"القاهرة عشقي"  رواية الأسئلة الجوهرية حول علاقة الشرق بالغرب

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صدر مؤخراعن دار صفصافة للنشر رواية "القاهرة عشقي" للكاتب الروائي الإسباني “رافائيل باردو مورينو”، ومن ترجمة محمد السيد دياب، السيد محمد واصل.

في روايته "القاهرة عشقي"، يقدم الكاتب الإسباني رافائيل باردو مورينو عملًا أدبيًا يتجاوز حدود السرد السياحي لفضاء القاهرة، الذي يسرده  بعشق ومعرفه ودهشة لا تخلو من غرابة، تخرج القاهرة  ككائن حي نابض مغري ومربك. 

18fa3809fc.jpg

تبدأ الرواية بلقاءٍ عابر في مقهى الفيشاوي بين البطل الإسباني روبرتو وعدد من المثقفين المصريين، من بينهم سعيد، الذي يصبح مرشده في فهم أسرار القاهرة الثقافية والإنسانية، وسرعان ما تتقاطع رحلته الفكرية مع قصة حبٍ جارفة تجمعه بفتاة مصرية تدعى فايقة، تنقله من حالة التأمل النظري إلى اختبارٍ حسي وعاطفيّ يزلزل قناعاته الأوروبية حول الحب والحرية والاختلاف.

"ما كانت ساحة مقهى الفيشاوي المكتظة لتتسع لشخص آخر. إلا منضدة كان يجلس عليها رجل مسن - إلى حد ما- في صف المناضد الملتحم المتكئ على حائط الحارة الشهيرة كان بها مكان للجلوس. اقترب روبرتو من الرجل الجالس ذي المظهر الأنيق".

تطرحالرواية أسئلة جوهرية حول العلاقة بين الشرق والغرب، وحول الصورة المتبادلة بين الأوروبي والمصري في ظل إرث طويل من سوء الفهم الثقافي. فالقاهرة التي يسعى روبرتو إلى اكتشافها ليست مدينة السياحة والأهرامات، بل مدينة البشر الحقيقيين، مدينة الازدحام والحياة اليومية والمقاهي الشعبية، حيث تمتزج الروح الصوفية بالعنفوان الجسدي، والقداسة بالدنيوية.

5504ffcbe8.jpg

يمزج مورينو بين السرد الروائي والفلسفة التأملية، إذ تتخلل الحوارات الطويلة بين روبرتو وسعيد مناقشات حول الدين والسياسة والعلاقات الإنسانية. ففي أحد المقاطع اللافتة، يتحدثان عن مفهومَي "إيروس" و"أغابي" في الحب، أي بين الرغبة الجسدية والمحبة الروحية، وهو حوارٌ يكشف عمق الرؤية التي تتجاوز الرومانسية التقليدية نحو تفكيك معنى الحب في عالمٍ من التناقضات الثقافية.

تتخذ الرواية من القاهرة رمزًا مزدوجًا: فهي في نظر الأجنبي مدينةُ الفتنة والضياع، لكنها في الوقت ذاته فضاءٌ للبحث عن الذات. كل مشهد من مشاهدها – من ميدان الفلكي إلى كورنيش النيل وأسواق وسط البلد – يحمل إشارةً إلى التحول الداخلي الذي يعيشه البطل. ومع توالي الأحداث، تتحول العلاقة بين روبرتو وفايقة إلى مرآةٍ تعكس الفارق بين عالمين، وتفضح التوتر بين الرغبة في التملك والخوف من الفقد.

 

 

تنسج الرواية خطوطًا فرعية سياسية وثقافية، منها إشارات إلى الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان، وحوارات عن العدالة الاجتماعية والحرية الفكرية في العالم العربي، مما يمنح النص بعدًا نقديًا يتجاوز قصة الحب إلى تأملٍ في مصير الحضارة الإنسانية.

 

"القاهرة عشقي" ليست فقط حكاية غرام بين أجنبي وفتاة مصرية، بل رحلة في قلب المدينة والإنسان، رحلة في التناقضات التي تجمع الشرق والغرب، الجسد والروح، الشك والإيمان. إنها رواية عن عشقٍ يتجاوز حدود الجغرافيا، عن قاهرةٍ تُحب وتُؤذي في الوقت ذاته، مدينةٍ لا تُنسى لأنها، ببساطة، تسكن القلب كقدرٍ جميلٍ ومؤلم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق