رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية: المتحف المصري الكبير صرح حضاري يقود مصر نحو رؤية 2030

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يعد المتحف المصري الكبير في قلب هضبة الأهرام بالجيزة نافذة حضارية فريدة تعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة، وتجمع بين الحفاظ على التراث، وتعزيز الهوية الوطنية، ونشر الوعي بين الأجيال الجديدة، والمساهمة في تحقيق رؤية مصر 2030، وفي هذا السياق تحدث “الدستور” مع الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، حول كيفية مساهمة المتحف المصري الكبير في تحقيق رؤية مصر لعام 2030.

الحفاظ على التراث المصري: منظومة علمية متكاملة

أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان أن المتحف المصري الكبير يعرض 57 ألف قطعة أثرية ضمن المعروضات في فتارين عرض خاصة بها مزودة بأنظمة قياس درجات الحرارة والرطوبة، مع إضاءة غير ضارة بالقطع، أما باقي القطع، والبالغ عددها 100 ألف قطعة، فهي محفوظة في مخازن متحفية توفر نفس ظروف العرض، مع متابعة الحالة الفنية للقطع عبر أكبر مركز ترميم في الشرق الأوسط. 

ويضيف (ريحان): "المتحف يعتبر متحفًا تعليميًا متكاملًا، بمساحة 32 ألف متر مربع تشمل 19 معمل ترميم للحفاظ على المعروضات، منها معمل المومياوات، ومعمل الميكروبيولوجي، ومعمل الميكروسكوب الإلكتروني، ومعامل الأحجار الكريمة والخزف والزجاج، ومعمل الأخشاب وصناعة التوابيت، ومعمل الآثار الجلدية، كما يضم 6 معامل للترميم العلاجي لمعالجة التلف والشروخ وتقشر الطلاء، و5 معامل للصيانة الوقائية لحماية القطع من التلف، بالإضافة إلى 8 معامل للفحص والتحليل ودراسة القطع وتوثيق أي تدخلات سابقة."

ويشير خبير الآثار إلى أن المتحف مؤهل للحفاظ على آثار مصر داخليًا وخارجيًا، بما في ذلك رأس نفرتيتي وحجر رشيد وتمثال حم إيونو، بعد أن كانت المتاحف العالمية تتذرع بعدم وجود مرافق تحافظ على هذه الآثار، كما يعتبر المتحف أول متحف أخضر في أفريقيا والشرق الأوسط، وحصل على شهادة Edge Advance للمباني الخضراء، بعد تحقيق معايير ترشيد الطاقة واستخدام الطاقة النظيفة في البناء وأنظمة الإضاءة والتهوية وتركيب الخلايا الشمسية، بما يعكس التنمية المستدامة وحماية التراث بالطاقة النظيفة.

471f4eb423.jpg

رؤية معمارية وتصميم فريد

من حيث الرؤية، أكد عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة للدستور أنه جاء اختيار المتحف بجوار الهرم الأكبر، وهو العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع، لتحقيق التواصل الحضاري بين الماضي والحاضر، مع وجود جدار زجاجي يسمح للزوار برؤية الأهرامات وكأنها جزء من المعروضات.

ويضيف (ريحان): "المسابقة المعمارية الدولية لتصميم المتحف شهدت مشاركة 1557 مشروعًا من 83 دولة، وفازت 14 شركة استشارية من خمس دول، واستغرقت دراسة المشروع 3 سنوات بتكلفة مليوني دولار، موثقة في 8 مجلدات. وصمم المتحف مكتب أيرلندي، وجاء تصميم الواجهة على شكل مثلثات تتداخل في مثلثات أصغر طبقًا لنظرية رياضية بولندية للتقسيم اللانهائي، لتجسد عبق الحضارة المصرية القديمة ودلالاتها التاريخية."

محتوى استثنائي يروي تاريخ مصر عبر العصور

لفت الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إلى أن المتحف يمتد على 500 ألف متر مربع، منها 45 ألف متر مربع مبنى متحفي، ويضم 57 ألف قطعة أثرية موزعة على 12 قاعة تاريخية من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الروماني، مع قاعات متخصصة للملكية والمعبودات والحياة الاجتماعية بمساحة 18 ألف متر مربع، بالإضافة إلى قاعتين ضخمتيْن لمجموعة توت عنخ آمون بمساحة 7 آلاف متر مربع لكل قاعة.

وكشف (ريحان) أن المتحف يعرض لأول مرة مجموعة توت عنخ آمون كاملة، بما فيها القناع الذهبي وأهم المقتنيات الملكية، وعدد 4 مقاصير ذهبية و3 أسرّة و4 عجلات حربية، مع عروض افتراضية توضح قصة الاكتشاف ومقبرة توت عنخ آمون وقت العثور عليها، كما يعرض المراكب الجنائزية، منها المركب الأول مكتملًا والمركب الثاني أمام الزوار لمدة 3 سنوات أثناء أعمال الترميم، لتتيح للزوار متابعة عمليات الترميم بأنفسهم، بمشاركة بعثة الجايكا اليابانية ومرممين مصريين.

وأضاف أن المتحف يحتوي على أقدم بلطة حجرية يدوية من العصر الحجري القديم، عمرها حوالي 700 ألف عام، اكتُشفت في العباسية، استخدمت لصيد الحيوانات وقطع النباتات، كما يضم المتحف تمثال الملك رمسيس الثاني بمساحة 7 آلاف متر مربع، والمسلة المعلقة بمساحة 27 ألف متر مربع، والدرج العظيم الذي يمتد 64 مترًا ويضم أكثر من 87 تمثالًا في سيناريو عرض تاريخي.

63a479db90.jpg

تعزيز الهوية الوطنية ونشر الوعي بين الأجيال الجديدة

أوضح (ريحان) أن المتحف يعتبر شهادة ميلاد جديدة للحضارة المصرية، إذ يسهم في إحياء التواصل مع التاريخ بين الأجيال الجديدة والشباب، مشيرًا إلى أن المتحف خصص زيارات مجانية لطلاب المرحلتين الابتدائية والإعدادية، مع ضرورة التنسيق المسبق، بهدف تحويل دراسة التاريخ إلى تجربة ملموسة تزرع الانتماء منذ الصغر.

وأضاف: "يجب استثمار هذا الحدث لتعزيز الانتماء والوعي بين شباب الجامعات، عبر تنظيم رحلات مجانية ومسابقات ثقافية وجوائز مالية، ليكون الشباب خير سفراء للحضارة المصرية على وسائل التواصل الاجتماعي."، مؤكدًا على أن الهدف هو إعادة الروح المستلهمة من حضارتنا، وزرع القيم الأصيلة في المجتمع، وتحقيق التواصل بين الماضي والحاضر.

المتحف المصري الكبير ورؤية مصر 2030: قاطرة التنمية الاقتصادية والثقافية

يتوقع عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أن يسهم افتتاح المتحف في جذب 3 ملايين زائر مبدئيًا، ليرتفع عدد السياح إلى 20.7 مليون، مع إمكانية الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول 2030، ما يوفر نحو 200 ألف فرصة عمل لكل مليون سائح وينشط 72 قطاعًا مرتبطًا بالسياحة، من الإرشاد السياحي إلى الفنادق والمطاعم والمنشآت السياحية المختلفة.

وأكد أن استثمار المتحف يحتاج لتضافر جهود الدولة بأكملها، لتحويله إلى منتج ثقافي إبداعي يوفر فرص عمل للشباب، ويربطهم بالوطن، بدلًا من الهجرة أو الانخراط في ثقافات أجنبية، كما يمكن استثمار الابتكارات والرسائل العلمية في الجامعات المصرية وتحويلها إلى صناعات عملية تدعم الاقتصاد والتنمية.

واختتم ريحان حديثه للدستور بالقول: "المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح ثقافي، بل قاطرة للتنمية الاقتصادية والبشرية، ومصدر إلهام للأجيال الجديدة، وقوة دافعة لتعزيز الانتماء الوطني والحفاظ على حضارتنا العريقة."

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق