عقدت دار بتانة للنشر والتوزيع، مساء اليوم، ندوة لتوقيع إصدارها الجديد كتاب "الخطاب النقدي المعاصر: رؤى ومقاربات" للناقد الأدبي الدكتور عادل ضرغام، وسط حضور نخبة من الكتاب والمثقفين والأدباء.
يقع كتاب "الخطاب النقدي المعاصر" في نحو 235 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 6 أقسام وهي: إسهامات نقدية، قراءات في كتب النقد الثقافي، التأويل، مقاربة الأدباء، مقاربات خاصة، نقد جابر عصفور.
لغة نقدية خاصة
بدوره قال الناقد الأدبي د. عادل ضرغام خلال كلمته: إنني بعد كتابي "الخطاب النقدي المعاصر" أحتاج أن أتوقف عند ما كتبت من أجل إلتقاط الأنفاس، لأعيد النظر مرة أخرى، وأعيد تطويره داخل بنية جديدة، فما نكتبه هو صورة منا ومرآة لنا، وأعتقد أن الصورة القادمة ستكون مختلفة أكثر عن هذه الصورة التي بين أيديكم الآن.
وحول تآليف الكتاب من عدة مقالات نقدية يجمعها الإطار النقدي، علَّق مؤلف الكتاب أن هذه المقالات التي كتبتها هي مرحلة من مراحل كتابتي، وليست مقالات عادية لقارئ الصحف ذات التناول السريع، لكنها مقالات ذات جدية، وتحتاج إلى قاريء صبور، فقد كنت أحاول أثناء كتابتها أن أصل إلى لغة تأخذ من الأكاديمية بطرف، وتأخذ من لغة المقالات السيارة بطرف، وأعتقد أنني قد حققت نسبة من النجاح في هذا الشأن، فأنا معني ومهموم بالوصول إلى لغة نقدية جديدة يُعرف صاحبها من خلال قراءة عباراته النقدية، وأن شعور البعض باختلاف لغتي أو حتى صعوبتها جاء نتيجة بحثي عن خصوصية لغوية ونقدية.
ولفت إلى أنه لا يستخدم المصطلحات النقدية كما يستخدمها كثير من النقاد الذين يستخدمونها وسيلة للحماية، موضحًا أنه يُفضل أن تأتي بشكل سلس وغير متعمد داخل الكتابة النقدية.
وأضاف "ضرغام": أنا الآن في سياق الانتهاء من كتابين هما: قصيدة النثر النسوية، وكتاب عن الرواية العربية والأفق المغلق. وقاربت على الانتهاء منهما معًا. لذلك أنا أعي أن المقالات النقدية تمثل مرحلة ما في مسيرتي، لذا عكفت على الانتهاء من الكتابين وهما من الأعمال المقصودة بالتأليف، وليست من باب المقالات.
دور اللغة في النقد الحديث
وعن قيمة الاشتغال النقدي على اللغة، تساءل "ضرغام" قائلا: ما الذي أفاده الدور اللغوي في النقد الحديث؟ يعني الاهتمام باللغة للنصوص الأدبية، ما الذي أفادته؟ هل يمكن أن نتراجع عن هذه الجزئية؟ والحقيقة أنه لا يمكن أن نتراجع عن التشكيل اللغوي في المقاربة النقدية حتى لو كان المنهج يرتبط بالنقد الثقافي، فهل يمكن الابتعاد عن الدور اللغوي في قيمة النص؟ فهذه الجزئية من الأشياء التي ترسبت نقديًا وأصبحت من الأشياء المقررة التي لا يمكن الحياد عنها حتى مع اختلاف المنهج. فإن إهتمامنا بدور اللغة في النص جاء من مرحلة الدور اللغوي في النقد العربي، ولا يمكن التخلي عنه.
وتابع حديثه: في طريقة عرضي لم أفرق بين النظرية والممارسة النقدية، ولا أفضل الاستخدام الجاهز للمنهج، فلو استخدمنا مثلا منهج جينت، بمفاهيمه الصلبة، هل سيكون هذا الاستخدام اقترابًا من النص أم علامة اغتراب؟ وأعتقد أنه لن يؤدي إلى نتائج إيجابية.
حاضر النقد العربي
من جانبه أشاد الناقد محمد عبد الباسط عيد بتجربة "ضرغام" في كتابه الجديد، وقدم عرضًا موجزًا للأقسام الستة للكتاب قائلا: إننا بصدد كتابة عن حاضر النقد العربي، أي وضع خريطة للتيارات والمسارات المختلفة على الساحة النقدية والأدبية العربية.
وأضاف "عيد" خلال مناقشته للكتاب، أن رؤية "ضرغام" في كتابه "الخطاب النقدي المعاصر" تُعد في إطار النقد المحايث، بمعنى الارتكاز على النص بمعزل عن السياقات والمؤثرات الخارجية، فقد قدَّم رؤية للنصوص بوصفها بنية مغلقة، أي بعيدة عن سياقات المتكلم أو المتلقي، فهو لا حاجة له بالسياقات الخارجية، وهذه صيغة نقدية محل نقاش وجدل، لكننا نحن إزاء اختيارات منهجية لها مكاسبها وخسائرها على كل حال.
وتابع "عيد" أن هذه المقالات التي ضمها الكتاب كانت تحتاج إلى معالجة على نحو آخر غير الذي تبناه الدكتور ضرغام، لكنه دافع عن نفسه بأن هذه المقاربات الجزئية والفردية لا تخلو من مزايا، بينما المقاربات الشمولية لا تخلو من عيوب وسلبيات جمة أبرزها أنها تمنح القارئ خلاصات عمومية وسطحية، ونقول إن كل خلاصات جزئية تحتاج إلى مقاربات عامة وشمولية تجمعها وتحيط بها.
مؤلفات معرفية انتقائية
وخلال الندوة شارك الحضور بمداخلات عدة عن لغة الكتاب ومنهجه، وأسئلة عن كيفية اختيار المناهج التي تلائم النصوص، وعن ملائمة ومناسبة كتب النقد للقارئ العادي غير المتخصص، وفي مداخلته أكد الناشر عاطف عبيد، مدير دار بتانة للنشر والتوزيع، أن خطة الدار في نشر الكتب بشكل عام يمكن وصفها بالانتقائية، وأن الدار تمتنع عن النشر إذا لم يكن الكتاب يشكل في نظرها ثروة معرفية للقارئ.
وأضاف "عبيد" أن الكتاب يمثل خطوة مهمة في توثيق المعرفة، خاصة وأن صدور هذه المقالات في عدة مجلات وصحف قد يجعلها عرضة للضياع أو النسيان، بينما جمعها في كتاب يمنحها التوثيق والثبات، وهو ما شرفنا به في كتاب "الخطاب النقدي المعاصر".












0 تعليق