في مشهد مؤلم يهزّ الضمير الإنساني، يعيش ملايين السودانيين داخل مخيمات النزوح بين المرض والجوع والعطش، بينما تتزايد نداءات الاستغاثة من المنظمات الإنسانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
منظمة الصحة العالمية أطلقت، الخميس، تحذيراً عاجلاً من تفشي الأمراض الوبائية في تلك المخيمات، مؤكدة أن الوضع الصحي في السودان "بلغ مرحلة الخطر القصوى"، وسط انهيار شبه تام في البنية التحتية الطبية.
وقال المتحدث باسم المنظمة كريستيان لندمير: "إن الوضع في السودان مأساوي، والأمراض تنتشر بسرعة بين من لا يجدون مأوى ولا غذاء ولا دواء".
تفشي الكوليرا وحمى الضنك في مخيمات مكتظة بالبؤس
بحسب تقديرات المنظمة، تجاوز عدد المصابين بالكوليرا وحمى الضنك في ولايات السودان المختلفة آلاف الحالات، فيما تزداد المخاوف من ظهور أمراض أخرى نتيجة انعدام مياه الشرب النظيفة وسوء الصرف الصحي.
ويقول أطباء ميدانيون إن بعض المخيمات تحوّلت إلى "مقابر صامتة"، حيث يُدفن الموتى في قبور ضحلة، بينما يستيقظ الناجون على أصوات السعال والبكاء والأنين.
المساعدات الطبية نادرة، والمستشفيات الميدانية تعمل بإمكانيات بدائية لا تكفي لعلاج طفل واحد من بين آلاف المحتاجين.
أرقام صادمة تعكس عمق المأساة
أكثر من 21 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بحسب تقارير الأمم المتحدة، فيما يحتاج 20 مليون شخص إلى مساعدات طبية عاجلة.
أما أعداد النازحين فقد تخطّت 11.5 مليون داخل البلاد، مع 4 ملايين آخرين فروا إلى دول الجوار، في واحدة من أسوأ أزمات النزوح في تاريخ إفريقيا الحديث.
وتؤكد المنظمات الإنسانية أن الأوضاع الحالية تجاوزت حدود "الأزمة"، لتصبح "كارثة إنسانية مكتملة الأركان" تهدد حياة أجيال بأكملها.
المنظمات تحذر من كارثة صحية شاملة
طالبت منظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بضرورة فتح ممرات آمنة لإيصال الغذاء والأدوية والمياه، محذّرة من أن أي تأخير إضافي سيؤدي إلى "انفجار وبائي" قد يحصد آلاف الأرواح.
في المقابل، تعجز فرق الإغاثة عن الوصول إلى مناطق واسعة بسبب القتال المستمر، مما يجعل آلاف الأسر محاصرة بين الجوع والمرض والموت.
ويختتم المتحدث باسم المنظمة تصريحه بنداء مؤلم: "السودانيون لا يطلبون المستحيل.. فقط أن يعيشوا يوماً آخر دون أن يفقدوا طفلاً أو أماً أو جاراً".












0 تعليق