لم يعد أمام جماعة الإخوان الإرهابية ما يمكن أن تفعله لإيذاء مصر سوى اللجوء إلى آخر أسلحتها المهترئة وهي الكذب والشائعات.
عقب سقوط مشروعها في الحكم، تهاوت خلاياها الإرهابية أمام يقظة أجهزة الأمن المصرية، فاتجهت الجماعة إلى ساحة جديدة من الإرهاب النفسي والإعلامي، تحاول عبرها اغتيال كل لحظة فرح، وتشويه أي إنجاز وطني، وتحويل البهجة العامة إلى ساحة من الشك والتخوين والهلع.
ولم يكن افتتاح المتحف المصري الكبير حدثا عابرا يمكن للجماعة أن تتجاهله، فذلك الافتتاح التاريخي الذي أعاد لمصر مجدها الحضاري وأثبت للعالم قدرة الدولة المصرية على الإنجاز رغم التحديات، شكل كابوسا حقيقيا لجماعة الإخوان وأنصارها في إسطنبول ولندن.
فما أن انطلقت الاحتفالات، وامتلأت الشاشات العالمية بصور المتحف الأعظم في التاريخ، حتى أطلقت الجماعة صفارات التحريض من وراء الحدود، لتبدأ حرب الشائعات، فأدارت حربا خفية هدفها تفجير الفرح، وتشويه المعجزة، وزرع الخوف بدل الفخر في قلوب المصريين.
ميدان الأكاذيب.. يحيى موسى يقود الهجوم
أولى الشائعات خرجت من منصة ميدان التي يديرها الإرهابي الهارب يحيى موسى مؤسس حركة ميدان، والمحكوم عليه في عدة قضايا إرهاب منها اغتيال النائب العام الأسبق هشام بركات، والذي تحول إلى واحد من أبرز وجوه ماكينة التحريض الإلكتروني التابعة للتنظيم الدولي.
كتب موسى على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، منشورات يتحدث فيها عن أن المتحف المصري الكبير ليس إلا وسيلة لصرف أنظار الشعب عن أزماته، زاعما أن الدولة تخدع المصريين بالبريق والحجارة القديمة لتخفي فشلها في الحاضر!
لكن السؤال البسيط الذي ينسف دعايته من أساسها، عن أي خداع يتحدث؟ فالمتحف المصري الكبير لم يُكلف الشعب المصري جنيها واحدا من جيبه، بل تم إنشاؤه بتمويل مصري دولي مشترك، وفق خطة تنموية مدروسة، ويُعد من أكبر المشاريع السياحية والثقافية في القرن الواحد والعشرين.
لم يصدق أحد من المصريين تلك الأكاذيب، لكن ما أراده يحيى موسى هو خلق بلبلة وتشكيك، وإفساد حالة الفخر التي غمرت المصريين عقب افتتاح المتحف.
إسرائيل حاضرة في المشهد.. تحالف الخيانة من جديد
لم تتوقف ماكينة الأكاذيب الإخوانية عند هذا الحد، فصفحة "صدى مصر" المحسوبة على التنظيم نشرت منشورات أكثر عبثا وبجاحة، زعمت فيها أن المتحف المصري الكبير تم بناؤه لصالح إسرائيل، وأن الكيان الصهيوني سيكون المستفيد الأكبر من افتتاحه!
ولإضفاء طابع الصدق على افتراءاتهم، نشرت الصفحة منشورا مزيفا منسوبا للباحث الإسرائيلي إيدي كوهين، يتحدث فيه عن سعادة إسرائيل بالمتحف الجديد، ويقدم عبرها الشكر للوزير زاهي حواس بافتتاح المتحف لصالح إسرائيل.
لكن المفارقة أن ذلك المنشور نفسه كان مختلقا بالكامل، ولم يصدر عن كوهين أصلا، فكوهين يعلم أن زاهي حواس ليس وزيرا، ولم يكن هو صاحب فكرة تأسيسس المتحف، ولكنه كان الوزير الأسبق فاروق حسني، كما أن صفحة كوهين على تويتر لم تتضمن أية تويتة عن المتحف أو الاحتفال الذي أقيم لافتتاحه، ما يؤكد كذب جماعة الإخوان الإرهابية، واختلاقها التغريدات لإفساد فرحة المصريين.
الهدف لم يكن سوى توظيف اسم إسرائيل لإثارة الغضب الشعبي، وتغذية خطاب المؤامرة، وكأن الجماعة تقول لمتابعيها إنه حتى الحضارة المصرية مؤامرة ضدكم.
كشفت هذه الأكاذيب التحالف النفسي والسياسي بين الإخوان وإسرائيل؛ فكلاهما يتمنى سقوط الدولة المصرية، وإن اختلفت شعاراتهما، فالإخوان يريدون الانتقام من الشعب الذي لفظهم، وإسرائيل لا تريد لمصر أن تنهض من جديد، ولا شيء أكثر إيلاما لهما من مشهد المصريين يحتفلون بمتحف يخلد حضارة عمرها سبعة آلاف عام.
اختراق جديد للدستور.. صفحات الظل الإخوانية تدخل المعركة
ولم تقتصر الحرب على الوجوه الإخوانية المعروفة، فقد اخترقت الدستور إحدى الصفحات التي تمثل الجيل الإلكتروني الجديد للجماعة، وهي صفحة "ثورة المفاصل" التي يقودها خالد السيرتي، أحد نشطاء الإخوان المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي سبق أن أدار صفحات مماثلة للتحريض على الدولة المصرية.
السيرتي نشر عبر حسابه على منصة إكس عدة تغريدات تتحدث عن أن الاحتفال بالمتحف المصري الكبير عار، في محاولة يائسة لتلويث لحظة وطنية استثنائية، لكن لا أحد في مصر استطاع أن يفهم أي عار هذا الذي يتحدث عنه؟! هل أصبح الإنجاز عيبا؟ وهل تعد استعادة مصر لمجدها الحضاري ذنبا؟
أما الصفحة الإخوانية الأخرى "ثورة مصر" على تطبيق تليجرام، فقد تبنّت خطابا موازيا، إذ حاولت تشويه الحدث بالادعاء أن المتحف تم بناؤه بالديون، متجاهلة الحقائق المعلنة عن أن اليابان المموّل الرئيسي للمشروع تحصل على أقساط قرضها بانتظام من عوائد السياحة والاستثمار الثقافي، دون أي عبء على المواطن المصري.
هذه الصفحات تمثل جيل "Z" الإخواني، أي الموجة الجديدة من شباب الجماعة الذين يعملون عبر الإنترنت من الخارج، يتلقون التوجيهات من غرف عمليات في لندن وإسطنبول، ويعيدون تدوير نفس الأكاذيب التي فشلت فيها صفحات "ميدان" و"صدى مصر" و"حملة 300".
شائعة الانفجار.. محاولة فاشلة لاغتيال الفرح
في صباح اليوم التالي لافتتاح المتحف، خرجت صفحات تابعة لجبهة لندن، وعلى رأسها أنصار صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد العام تروج شائعة خطيرة زعمت أن قنبلة انفجرت قرب ميدان الرماية، وأن السلطات تخفي التفاصيل.
انتشرت الشائعة بسرعة، خاصة بعد أن أعادت صفحات إخوانية كـ"ميدان" و"رصد" و"ثورة المفاصل" و"ثورة مصر" وجيل z نشرها بتنسيق واضح.
كان الهدف هو إحداث صدمة نفسية تربط بين المتحف والخطر، وبين الفرح والموت.
لكن وزارة الداخلية المصرية كانت أسرع من ماكينة الكذب، ففي بيان رسمي عبر صفحتها الموثقة على فيسبوك، نفت الوزارة بشكل قاطع وقوع أي انفجار في محيط المتحف أو منطقة الرماية، مؤكدة أن الشائعة إخوانية المصدر، وأنها جزء من حملة ممنهجة لبث الذعر والتقليل من الإنجاز الوطني.
وجاء الرد الشعبي سريعًا أيضا؛ إذ تداول آلاف المصريين صور زياراتهم لمحيط المتحف في اليوم نفسه، وامتلأت المنصات بمشاهد الأسر والعائلات أمام االمتحف في أجواء فرح وطنية كبيرة.
وهكذا تحولت قنبلة الإخوان إلى قنبلة من الكذب، انفجرت في وجههم، وأثبتت أن الشعب المصري صار أكثر وعيًا من أن تنطلي عليه ألاعيب الجماعة.
قنوات لندن وإسطنبول.. سموم الهواء
لم تتأخر قنوات الجماعة في الخارج عن دخول المعركة، ففي الليلة نفسها التي أبهر فيها حفل الافتتاح العالم، خرجت شاشات الشرق ووطن والحوار ومكملين تبث موجات متتالية من الشائعات حول إهدار المال العام والتطبيع الثقافي مع الغرب.
على الشاشة ظهر كلّ من محمد ناصر وأسامة جاويش يتحدثان بلغة حاقدة عن أن الاحتفال بالمتحف مسرحية لتجميل وجه النظام، متناسين أن ما يشاهدونه هو إنجاز وطني حضاري لا يتكرر إلا كل قرن.
لكن كما في كل مرة، كانت المفارقة في التفاعل الجماهيري، حيث رد ملايين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية من تلك القنوات ومن أبواقها، معتبرين أنه كلما غضب الإخوان من مشروع مصري، تأكدوا أنه ناجح.
رمزية المتحف.. لماذا يخيف الإخوان؟
لم يكن المتحف المصري الكبير مجرد مبنى من الحجر والزجاج، بل رمز لمعركة الوعي بين مصر الحديثة ودعاة الظلام، وكان رسالة حضارية تقول للعالم أن مصر التي بنت الأهرامات تبني مستقبلها من جديد، الأمر الذي يخشاه الإخوان كما يخشون الضوء، فكان افتتاحه يعني انتصار العقل على الخرافة، والعلم على الجهل، والدولة على الفوضى.
فالجماعة التي بنت مشروعها على تجهيل الناس وتزييف التاريخ لا تحتمل أن ترى ملايين المصريين يفتخرون بماضيهم ويحتفون به في صرح عالمي يربط الحضارة بالنهضة، فكان المتحف بالنسبة لهم قنبلة رمزية انفجرت في وعي الجماهير، وأسقطت آخر أوراق دعايتهم عن "الفشل المصري" و"الدولة العاجزة".
الإخوان وإدمان الفشل
من يتتبع سلوك الجماعة منذ سقوطها عام 2013 يدرك أن الإخوان لا يعيشون إلا على الكراهية، فكل إنجاز وطني بالنسبة لهم هزيمة شخصية، وكل مشروع ناجح هو فضيحة جديدة تكشف زيف خطابهم، ولذلك يقاتلون ضد مشروعات الدولة بنفس الحقد الذي كانوا يقاتلون به في الميادين.
حاولوا من قبل تشويه قناة السويس الجديدة، وسخروا من العاصمة الإدارية، وهاجموا مشروعات الطرق، والآن جاء دور المتحف المصري الكبير، لكن النتيجة دائمًا كانت واحدة حيث سقط كذبهم، وانتصرت مصر.
وعي المصريين أقوى من شائعاتهم
لقد فشلت الجماعة في اغتيال مصر بالإرهاب، وفشلت في إسقاطها بالتحريض، وها هي تفشل اليوم في تشويه فرحتها بالشائعات، بعدما أصبح الشعب المصري أكثر وعيا وصلابة من أن يخدع بمنشور من إسطنبول أو تغريدة من لندن أو بث مباشر من استوديوهات الإخوان في الخارج.







0 تعليق