عمّت البهجة أرجاء مصر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، واكتست الشوارع والميادين بزينة الفخر والإجلال ابتهاجًا بالحدث التاريخى العظيم، افتتاح المتحف المصرى الكبير.
هذا الصرح العملاق الذى لم يكن مجرد مبنى جديد يضاف إلى الخارطة الثقافية والسياحية، بل كان تجسيدًا حيًا لأحلام المصريين المتعاقبة، وإعلانًا مدويًا للعالم بأن مصر تحتضن تاريخها وتفخر به، وأنها قادرة على بناء المستقبل على أسس ماضٍ عريق، فكانت فرحة المصريين به من نوع خاص، تمتزج فيها مشاعر الانتماء العميق والاعتزاز بالهوية الوطنية الفريدة، مع الإدراك العميق لقيمة هذا الإنجاز على مستوى الثقافة العالمية والاقتصاد الوطنى. إذ ارتقى هذا الشعور إلى مصاف الاحتفالات القومية التى تشبه «ليلة العيد»، حيث استبدل المواطنون الروتين اليومى بأجواء احتفالية تلقائية، تجسدت فى تجمعات عائلية وشبابية فى الميادين العامة، حاملين الأعلام المصرية، ورافعين أصواتهم بالزغاريد والتكبيرات، التى عبرت عن مدى شغفهم ورغبتهم فى مشاركة العالم لحظة ميلاد هذا المعلم الجديد.
إضافة إلى ذلك تحولت السوشيال ميديا من خلال الذكاء الاصطناعى إلى كرنفالات كبرى وروادها إلى فراعين تعبيرًا عن الفرح الشديد بمناسبة هذا الحدث العظيم الذى وصف بأنه أكبر متحف أثرى فى العالم مخصص لحضارة واحدة.
وشكلت قصة بناء المتحف، الممتدة لسنوات طويلة من العمل الدءوب والتحديات الهائلة، رمزًا حقيقيًا للإرادة المصرية التى لا تلين، حيث تابع المصريون باهتمام بالغ كل مراحل التنفيذ، وكل قطعة أثرية نُقلت إليه، خاصة الكنوز الذهبية للملك الشاب توت عنخ آمون، التى تعرض لأول مرة بالكامل، فى مشهد أثار حماسهم وفخرهم، وأحسوا بأنهم جزء أصيل من هذه الملحمة، وأن هذا المتحف هو ميراثهم الذى صنع بأيديهم.
ولهذا لم تقتصر الفرحة على العاصمة القاهرة فقط، بل امتدت لتشمل المحافظات الأخرى، حيث نصبت شاشات عملاقة فى الميادين الرئيسية لنقل وقائع حفل الافتتاح الرسمى، ليتمكن الجميع من مشاركة هذه اللحظة الفارقة، مؤكدين أن الحضارة المصرية هى قاطرة التنمية الروحية والثقافية للشعب، وهى مصدر قوة ناعمة للعالم.
وقد عزز هذا الافتتاح من مشاعر الوحدة الوطنية، حيث تكاتفت كل مؤسسات الدولة، من وزارتى «الثقافة» و«السياحة والآثار» إلى هيئة الكتاب والإعلاميين والصحفيين، للترويج للحدث وإبراز قيمته، معتبرين إياه رسالة حضارة موجهة إلى كل شعوب الأرض، مفادها أن مصر ليست مجرد شاهد على التاريخ، بل هى صانعة له وحارسة لمقوماته.
وقد انعكس هذا الشعور جليًا على منصات التواصل الاجتماعى، حيث تحول الفضاء الافتراضى إلى ساحة احتفال رقمية، تبادل فيها المستخدمون الصور والعبارات المعبرة عن الفخر والاعتزاز، وتداولوا صور الهرم الأكبر شامخًا بجوار المتحف الذى يشبه النجم المنير، فى تكامل بصرى يعكس تمازج التاريخ القديم والحاضر المزدهر.
فالمتحف المصرى الكبير أصبح فى وعى المصريين أكثر من مجرد مخزن للآثار، إنه منارة ثقافية تضىء الدرب للأجيال القادمة، وتعمّق لديهم حس الانتماء والولاء للوطن، وترسخ فى نفوسهم قيمة إرثهم الذى أبهر العالم ولا يزال، كما يمثل هذا الصرح قيمة اقتصادية وسياحية هائلة، متوقعين له أن يجذب ملايين السياح من كل بقاع الأرض، مما سيعود بالخير الوفير على البلاد. ولهذا تضاعفت مشاعر التفاؤل بمستقبل مشرق، يعيد لمصر مكانتها الرائدة على خريطة الحضارة العالمية. وأصبح افتتاح المتحف بحق تاج الأفراح التى يعيشها المصريون، ومسك الختام لجهود سنوات من العمل والبناء.
إن الحضارة المصرية لا تموت ولا تندثر، بل تتجدد وتتألق، لتظل نورًا يهدى البشرية إلى أصلها وعمقها التاريخى.. اللهم اجعل مصر فى أعياد مستمرة، واجعل هذا الشعب العظيم فى فرح مستمر.












0 تعليق