلك الوقت عكف على جمع كل ما يصل إليه من مستندات عن مصاصي الدماء.
ومن تلك الوثائق والمستندات والخرائط القديمة والمخطوطات ولد دراكولا من جديد عام 1897، بتوقيع الكاتب الأيرلندي برام ستوكر، وأصبحت روايته اشهر رواية رعب وترجمت إلى جميع اللغات تقريبا، لكن اسطورة مصاص الدماء تجاوزت شهرتها كل شيء، فالتقطتها السينما لتصنع منها عشرات الأفلام، وتصبح سيرة مصاص الدماء قادرة على بث الرعب في قلب كل مشاهد، وتم تخليد الأسطورة لتكون واحدة من أشهر الأساطير على الإطلاق.
قصة دراكولا
لا أحد يعرف سيرة طفولة الأمير الشاب فلاد الرابع، لكن من سيرته أن الاتراك في عام 1443 قاموا بأسره، ونقل إلى المعتقل في اجريجوز بآسيا الصغرى هو واخوه رادر، وكان دراكولا، في الثانية عشرة من عمره عندئذ، فقد استطاع فلاد الثالث المعروف باسم الشيطان، بعد أن ترك ولديه رهينتين، أن يتمكن من الهرب وأن ينجو بحياته بطريقة ما.
ومن المؤكد ان الفتى دراکولا، تعلم اثناء فترة الاعتقال ازدراء كل حياة بشرية وتعلم الحذر والغش والخداع، والاستهتار وشهادة سجانيه الاتراك تظهره لنا أميرا شابا مخاتلا وماكرا وعنيفا وفاسدا متقلبا بصورة غريبة الى درجة أنه كان يثير رعب وخوف سجانيه أنفسهم.
وفى سنة ١٤٤٧ قتل فلاد الثالث، ودفن ابنه الأكبر ميرسيا وهو على قيد الحياة وكان «دراكولا قد بلغ السادسة عشرة من عمره، فهل تکفی هاتان الواقعتان لتفسير التصرف المقبل لذلك الأمير الدموى كلا طبعا، ولكن ليس هناك ما يسمح بإلقاء أي ضوء على هذا الأمير الذي يجسد الشر بكل صوره، وحتى بعد أن مات - دراكولا، في سنة ١٤٧٦ وهو يقاتل الاتراك، بعد أن ظل اسير الهنغاريين عشر سنوات بدا ان سره يزداد غموضا عن ذي قبل. وعندما مات دراكولا قطع الاتراك راسه وارسلوها الى القسطنطينة حيث ظلت معروضة على وتد لكي يعلم الجميع انه بموت الأمير يختفى واحد من اشد اعداء الدول العثمانية خطرا وباسا والواقع انه عندما اعتلى فلاد الرابع العرش كانت "فلاكيا" خاضعة لسلطان الدولة العثمانية كما كانت مولدانيا وترانسلفانيا.
وكان أول عمل رسمى له هو أن طالب بخضوع بيتر ملك ترانسلفانيا والكسيس ملك فلاكيا لتوحيد الامارات الثلاث الى إمارة واحدة لكي تستطيع مقاومة تركيا، واذ رفض بيتر خوزقه فلاد، وعلى الفور خضع الآخر له، وحكم فلاد الرابع منذ ذلك الوقت الامارات الثلاث، ولهذا يلقبه بعض المؤرخين بأنه أول ملك الرومانيا.
واستخدم فلاد الرابع أو دراكولا وسائله القاسية لكي يسود النظام على أرضه البلقانية ولكي يقاوم الأتراك في نفس الوقت، وكانت معاركه الأولى التي انتصر فيها عليهم، ثم حرب العصابات التي قادها عندما استعاد الأتراك سيطرتهم على البلاد قد اكسبته احترام ملوك الغرب المسيحي، وما زال أهالى رومانيا المسيحيين يعتبرونه بطلا وطنيا.
وبعد أن مات دراكولا نقبل بعض الرهبان جثته ودفنوها بعيدا تحت صخرة لا يمكن تمييزها من غيرها، ولكن جثة الامير اختفت تماما، وعندما فتح خ ج. فلورسكو وعالم الاثار الدكتور روسيتى القبرين الموجودين في كنيسة دير سناجوف وجدا في أحدهما عظاما غير آدمية وفي الآخر تابوتا امتدت اليه يد التلف التام بداخله هيكل بشرى في حالة سيئة جدا، كما وجدا فيه بضعة أشياء أخرى اختفت كلها بعد أن عرضت فترة في معهد تاريخ بوخاریست.
ويقول فلورسكو أن الهيكل البشرى هو هيكل فلاد، ولكن اكتشافهما هذا لم يستطع أن يحطم الاسطورة التي نشأت في القرن التاسع عشر والتي تقول ان قبر دراکولا كان فارغا، ويقول الخيال الشعبي ان الأمير الدموى ان مات انضم الى شرذمة مصاصي الدماء الذين حكم عليهم أن يعيشوا في حالة ابدية بين الحياة والموت.
الشبح في القصر الملعون
أما قصر دراکولا، بالذات فلم يعد اليوم غير مجرد ذكرى، ولكن يجب قبل كل شيء ان نسرد قصته، وهى قصة مذهلة، فعندما أعتلى دراکولا، عرش فلاكيا حاول طبعا ان يعرف الظروف التي أحاطت بموت أبيه كان اخواه دراكول وميرسيا قد ماتا، ولم ينس الدور الذي لعبه النبلاء في موت أخويه وكان قد خوزق قبل ذلك بضع مئات في فناء قصره عندما علم أنهم بعد أن اعتقلوا أخاه ميرسيا دفنوه وهو على قيد الحياة، وعندئذ جن جنونه وترك العنان لغضبه أمام خدمه المذعورين، وأقسم أن ينتقم أبشع انتقام بحيث تبقى ذكرى القصاص ماثلة في الأذهان على مر القرون.
وكان ان دعا في يوم عيد الفصح كل رعاياه، ابتداء من العبيد الى النبلاء وبعد الوليمة الضخمة التي قدمها الأمير استولى على المدعوين خدر لذيد، وفى الليل أمر دراکولا، حراسه بان يقبضوا على النبلاء، وكان عددهم ثلاثمائة، ولم يلبث ان اوثق قيادهم وضم اليهم زوجاتهم واولادهم، وسلك الجميع طريق بويناري حيث بلغوها بعد يومين في مسيرة شاقة متعبة، ولا يعلم أحد كم من الوقت استمر بناء القلعة، ولكن النبلاء لم يلبثوا ان تساقطوا الواحد بعد الآخر وماتوا من التعب والبرد والجوع وهم يبنونه، واليوم لم يبق من القلعة الشاملة الا ذكرى بعيدة باهتة.
وفي ١٣ يناير سنة ١٩١٣، في نحو الساعة التاسعة والربع دمر زلزال عنيف البرج الرئيسي للقصر وتساقطت أحجاره، وأخيرا وقعت هزة أرضية أنت على البقية التي كانت لا تزال موجودة منه؟.

















0 تعليق