استعرض الدكتورعلاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، التجربة المصرية الرائدة في تمكين المرأة الريفية والشمول المالي، مؤكدًا أن ما حققته مصر خلال السنوات الأخيرة يمثل نموذجًا فريدًا يحتذى به في المنطقة العربية، حيث شهدت العاصمة الأردنية عمان فعاليات المؤتمر الإقليمي حول تمكين المرأة من خلال سياسات التمويل للنهوض بالزراعة الدائرية في المنطقة العربية، بمشاركة عدد من وزراء الزراعة العرب وممثلي المؤسسات الدولية والإقليمية.
وأشاد كل من وزير الزراعة الأردني صائب خريسات ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بالتجربة المصرية، معتبرينها قصة نجاح متكاملة في مجال تمكين المرأة الريفية من خلال برامج التمويل المبتكرة مثل: "بنت الريف"، و"باب رزق"، و"تحويشة" التي ساهمت في تحويل المرأة الريفية إلى رائدة أعمال تسهم بفاعلية في الاقتصاد الوطني.
تمويل المرأة الريفية.. استثمار في الأمن الغذائي والتحول الأخضر
في كلمته أمام المؤتمر، أوضح الوزير علاء فاروق أن دعم وتمكين المرأة الريفية ليس مجرد قضية اجتماعية، بل هو استثمار مباشر في الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي وركيزة أساسية لتحقيق التحول الأخضر في الزراعة.
وأشار إلى أن الدولة المصرية، بتوجيهات من القيادة السياسية، أولت اهتمامًا غير مسبوق بتمكين المرأة في مختلف المجالات، من خلال تعزيز مشاركتها في مواقع صنع القرار — سواء في الحكومة أو البرلمان أو المجالس الاقتصادية — ما يعكس قناعة راسخة بدورها الحيوي في التنمية.
وأكد الوزير أن تمكين المرأة الريفية اقتصاديًا واجتماعيًا أصبح محورًا رئيسيًا في الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، التي تركز على إتاحة التمويل العادل، وتوفير بيئة داعمة للشمول المالي في القرى والمناطق الريفية.






ثلاثة مسارات متكاملة لتمكين المرأة الريفية المصرية
استعرض وزير الزراعة خلال كلمته ثلاثة مسارات رئيسية تشكّل الأساس في التجربة المصرية لتمكين المرأة الريفية والشمول المالي:
1. دمج النوع الاجتماعي في السياسات الزراعية
بدأت وزارة الزراعة في دمج مفاهيم النوع الاجتماعي ضمن جميع البرامج والمشروعات التنموية الريفية، لضمان تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في الحصول على التمويل والتدريب والخدمات الفنية.
كما تم تطوير مؤشرات نوعية لقياس أثر المشروعات على النساء الريفيات، بما يتيح تقييمًا دقيقًا للعائد التنموي والاقتصادي لهذه المبادرات.
2. تسهيل الوصول إلى التمويل الأخضر والشمول المالي
أطلق البنك الزراعي المصري، بالتعاون مع وزارة الزراعة، عددًا من المبادرات المبتكرة لتمكين المرأة ماليًا، أبرزها:
مبادرة "تحويشة" للادخار الرقمي، التي ساهمت في رفع نسبة الشمول المالي للنساء المصريات من 17% عام 2016 إلى 68% عام 2024، وتستهدف استفادة أكثر من 240 ألف سيدة خلال عامين.
منصة "تمويل مصر" الرقمية، التي تتيح التقديم الإلكتروني على التمويل الأخضر بطريقة شفافة وعادلة، مما عزز من العدالة في الوصول إلى الخدمات المالية الريفية.
3. الربط بين التمويل والتمكين الإنتاجي
أكد الوزير أن الربط بين التمويل والتدريب والإنتاج يمثل ركيزة أساسية في تمكين المرأة الريفية، مشيرًا إلى عدد من البرامج النوعية التي حققت نتائج ملموسة، ومنها:
مبادرة "بنت الريف": التي قامت بتدريب أكثر من 5000 سيدة وفتاة على مهارات التصنيع الغذائي، وإدارة المشروعات الصغيرة والتسويق.
برنامج "باب رزق": الذي دعم سيدات الريف في تنفيذ مشروعات صغيرة في مجالات الإنتاج الزراعي والحرف اليدوية.
مشروع "تحويشة" للادخار الرقمي: الذي وفر حلولًا تمويلية بسيطة وذكية للنساء في القرى النائية.
برنامج زراعة النباتات الطبية والعطرية: الذي فتح آفاقًا جديدة للتصدير وزيادة الدخل الأسري.
مشروع الاستثمارات الزراعية المستدامة: الذي قدّم منحًا إنتاجية وإرشادًا فنيًا لمئات النساء لإقامة مشروعات زراعية مستقرة ومربحة.
نتائج ملموسة على أرض الواقع
أوضح وزير الزراعة أن هذه البرامج انعكست بشكل مباشر على تحسين مستوى معيشة المرأة الريفية، حيث ارتفعت معدلات مشاركتها في الأنشطة الإنتاجية، وتحسنت مستويات الدخل في بعض القرى بنسبة تجاوزت 20% خلال السنوات الأخيرة.
كما تحولت المرأة الريفية من عاملة هامشية إلى قائدة اقتصادية محلية تساهم في التنمية، وتشارك بفاعلية في مشروعات الاقتصاد الأخضر والتحول الزراعي المستدام.
دعوة لتعاون عربي عاجل وتبادل الخبرات
اختتم الوزير كلمته بتوجيه دعوة للتعاون العربي المشترك من أجل تبادل الخبرات وتطوير آليات تمويل مبتكرة تقودها المرأة في الريف العربي، مشيرًا إلى أن تعزيز التمويل النسائي في الزراعة هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي في المنطقة.
كما وجّه الشكر إلى المملكة الأردنية الهاشمية على استضافة المؤتمر، وإلى المنظمة العربية للتنمية الزراعية ومنظمة "الفاو" على دورهما في دعم قضايا المرأة والتنمية الريفية.
الإشادات العربية والدولية بالتجربة المصرية
وزير الزراعة الأردني: "التجربة المصرية ملهمة"
أشاد صائب خريسات، وزير الزراعة الأردني، بالتجربة المصرية في مجال تمكين المرأة الريفية، مؤكداً أن ما حققته مصر يُعد نموذجًا ملهمًا يمكن الاستفادة منه في المنطقة العربية، خاصة في مجال نظم الإقراض الزراعي الموجهة للمرأة.
منظمة "الفاو": مصر تقدم نموذجًا ناجحًا قابلًا للتعميم
كما أشاد الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، بالبرامج المصرية الداعمة للمرأة، مؤكدًا أن هذه التجربة تشكل نموذجًا ناجحًا يمكن تعميمه بالتعاون مع المنظمة في الدول العربية الأخرى.
المرأة الريفية قاطرة التنمية الزراعية في مصر والعالم العربي
أكد وزير الزراعة في ختام مشاركته أن تمكين المرأة الريفية والشمول المالي يمثلان حجر الأساس لأي عملية تحول زراعي أو اقتصادي ناجح في العالم العربي، مشددًا على أن مصر مستعدة لتبادل خبراتها وبرامجها المبتكرة مع الدول الشقيقة.
وأضاف أن تمويل المرأة الريفية هو مفتاح التنمية الشاملة، وأن دعمها ليس فقط التزامًا اجتماعيًا، بل استثمار في مستقبل أكثر استدامة وعدالة لكل المجتمعات الريفية في الوطن العربي.












0 تعليق