الفنان المثقف.. كيف جمع حسن كامي بين الموسيقى والكتب؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كان الفنان حسن كامي حالة استثنائية في المشهد الفني والثقافي المصري؛ إذ جمع بين حضور المغني الأوبرالي المثقف، والممثل المحبوب، وعاشق الكتب الذي جعل من القراءة أسلوب حياة.

01de970f61.jpg

ففي زمنٍ انفصل فيه كثير من الفنانين عن الثقافة والفكر، ظل كامي نموذجًا نادرًا لـ"الفنان المثقف" الذي يرى أن الفن الحقيقي لا يعيش إلا في حضن المعرفة. وهو ما نستعرضه في ذكرى ميلاده التي تحل علينا اليوم الموافق 2 نوفمبر 1936.

بدأ حسن كامي مسيرته في عالم الأوبرا بعد تخرجه في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، قبل أن يدرس الموسيقى والغناء في أكاديمية الفنون بالقاهرة، ثم في المعهد العالي للموسيقى في فيينا.

امتلك صوتًا أوبراليًا فريدًا مكّنه من أداء أدوار عالمية على مسارح كبرى في إيطاليا وفرنسا والاتحاد السوفيتي. وكان أول مصري يؤدي أدوار البطولة في أعمال لعمالقة الموسيقى الكلاسيكية مثل فيردي وبوتشيني.

f486aecc8c.jpg

ورغم نجاحه الكبير في عالم الأوبرا، لم يتردد في دخول عالم الدراما والسينما، حيث عرفه الجمهور عبر أدوار راقية وهادئة في أعمال مثل جحيم تحت الماء، عايز حقي، أنا مش معاهم، ومسلسل الوسية.

كان حضوره أمام الكاميرا امتدادًا لشخصيته على المسرح: مثقف، راقٍ، وصاحب نظرة عميقة للحياة والفن.

بعيدًا عن الأضواء، كان حسن كامي عاشقًا متيّمًا بالكتب. امتلك واحدة من أندر مكتبات القاهرة الخاصة، مكتبة المستشرق بوسط العاصمة، التي ضمّت آلاف الكتب النادرة والمخطوطات القديمة، بعضها يعود إلى القرن التاسع عشر.

كان يقضي ساعات طويلة يوميًا بين الرفوف يقرأ، يراجع، ويناقش الزوار، ويؤكد أن “الكتب هي المسرح الآخر الذي لا تُطفأ أنواره”.

fe7f058d68.jpg

لم تكن مكتبته مجرد مشروع تجاري، بل مساحة فكرية تجمع الأدباء والمثقفين والباحثين، ومأوى لعشّاق التراث والمعرفة. وقد دافع عنها حتى أيامه الأخيرة، معتبرًا أن “من يملك كتابًا، يملك عمرًا إضافيًا”.

كان حسن كامي يرى أن الموسيقى والقراءة وجهان للحكمة الإنسانية؛ فكما تهذّب الأذن، تُغذي الكتب الروح والعقل.

في أحاديثه الإعلامية، كان يؤكد دائمًا أن الفنان لا يكتمل إلا بالثقافة، وأن الصوت الجميل وحده لا يصنع فنانًا حقيقيًا ما لم يكن وراءه عقل منفتح ووجدان قارئ.

ومن هذا الوعي، صاغ فلسفته الفنية: “الغناء لا يُرضي الروح إلا حين يكون امتدادًا للمعرفة”.

برحيل حسن كامي في ديسمبر 2018، خسر الوسط الثقافي والفني نموذجًا نادرًا لفنان جمع بين الحسّ الجمالي والعقل المستنير.

ورغم الجدل الذي دار بعد وفاته حول مكتبته ومقتنياته، فإن ما بقي منه أكبر من أي خلاف: صوت لا يُنسى، وعقل آمن بأن الفن بلا ثقافة مجرد صدى زائل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق