اقتحمت قوات الاحتلال بلدة قباطية وقرية عنزا جنوب مدينة جنين، مستخدمة آليات عسكرية وانتشاراً كثيفاً لفرق المشاة في شوارع الأحياء.
قنابل الصوت أطلقت لترويع السكان خلال عبورهم بين الأحياء، في حين لم تُسجَّل مداهمات واسعة للمنازل أو اعتقالات جماعية فورية.
في قرية عنزا، اقتحمت قوة منزلًا، وفتشته بعناية، وعبثت بمحتوياته قبل أن تنسحب نحو الطرق المؤدية إلى بلدة يعبد، بينما أغلقت بعض الطرق الفرعية في محيط القرية.
جهود المراقبين المحليين تعتبر هذه الخطوة من محاولات فرض حصار على التجمعات السكنية الجنوبية من جنين، كجزء من تصاعد الحملات الميدانية التي تشهدها المنطقة منذ أشهر متواصلة.
نابلس تنزف الزيتون: المستوطنون يشنون حربًا على الأرض
على نحو موازي، شن مستوطنون فجر الأربعاء هجومًا على قرية قريوت جنوب نابلس، حيث قاموا بقطع مئات الأشجار "
الصور التي نشرت عبر وسائل التواصل أظهرت أضرارًا واسعة في عشرات الدونمات الزراعية.
كما أن هذا الاعتداء جاء رغم ما قيل إنه "تنسيق مؤقت" لقطف الثمار في بعض المناطق، ما أثار استغراب المزارعين والمراقبين.
منذ بدء موسم قطف الزيتون، رصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تنفيذ 259 اعتداءً ضد المزارعين، منها 46 حالة قطع وتجريف أدّت إلى تلف أكثر من 1,070 شجرة زيتون.
تُظهر هذه الأرقام أن الاعتداء على الأراضي الزراعية هو عنصر مركزي في استراتيجية تضييق الخناق على الفلسطينيين في الريف.
الحثرورة والخان الأحمر: استهداف التجمعات البدوية
في منطقة الحثرورة ضمن نطاق الخان الأحمر شرقي القدس المحتلة، اقتحمت مجموعات من المستوطنين الأراضي البدوية، محاولة إقامة خيام استيطانية والاستيلاء على الأراضي، تحت حماية جنود الاحتلال.
المواطنون تصدوا لهم، لكن الرد جاء بإطلاق قنابل الغاز والصوت لتفريق السكان. هذه الحوادث تكررت في السنوات الأخيرة وتصب في سياسة إفراغ التجمعات البدوية لصالح التوسع الاستيطاني.
سياق: استراتيجية الضغط الممنهج
هذا التصعيد لا ينبثق من فراغ، بل هو امتداد لنهج إسرائيل العسكري في الضفة الغربية، ضمن ما يُسمّى بعملية "Iron Wall" التي انطلقت في أوائل 2025.
في الضفة بشكل عام، تُنفّذ القوات والمستوطنون عشرات الاعتداءات يوميًّا، تشمل مداهمات، عمليات تقييد للحركة، مصادرة أراضٍ، واعتداءات جسدية على المزارعين الذين يسعون لقطف ثمار الزيتون.
جهود المقاومة المحلية والفصائل تحذّر من أن التوتّر قد ينفجر في أي لحظة، خاصة إذا تزامنت هذه الاعتداءات مع مواجهات في أماكن أخرى أو تطورات في قطاع غزة.
خلاصة وتحليل
إن ما جرى في قباطية وعنزا وقريوت والحثرورة ليس أحداثًا عشوائية أو ردود فعلْ موضعية، بل يندرج في إطار سياسة القضم المستمر للأرض الفلسطينية، وفرض واقع أمني يُهيئ لضمّ متدرّج أو تكريس السيطرة الفعلية.
التركيز على اقتحام التجمعات السكنية، التفتيش العشوائي، قطع الأشجار المعمّرة، واستهداف التجمعات البدوية يُعبّر عن رؤية استراتيجية: مواجهة الفلسطيني في أرضه، ومُنحاه في مصدر رزقه وهويته، وتفكيك البنى الزراعية كجزء من الحرب على الوجود الفلسطيني الريفي.
قد يأتي الصمت الدولي تحت ذرائع التوازن أو ما يُسمّى “الحفاظ على الهدنة”، لكن الواقع يشهد أن هذه الاعتداءات تشكّل جرحًا يوميًا في النسيج الفلسطيني.
فإذا استمر الدعم أو الصمت، فإن الانفجار سيكون بلا إنذار.

















0 تعليق