40 عامًا على رحيل فؤاد حداد.. “فنان الشعب” الذي غنّى بلسان المصريين

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

40 عامًا مرت على وفاة الشاعر فؤاد حداد، الذي رحل في 1 نوفمبر عام 1985، تاركًا وراءه تراثًا شعريًا فريدًا ومتميزًا جعله أحد أهم رموز شعر العامية في مصر والعالم العربي، فقد كان المؤسس الحقيقي للشعر الملحمي بالعامية المصرية، وصاحب بصمة لا تُنسى في مسيرة الأدب الشعبي الحديث.

كان فؤاد حداد يقدّم نفسه دائمًا بعبارة تختصر مسيرته: "أنا والد الشعراء فؤاد حداد"، وقد لقبه محبوه بـ"فنان الشعب" لأنه استلهم من وجدان المصريين، ومن حكاياتهم البسيطة، ملاحم شعرية خالدة مثل "أدهم الشرقاوي"، التي جعلت من قصص البطولة الشعبية مادة فنية راقية تمزج بين الوعي الوطني والوجدان الإنساني.

فؤاد حداد.. جذور لبنانية ونشأة مصرية

وُلد فؤاد سليم حداد بحي الظاهر في القاهرة، لأسرة متعددة الجذور الثقافية، فوالده سليم أمين حداد وُلد عام 1885 في بلدة عبية بلبنان، وسط أسرة مسيحية بروتستانتية متواضعة اهتمت بتعليمه حتى تخرج في الجامعة الأمريكية ببيروت، متخصصًا في الرياضيات المالية.

جاء إلى القاهرة قبيل الحرب العالمية الأولى ليعمل مدرسًا بكلية التجارة – جامعة فؤاد الأول – وحصل على لقب "البكوية"، وعندما تأسست نقابة التجاريين في مصر، كان أول من مُنح عضويتها (رقم 1)، أما والدته، فهي من مواليد القاهرة عام 1907، تنتمي إلى عائلة سورية الأصل؛ فجده من عائلة "أسود" الدمشقية، وجدته من عائلة "بولاد" الحلبية. وفيما بعد، اعتنق فؤاد حداد الإسلام أثناء فترة اعتقاله، وهو التحول الذي ترك أثرًا عميقًا في رؤيته الشعرية والفكرية.

بدايات التكوين الثقافي والاعتقال السياسي لـ فؤاد حداد

تلقى فؤاد حداد تعليمه في مدرستي الفرير والليسيه الفرنسية، وتأثر منذ صغره بالمكتبة الثرية في بيت والده التي فتحت أمامه أبواب التراث العربي والأدب الفرنسي على السواء، وكانت لديه رغبة جامحة في المعرفة، وصوت داخلي يدفعه نحو التعبير عن الناس بلغة الناس.

في خمسينيات القرن الماضي، دخل فؤاد حداد معترك الحياة السياسية، ما أدى إلى اعتقاله عام 1953 لأسباب سياسية، ثم اعتُقل مرة أخرى في العام نفسه، وظل لفترات متقطعة داخل السجن حتى عام 1959، ولكن تجربة السجن لم تكسره، بل أنضجت موهبته، فخرج منها أكثر وعيًا وإيمانًا بقوة الكلمة، لينشر بعد خروجه ديوانه الأول "أحرار وراء القضبان" عام 1956، وهو العمل الذي كان عنوانه الأصلي "افرجوا عن المسجونين السياسيين".

فؤاد حداد.. شاعر العامية الملحمي

قدم فؤاد حداد شكلًا جديدًا وغير مسبوق من الشعر العربي، إذ جمع بين روح العامية وبنية الملحمة، فكتب أشعار الرقصات مثل "الدبة" و"البغبغان" و"الثعبان"، التي مزج فيها الغناء الشعبي بالحكمة الإنسانية.

وفي عام 1964 كتب سلسلة "المسحراتي" الشهيرة التي غناها سيد مكاوي، لتصبح واحدة من علامات رمضان في وجدان المصريين، كما كتب البرنامج الإذاعي "من نور الخيال وصنع الأجيال" (30 حلقة عام 1969)، والذي تضمّن الأغنية الخالدة "الأرض بتتكلم عربي"، رمز الكرامة الوطنية والانتماء القومي.

إسهامات فؤاد حداد

أصدر فؤاد حداد خلال مسيرته 33 ديوانًا شعريًا، منها 17 ديوانًا في حياته، والبقية نُشرت بعد وفاته، ومن أبرز دواوينه: أحرار وراء القضبان (1956)، حنبني السد (1956)، قال التاريخ أنا شعر إسود (1968)، الذي ترجم فيه مختارات من الشعر الفيتنامي، المسحراتي (1969)، كلمة مصر (1975)، من نور الخيال وصنع الأجيال في تاريخ القاهرة (1982)، استشهاد جمال عبدالناصر (1982)، الحضرة الزكية (1984)، الشاطر حسن (1985)، الحمل الفلسطيني (1985)، كما ضمّ عمله "أشعار فؤاد حداد" خمسة دواوين صدرت عام 1984، إلى جانب أعمال أخرى مثل: ميت بوتيك، يا أهل الأمانة، أيام العجب والموت، ويوميات العمر الثاني – ديوان أم نبات.

ولم تقتصر موهبته على الشعر فحسب، فقد ترجم قصة "الأمير الصغير" لأنطوان دو سان إكزوبري إلى مسرحية غنائية بالعامية المصرية، مؤكدا قدرته على المزج بين العالمية والمحلية في آن واحد.

وارتبط اسم فؤاد حداد بعدد كبير من القصائد التي صارت جزءًا من الذاكرة الجماعية للمصريين، مثل: "المسحراتي"، "الأرض بتتكلم عربي"، "البسمة هلت"، "شريان فلسطين"، "قلب عبد الناصر"، "على باب الله"، "بضاعة الأمريكي"، "دي سحالي"، "القهوة"، "أيام العجب والموت"، "حب الوطن"، "سجنوني"، "شمس الحقيقة تحر".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق