في مشهد يعكس هشاشة التوازن في سوق الطاقة العالمي، عاشت أسواق النفط يوماً مضطرباً مع استمرار التراجعات الحادة للأسعار، بعدما أظهرت البيانات الأميركية زيادة مفاجئة وكبيرة في المخزونات التجارية، لتعمّق مخاوف المستثمرين من تخمة المعروض وتراجع الطلب وسط تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
رفعت تكلفة شراء النفط على حائزي العملات الأخرى
جاءت الاضطرابات في الأسعار متزامنة مع موجة بيع واسعة في الأسواق المالية، فيما تزايدت المخاوف من قوة الدولار التي رفعت تكلفة شراء النفط على حائزي العملات الأخرى، البيانات الأولية لمعهد البترول الأميركي كشفت ارتفاعاً قدره 6.5 مليون برميل في مخزون الخام خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر، وهي أكبر زيادة منذ يوليو الماضي، بينما كانت التوقعات تشير إلى تراجع بمقدار 2.4 مليون برميل فقط.
اسعار النفط العالمي اليوم الأربعاء
هذا الارتفاع غير المتوقع في المخزون الأميركي أثار تساؤلات حول مستقبل الطلب، خصوصاً أن مخزونات البنزين والمقطرات تراجعت بشكل حاد، ما يشير إلى اختلال في ديناميكية السوق بين الإنتاج والاستهلاك.
وفي المقابل، زادت الضغوط على الأسعار بعد أن اتفقت «أوبك+» على رفع إنتاجها بنحو 137 ألف برميل يومياً خلال ديسمبر، وهو ما أثار مخاوف من تفاقم تخمة المعروض رغم تعليق الزيادات في الربع الأول من 2026.
هبط خام غرب تكساس الأميركي إلى حدود 60 دولاراً
تراجعت عقود خام برنت إلى نحو 64 دولاراً للبرميل، في حين هبط خام غرب تكساس الأميركي إلى حدود 60 دولاراً، وسط موجة من التشاؤم عززها استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وتباطؤ النشاط الصناعي في الصين واليابان.
وفي الوقت الذي يرى فيه محللون أن صعود الدولار إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر جعل النفط أقل جاذبية للمستوردين، تتوقع مؤسسات الطاقة أن يظل السوق تحت ضغوط قوية حتى نهاية العام، ما لم تتحسن مؤشرات الطلب العالمي أو تتراجع المخزونات مجدداً.
في ظل هذه المعطيات المتشابكة، يبدو أن سوق النفط يدخل مرحلة دقيقة تتأرجح بين ضغوط المعروض وتراجع شهية الطلب العالمي، وسط استمرار قوة الدولار وقلق المستثمرين من تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى.
وبينما تترقب الأسواق خطوات «أوبك+» المقبلة ونتائج بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، يبقى الاتجاه العام للخام مرهوناً بقدرة المنتجين على ضبط الإمدادات واستعادة التوازن في سوق تتأثر بكل تصريح وبيان.
ومع اقتراب نهاية العام، تتجه الأنظار إلى مدى صمود الأسعار عند مستوياتها الحالية أو انزلاقها نحو موجة هبوط جديدة قد تغيّر خريطة الطاقة العالمية مجدداً.














0 تعليق