الجمعة 07/نوفمبر/2025 - 02:55 م 11/7/2025 2:55:54 PM
نظّم مجلس كنائس الشرق الأوسط ندوة بعنوان "التعليم في لبنان والكرامة الإنسانيّة"، في المقرّ الرئيس للمجلس في بيروت.
وخلال الندوة أصدر المجتمعون التوصيات التالية لبناء سياسات تعليميّة عادلة ورشيدة وهي لا بُدّ من التأكيدِ على أنّ ما طُرِحَ اليوم لم يكن مجرّدَ تبادُلٍ لوجهاتِ النظر، بل كان تعبيرًا صادقًا عن وجَعٍ تربويٍّ ووطنيٍّ مُشترك، وعن مسؤوليةٍ جماعية تُجاه مستقبلِ أبنائِنا. وعليه، تأتي التوصيات الآتية كخلاصةٍ مركَّزة للنقاش، بهدفِ تحويلِ قلقِ المشاركين إلى خطواتٍ عمليةٍ تحفظُ التعليمَ حقًّا، وتصونُ الكرامةَ الإنسانيةَ أساسًا لأيّ نظامٍ تربويٍّ في لبنان.
أولًا: توصياتٌ على مستوى الدولة والسياسات العامّة
1. اعتبارُ التعليمِ حقًا وطنيًّا اساسيا غير قابلٍ للمساومة، لا امتيازًا فئويًّا أو طبقيًّا
وفي هذا الإطار، يُطلَبُ إعادةُ تأكيدِ دورِ الدولة في ضمانِ حقِّ كلِّ طفلٍ في تعليمٍ جيّدٍ، بعيدًا عن منطقِ السوق والقدرةِ على الدفع.
2. تعزيزُ المدرسةِ الرسمية كضمانةٍ للعدالةِ والكرامةِ التعليمية
ولتحقيق ذلك، لا بدّ من دعمِ المدرسةِ الرسمية ماليًّا وبشريًّا ولوجستيًّا، باعتبارها الرافعةَ الأساسية لتأمينِ تكافؤِ الفرص والحدِّ من الإقصاءِ الاجتماعي في الحقل التربوي.
3. تعزيز الثقة بالمدرسة الخاصةمن خلال إعدادُ خطةٍ وطنية لمراقبة الأقساط في المدارس الخاصة، تقوم على معاييرَ شفافة للزيادة، مرتبطةٍ بوقائع اقتصاديةٍ مدروسة، بما يَصونُ الأهالي والطلاب من الاستنزاف المالي.
4. إقرارُ سياسةٍ ضريبيةٍ وطنية داعمة للتربية والمنح التعليمية
على أن تشمل وضع رؤية تربوية متكاملة وحوافزَ تشجّع المؤسسات والأفراد على إنشاءِ صناديق دعمٍ للطلاب غير القادرين، بما يحمي المتفوقين منهم من السقوط خارج المسار التعليمي لأسبابٍ ماديّة.
ثانيًا: توصياتٌ موجَّهة إلى المدارس والقطاع التربوي
1. تعزيزُ نموذج “المدرسة الفعّالة” ذات المناخ التربوي الداعم والدامج
وذلك من خلال الاستثمار في البيئة التعليمية، وتأهيل المعلّمين، وتطوير المناهج، واعتماد أساليبَ حديثة تُعزّز التعلّم النشط وتُحقّق تعليمًا محفّزًا، متكافئًا، ودامجًا لجميع الطلاب.
2. إدماجُ مفهومِ الرفاهِ المتعلق بالصحة النفسية المدرسي كحقٍّ تربوي لا ترفًا مؤسسيًّا
إذ إنّ الحفاظَ على الكرامة الإنسانية يبدأ من تأمينِ صحّةٍ نفسيةٍ واجتماعيةٍ سليمةٍ للمتعلمين والمعلّمين على حدٍّ سواء، ومن هنا ضرورةُ جعلِ الرفاه المدرسي جزءًا من التقييم المؤسسي ومن معايير جودة المدرسة.
3. الاستثمارُ في الارتقاء المستمرّ بمهارات المعلّمين
من خلال برامج تدريبٍ وتطويرٍ مستدامة، باعتبار أن المعلّم هو حجرُ الزاوية في بناء الوعي، وترسيخ القيم، وتنمية التفكير النقدي لدى المتعلّمين، ولا يمكن للنظام التربوي أن ينهض دون النهوض بالمعلّم.
ثالثًا: توصياتٌ لحماية الكرامة الإنسانية داخل المنظومة التعليمية
1. تعزيزُ دورِ المدرسة كمساحةٍ لبناء المواطنة والعدالة الاجتماعية
فالمدرسة ليست شركةَ خدمات، بل مشروعٌ وطنيٌّ لتكوينِ الإنسان، ولتعزيزِ التعايش، وحمايةِ التعددية، وترسيخِ قيمِ الحوار والمسؤولية الاجتماعية.
2. ترسيخُ الشراكة الجماعية لإنقاذ التعليم
وذلك عبر تفعيلِ التعاون بين الدولة، والمدارس، والمرجعيات الدينية، والجامعات، والمجتمع المدني، والأهالي، تأسيسًا على قناعةٍ راسخة بأن إنقاذ التعليم مسؤوليةٌ وطنيةٌ مشتركة، لا يُمكن لأيّ طرفٍ أن ينهض بها بمفرده.
3. رفضُ كلّ أشكالِ التمييز في المدرسة
فالكرامةُ الإنسانية ليست شعارًا، بل جوهرُ العملية التربوية. ومن هنا ضرورةُ اعتماد مدوّنات سلوكٍ صارمة تمنع التمييز الطبقي أو الاجتماعي أو الطائفي أو الثقافي داخل البيئة التعليمية.
واختتم مجلس كنائس الشرق الأوسط توصياته قائلًا: "لا نريد تعليمًا يرهق الطالب، ويُهين الأسرة، ويستنزف المجتمع؛ بل تعليمًا يصون كرامة الإنسان، ويضمنُ فرصًا متكافئة لأبنائنا جميعًا. إنّ هذه التوصيات ليست ختامًا لنقاش، بل بدايةُ التزامٍ مشترك لتحويل التعليم من عبءٍ على العائلة إلى رافعةِ كرامةٍ وعدالةٍ ومستقبلٍ للوطن."












0 تعليق