لها دور كبير فى تحقيق التماسك الأسرى، والحفاظ على كيان المجتمع، حيث تسوّى الخلافات بين الأزواج المتخاصمين بطريقة ودية بعيدًا عن ساحات المحاكم التى قد تستهلك سنوات من أعمارهم، فتحافظ على استقرار الأطفال، وتسهم فى إعمار البيوت.
نتحدث هنا عن وحدات «لَم الشمل» التابعة للأزهر الشريف، التى تضم فرقًا متخصّصة من علماء المشيخة والمتخصصين، والتى تجلس مع المتخاصمين وتقدّم لهم حلولًا عملية لمختلف القضايا الأسرية، وليس ذلك فقط، بل أيضًا تتدخل فى المشكلات العائلية الأخرى مثل: قضايا الميراث المعقدة وغيرها من النزاعات.
فى السطور التالية، تستعرض «الدستور» دور وحدات لم الشمل فى المحافظات المختلفة، وكيف تعمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخاصمة، مع الحفاظ التام على سرية المعلومات وإيجاد حلول لكل المشكلات.
الإسكندرية.. حل 99% من الأزمات وإنقاذ حالات قبل الانفصال النهائى
كشف الشيخ طاهر المنشاوى، مسئول وحدة لَم الشمل بمحافظة الإسكندرية، عن أن الوحدة تتدخل لحل المشكلات الأسرية التى تصل لحد الطلاق فى الكثير من الأحيان، لحماية الأسرة من التفكك.
وأضاف الشيخ طاهر أن الوحدة نجحت فى حل ٩٩٪ من المشكلات الأسرية، وإعادة الترابط الأسرى مرة أخرى، مشيرًا إلى أن هناك حالات تكون قد وصلت للمأذون من أجل الطلاق، لكن مع تدخل الوحدة يتم التوفيق بين الجانبين والوصول إلى حلول مرضية.
وأشار إلى أن هناك حالات صعبة يكون كل جانب فيها متمسكًا برأيه، ما يستوجب الحكمة والتروية للوصول إلى حلول ترضى الطرفين دون أن يجور طرف على الآخر، متابعًا أن مشكلات الأسر كثيرة ويجب على من يتدخل لحلها أن يكون شخصًا حكيمًا، ولذلك الوحدة تقوم بهذا الدور.
الوادى الجديد.. إنهاء مشكلة تقسيم تركة معقدة بعد نزاعات كبيرة فى المحاكم
أكد الدكتور عمر رشاد، مدير إدارة التوجيه بمنطقة الوعظ بالوادى الجديد وأحد مسئولى وحدة «لَم الشمل»، أن الوحدة تواصل عملها بكامل طاقتها منذ افتتاحها بمركز الخارجة؛ بهدف مساعدة المواطنين فى حل النزاعات والمشكلات الأسرية والمجتمعية بطرقٍ شرعية وودية، بعيدًا عن الخلافات الشخصية والإجراءات القانونية المطولة.
وأشار «رشاد» إلى أن من أحدث القضايا التى نجحت الوحدة فى حلها، كان بين زوجين نشب بينهما خلاف أسرى طويل وصل إلى ساحة المحاكم، وبعد تدخُّل الوحدة جرى الجلوس مع الطرفين فى جلسة ودية انتهت بالصلح وإرضاء كلا الطرفين دون اللجوء إلى الإجراءات القضائية. وأضاف أن الوحدة تمكَّنت من حلّ نحو ٤٠ قضية متنوعة، شملت نزاعات أسرية وخلافات زوجية وقضايا تقسيم ميراث، مؤكدًا أن جميع القضايا يُعَالَج بروح الحياد والموضوعية؛ ما يحقّق العدالة ويُرضى جميع الأطراف. وضرب مثالًا بإحدى القضايا المعقَّدة التى استغرقت ثلاثة أشهر لحلّها، وكانت تتعلَّق بتقسيم تركة كبيرة تضمّ أراضى زراعية ومبانى فى مناطق مختلفة، حيث تمكنت الوحدة من حصر الأملاك وتقسيمها وفقًا لما ورد فى القرآن الكريم، ما أسهم فى إنهاء الخلاف وإرضاء جميع الورثة.
مطروح.. سرية فى تناول الأزمات وإقبال وتجاوب ملحوظ من الأسر لحل الخلافات والنزاعات
أكد الشيخ عبدالحكيم سلطان، مدير عام منطقة وعظ مطروح، ورئيس لجنة الفتوى، ورئيس وحدة «لَم الشمل» بالمحافظة، أن للوحدة دورًا كبيرًا وفعالًا فى حل المشكلات والخلافات والنزاعات بمحافظة مطروح.
وأضاف الشيخ عبدالحكيم أنه يتم استدعاء أطراف الخلاف والاستماع إلى كل طرف على حِدة، وتحديد أسباب المشكلة التى أدت إلى النزاع، ثم تبذل الجهود لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، والاستدلال بآيات من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وبيان ما لكل طرف من حقوق وما عليه من واجبات.
وأضاف أن العمل على حلّ النزاع بين الأطراف يجرى بسرية تامة، مع المتابعة المستمرة من قيادات الأزهر الشريف، ممثلة فى مجمع البحوث الإسلامية ومشيخة الأزهر، مؤكدًا أن هناك إقبالًا وتجاوبًا ملحوظًا لحل الخلافات بين العديد من الأسر فى المحافظة.
وأوضح أنه منذ عدة سنوات، تم إنشاء لجان بالأزهر الشريف تعمل على حل المشكلات الأسرية والنزاعات المختلفة؛ بهدف الحفاظ على كيان الأسرة والمجتمع.
كما أشار إلى أن أبرز المشكلات والخلافات التى عملت وحدة «لَم الشمل» بمطروح على حلها، تمثّل فى قضايا الخلع والطلاق الناتجة عن كثرة الخلافات بين الأزواج واللجوء إلى المحاكم، حيث نجحت الوحدة فى تسوية العديد من هذه النزاعات، ودعم استمرار كيان الأسرة.
المنوفية.. المناقشة بموضوعية مع مراعاة البُعدين الإنسانى والدينى
أكد الدكتور فيصل الكيلانى، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف فرع محافظة المنوفية، أن وحدة «لَمّ الشمل» تمثل أحد أهم مشروعات الأزهر فى تعزيز التماسك الأسرى والمجتمعى، مشيرًا إلى أنها تعمل بروح الوسطية والحكمة لتسوية النزاعات الأسرية والخلافات المجتمعية بعيدًا عن ساحات القضاء.
وأوضح «الكيلانى» أن آلية العمل تبدأ من خلال الموقع الإلكترونى لمشيخة الأزهر، حيث يُرسل المواطن المشكلة عبر المنصة الرسمية، لتتولى المشيخة إحالتها إلى أقرب نقطة فتوى بالمحافظة، ثم تُحال القضية إلى وحدة «لَمّ الشمل» التى تضم أعضاء من لجان الفتوى المدربين على إدارة الحوار والتوفيق بين الأطراف المتنازعة. وأضاف أن أعضاء الوحدة يعقدون جلسات صلح وتوفيق بين الأطراف، تُناقش خلالها المشكلة بموضوعية تامة مع مراعاة البُعدين الإنسانى والدينى، مشيرًا إلى أنه بعد التوصل إلى اتفاق، يتم تحرير استمارة رسمية تتضمن تفاصيل الحل المتفق عليه، وتحفظ نسخة منها فى مشيخة الأزهر لمتابعة التنفيذ وضمان الاستقرار الأسرى. وبيَّن أن الوحدة لا تقتصر على المشكلات الأسرية فحسب، بل تستقبل أيضًا قضايا الميراث والمعاملات والعبادات، بالتنسيق مع لجنة الفتوى الرئيسية بمحافظة المنوفية، التى تقدم الدعم العلمى والشرعى فى كل ما يُعرض عليها.
الغربية.. معظم الحالات للطلاق والنفقة والمواريث
قال مشرفو وحدة «لم الشمل» بالغربية إنه يتم استقبال عشرات الحالات يوميًا طوال أيام الأسبوع من الساعة التاسعة صباحًا حتى الرابعة عصرًا، مؤكدين أن معظم الحالات «طلاق وحضانة ونفقة ومواريث وقطيعة رحم وخلافات بين الأشقاء».
وأشاروا إلى أنه تم إبلاغ الوحدة الرئيسية بضرورة تنظيم برامج لتوعية الشباب والفتيات المقبلين على الزواج، بهدف تكوين أسر ناجحة وتقليل من حالات الطلاق.
وأضافوا: «الشكوى يتم حلها عن طريق لجنة شرعية أو اجتماعية أو قانونية على حسب القضية واستطاعت الوحدة حل مئات المشكلات حتى الآن».
أسيوط.. عناصر نسائية لحل الخلافات الزوجية وإنهاء 25 قضية شهريًا
قال زين العابدين محرم على، منسق وحدة لم الشمل التابعة للأزهر الشريف بمحافظة أسيوط، إن الوحدة تنسق مع منطقة الوعظ بالمحافظة، وتستهدف ٤ مجالات، هى: «حل النزاعات الزوجية داخل الأسرة، والنزاعات بين الجيران، وحل مشكلة قطيعة الرحم بين الأبناء وآبائهم، وأخيرًا حل مشكلة المواريث». وأوضح «على» أن الوحدة أسهمت فى حل الكثير من المشكلات خاصة الأسرية، ما أسهم بدوره فى إصلاح المجتمع، لافتًا إلى أنه تتم الاستعانة بعناصر نسائية لحل الخلافات الأسرية، فضلًا عن وجود عضو من مجمع البحوث واعظ أو واعظة بقيادة الدكتور مرتجى عبدالرءوف.
وعن طريقة التواصل مع الوحدة، أضاف: «يتم ذلك عن طريق طلب إلكترونى يقدمه المواطن أو من خلال الخط الساخن أو التواصل المباشر والحضور إلى مقر الوحدة فى أى فرع معتمد».
وأشار إلى أن أغلب المشاكل التى تصل إلى الوحدة نزاعات أسرية بين الزوجين ويتم التعامل معها وحلها سريعًا وتكون معظمها مشاكل وأسباب مادية ويتم حلها بطريقة عرفية ودية، أما مشكلات الميراث والمشاكل الخاصة بقطيعة الرحم فهى قليلة وليست منتشرة، مضيفًا: «نتعامل شهريًا مع ٢٠ إلى ٢٥ قضية».
وأوضح أن أغلب مشاكل الزواج سببها عدم الوعى الكافى لدى الطرفين بالواجبات والحقوق، لذا تم تخصيص دورات للتوعية المجتمعية والأسرية وكيفية اختيار شريك الحياة والتربية والتنشئة المتوازنة بين الذكر والأنثى.
وأكد أنه يتم التوسع فى إنشاء فروع للوحدة بعدد من مراكز المحافظة، حيث يتم تخصيص اثنين فى كل فرع أحدهما واعظ والآخر من الوحدة أو الإدارة، لأن التدخل السريع يكون فى أوقات كثيرة سببًا رئيسيًا فى حل المشاكل قبل تفاقهما.















0 تعليق