وصفت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش الوضع في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بأنه "مروع"، مشيرة إلى أن ما تشهده المنطقة يعيد مشاهد الإبادة الجماعية التي عصفت بدارفور قبل عقدين من الزمن.
وقالت سبولياريتش، في تصريحات لوكالة رويترز خلال زيارتها للرياض مطلع الأسبوع، إن ما حدث عقب سيطرة ميليشيا قوات الدعم السريع على الفاشر الأسبوع الماضي "يبرهن أن التاريخ يعيد نفسه بطريقة أكثر مأساوية"، وأضافت أن عشرات الآلاف فروا من المدينة بينما لا يزال عشرات الآلاف محاصرين داخلها بلا غذاء أو ماء أو خدمات طبية، واصفة الوضع بأنه "يفوق حدود الاحتمال الإنساني".
كان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد أعلن الجمعة أن مئات المدنيين والعناصر غير المسلحة ربما قُتلوا أثناء سقوط المدينة، مشيرًا إلى شهادات تحدثت عن قيام مقاتلي الميليشيا بفصل الرجال عن النساء والأطفال قبل سماع أصوات إطلاق نار كثيف.
وأعربت رئيسة اللجنة الدولية عن قلق بالغ إزاء التقارير التي تحدثت عن وقوع مجزرة في المستشفى السعودي بالفاشر، آخر المرافق الطبية التي كانت تقدم خدماتها للسكان قبل أن تنقطع الاتصالات، مؤكدة أن فرق الصليب الأحمر لم تتمكن بعد من التحقق الميداني من حجم الكارثة.
وأوضحت أن فرق المنظمة العاملة في بلدة طويلة المجاورة تلقت بلاغات متكررة عن مدنيين يسقطون أثناء محاولتهم الفرار من المدينة نتيجة الإرهاق أو الجروح أو انعدام المأوى، مشددة على أن ما يجري "يتجاوز كل ما يمكن اعتباره مقبولًا وفق المعايير الإنسانية".
وتعود جذور قوات الدعم السريع إلى ميليشيا الجنجويد التي استخدمتها الحكومة السودانية في حرب دارفور مطلع الألفية، حين اندلعت حملة ضد المتمردين تسببت في مقتل مئات الآلاف ووُصفت بأنها إبادة جماعية.
وفي معرض تعليقها على مسئولية القوى الإقليمية، قالت سبولياريتش إن "الدول التي تمتلك نفوذًا على طرفي النزاع تتحمل مسئولية خاصة في الضغط عليهما لوقف الانتهاكات وضمان حماية المدنيين"، في إشارة ضمنية إلى الإمارات التي تتهمها تقارير أممية بتقديم دعم عسكري واسع للميليشيا.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد فر أكثر من 70 ألف شخص من الفاشر منذ 26 أكتوبر، فيما لا يزال مصير نحو 200 ألف مدني مجهولًا داخل المدينة بعد حصار دام 18 شهرًا.
وحذرت سبولياريتش من أن العالم يعيش "عقدًا من الحروب المتشابكة"، مشيرة إلى تضاعف عدد الصراعات المسلحة عالميًا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية ليصل إلى نحو 130 نزاعًا، تغذيه التكنولوجيا العسكرية المتطورة مثل الطائرات المسيرة التي جعلت "المدن والملاجئ بلا مناطق آمنة".
وفي الأيام التي سبقت سقوط المدينة، لجأ السكان إلى المخابئ تحت الأرض هربًا من القصف بالطائرات المسيّرة والقذائف التي استهدفت الأحياء السكنية ودور العبادة والمراكز الطبية، في مشهد قالت عنه رئيسة الصليب الأحمر: "دارفور لا تستحق أن يُعاد إليها هذا الكابوس... ولكن يبدو أن العالم لم يتعلم بعد دروس الأمس".
أقرأ أيضًا:















0 تعليق