قالت الدكتور جيهان يس، الواعظة بوزارة الأوقاف، إن الأمم لا تنهض إلا بقدر ما تملك من وعي بتاريخها وإدراك لهويتها، ومن تأمّل في قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} (الروم: 9) يجد فيها دعوة ربانية إلى التأمل في آثار الأمم السابقة، لا لمجرد الإعجاب بصورها المادية، بل لاستخلاص العبرة من مسيرة الإنسان في الأرض وفهم سنن الله في الحضارة والعمران.
وأضافت الواعظة بوزارة الأوقاف، لـ" الدستور"، أن المتحف المصري الكبير كأحد أهم المشروعات الحضارية المعاصرة، إذ يجمع بين رسالة العلم والإيمان، ويعيد للأمة المصرية ذاكرتها الجامعة، وينقل الدولة من حفظ التراث بوصفه ماضيًا، إلى استثماره كـ قوة ناعمة ودبلوماسية ثقافية واقتصاد معرفي متجدد.
وأوضحت أن المتحف يحمل في طياته الوعي الجمعي للأمة الذي يمثل الرابط النفسي والرمزي بين الأجيال تحت مظلة الهوية المصرية، لافته إلى أن كل قطعة أثرية فيه تتحدث لتذكّر الأجيال والعالم بأنّ مصر لم تكن مجرد أرض تسكنها الشعوب، بل رسالة حضارة عريقة تمتد عبر العصور.
كما أوضحت أن مفهوم الدبلوماسية في القرن الحادي والعشرين تطور، وأصبحت الثقافة ركيزة لصناعة الصورة الذهنية للدول، لذلك يتجلى المتحف بوصفه منصة عالمية للحوار الحضاري تقدّم مصر للعالم عبر عروضه المتحفية وبرامجه التعليمية وفعالياته الدولية، ليغدو سفيرًا ثقافيًا صامتًا يعزز مكانة مصر بأصالتها وحاضرها.
وأشارت يس، إلى أننا في زمن تتحول فيه الثقافة إلى مصدر دخل قومي، لذلك يبرز المتحف كأحد أكبر مشروعات الاقتصاد الثقافي في الشرق الأوسط، يوظف التراث لتنمية السياحة وتحفيز الصناعات الإبداعية، فيغدو نموذجًا للاستثمار في الذاكرة الوطنية وتحويل التراث إلى قيمة حية منتجة تسهم في التنمية المستدامة.
وأكدت أن حفظ هذا الصرح العظيم وصون تراثه يدخل في باب عمارة الأرض التي أمر الله بها الإنسان، كما قال تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} (هود: 61)
فصون التراث هو صميم الإيمان، وحماية الذاكرة الوطنية هي أساس بقاء الأوطان.
وتوجهت يس بالدعاء للمولى عز وجل:"اللهم اجعل افتتاح المتحف المصري الكبير فاتحة خير ورخاء لوطننا العظيم".

















0 تعليق