أدان رئيس تحالف منظمات المجتمع المدنى فى السودان، الدكتور صلاح دارمسا، بشدة الجرائم الوحشية والمجازر البشعة والانتهاكات الواسعة التى ارتكبتها ميليشيا «الدعم السريع» بحق المدنيين والأسرى فى مدينة الفاشر، والتى شملت قتلًا جماعيًا وتصفيات ميدانية واعتداءات همجية على النساء والأطفال وكبار السن، معتبرًا إياها جريمة حرب مكتملة الأركان وجريمة ضد الإنسانية، تذكّر بأبشع صور التطهير العرقى والإبادة الجماعية.
وقال «دارمسا»، فى بيان أصدره تحالف منظمات المجتمع المدنى فى السودان، أمس: «الوقائع المؤلمة فى الفاشر أثبتت أن ميليشيات (الدعم السريع) تمارس سياسة عنصرية ممنهجة من القتل والترويع والانتقام، تستهدف بها بعض المكونات الاجتماعية بإقليم دارفور فى كرامتها ووجودها».
وأضاف أن ميليشيات «الدعم السريع» ضربت عرض الحائط بكل الأعراف الدينية والقيم الأخلاقية والقوانين الدولية التى تحمى المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، مؤكدًا أن «ما جرى فى الفاشر وصمة عار فى جبين الإنسانية، وجريمة لن تمحى من ذاكرة التاريخ ولا من وجدان الشعب السودانى إلى الأبد».
وواصل: «الجرائم المرتكبة لم تكن تصرفات عشوائية، بل كانت مخططًا ممنهجًا نفذته قيادة ميليشيا (الدعم السريع) بتوجيه مباشر من قادتها العليا. ما تعرض له سكان الفاشر من قتل وحرق وتشريد وانتهاك للكرامة الإنسانية لا يمكن السكوت عنه. هذه الجرائم اختبار حقيقى لجدية المجتمع الدولى فى حماية المدنيين ورفض الإفلات من العقاب، والصمت يُعد تواطؤًا ومشاركة فى الجريمة».
وطالب تحالف منظمات المجتمع المدنى فى السودان الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الإفريقى والمحكمة الجنائية الدولية باتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لتصنيف ميليشيا «الدعم السريع» منظمة إرهابية، وفتح تحقيق دولى مستقل وشامل فى جرائمها المروعة، وتقديم قادتها وداعميهم للعدالة الدولية فورًا. كما دعا إلى حماية المدنيين فى دارفور، وتأمين الممرات الإنسانية، وضمان وصول المساعدات دون قيود أو عراقيل.
من جهتها، أعربت وزارة الصحة السودانية عن بالغ الحزن والاستنكار للمجزرة البشعة التى وقعت فى مستشفى الولادة السعودى بمدينة الفاشر، التى أسفرت عن مقتل أكثر من ٤٦٠ مريضًا ومرافقًا من المدنيين الأبرياء.
وأكدت الصحة السودانية، فى بيان، مقتل ١٢ من الكوادر الطبية فى هجمات متفرقة، بينهم ٧ من منتسبى مكتب منظمة إعانة المرضى، و٥ من الكوادر الطبية التابعة للهلال الأحمر السودانى بمدينة «بارا»، فى هجمات منفصلة نفذتها ميليشيات «الدعم السريع».
وقال وزير الصحة السودانى، هيثم محمد إبراهيم، إن هذه الاعتداءات على المرافق الصحية والكوادر الطبية تعد انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية، وعلى رأسها القانون الدولى الإنسانى، وتمثل جرائم ضد الإنسانية تستوجب المساءلة.
وأضاف «إبراهيم»: «المستشفيات والمرافق الصحية يجب أن تظل ملاذًا آمنًا ومحايدًا، لا أن تتحول إلى ميادين للعنف والقتل»، داعيًا المجتمع الدولى ومنظمات حقوق الإنسان والهيئات الأممية إلى التحرك العاجل لمحاسبة الجناة، وضمان حماية العاملين فى القطاع الصحى، وصون حرمة المرافق الطبية.
أما المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، فعبّر عن صدمته العميقة إزاء هذه الجرائم المروعة، مؤكدًا أن النظام الصحى فى السودان يواجه تحديات خطيرة، فى ظل تصاعد العنف والحصار، وانتشار الأمراض وسوء التغذية.
وأضاف «أدهانوم» أن هذه الأحداث تأتى ضمن سلسلة من الهجمات الممنهجة على المنشآت الصحية، موضحًا أن المنظمة وثقت أكثر من ٢٨٥ هجومًا على المرافق الصحية منذ اندلاع الحرب فى أبريل ٢٠٢٣.
كما حذرت المديرة التنفيذية لـ«يونيسف» كاثرين راسل، من أن نحو ١٣٠ ألف طفل فى الفاشر معرضون لخطر الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، فى ظل عمليات الاختطاف والقتل والتشويه وعنف جنسى.
وحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أعربت «كاثرين راسل» عن قلقها إزاء الصور والتقارير الواردة من المدينة السودانية، مضيفة أن الأطفال، الذين حوصروا بالفعل لأكثر من ٥٠٠ يوم، يحاصرون أكثر وسط قصف مستمر، وقتال عنيف، ونقص حاد فى الغذاء والمياه النظيفة والأدوية.
وكررت مديرة يونيسف دعوتها إلى وقف فورى لإطلاق النار، وضمان وصول إنسانى آمن ودون عوائق، وحماية المدنيين، وخاصة الأطفال، وضمان ممر آمن للعائلات للمغادرة، بما يتماشى مع القانون الدولى الإنسانى، مؤكدة ضرورة محاسبة المسئولين عن الانتهاكات.
من ناحية أخرى، أكد برنامج الأغذية العالمى إبلاغه بقرار الخارجية السودانية طرد كل من مديره القطرى ومنسقه للطوارئ واعتبارهما شخصين غير مرغوب فيهما، حيث طلب منهما مغادرة البلاد خلال ٧٢ ساعة «دون تقديم أى تفسير للقرار».
وقال البرنامج إن قرار طرد المسئولين الأمميين يأتى فى ظل «الأزمة الإنسانية الأكبر والأكثر تعقيدًا فى العالم»، وفى وقت يحتاج فيه البرنامج وشركاؤه إلى توسيع نطاق عملهم.
وأكد أنه من شأن هذا القرار أن يجبر البرنامج على القيام بتغييرات فى القيادة لم يكن مخططًا لها، الأمر الذى يعرض العمليات التى تدعم الملايين من السودانيين المستضعفين للخطر، «حيث يواجهون الجوع الشديد وسوء التغذية، بل ويتعرضون لخطر الموت جوعًا».
















0 تعليق