نقاش حول أغاني النساء في التراث المصري بالمجلس الأعلى للثقافة

نقاش حول أغاني النساء في التراث المصري بالمجلس الأعلى للثقافة
نقاش
      حول
      أغاني
      النساء
      في
      التراث
      المصري
      بالمجلس
      الأعلى
      للثقافة

تواصلت فعاليات احتفالية اليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي، التي تنظمها وزارة الثقافة تحت عنوان “تقاليد الموسيقى والغناء”، بالمجلس الأعلى للثقافة، وبالتعاون مع قطاع صندوق التنمية الثقافية، ومكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة، والمركز القومي للسينما، وعدد من المؤسسات الثقافية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني.

وعُقدت الجلسة الثانية تحت عنوان “أغاني النساء”، وأدارها الدكتور مصطفى عبد القادر، بمشاركة ثلاث باحثات في التراث وهن: آيات عبد الدايم، ونهاد حلمي، وفاطمة محمد علي.

تحدث الدكتور مصطفى عبد القادر مشيرًا إلى أهمية الأغاني الشعبية في مصر، مؤكدًا أنها مرآة صادقة تعكس حياة الناس وثقافتهم. وأوضح أن هذه الأغاني تتنوع بين أغاني العمل والسمر والأفراح وغيرها من الفنون التي نشأت من البيئة المصرية وارتبطت بتفاصيل الحياة اليومية.


كما أشار إلى أن تنوع الموسيقى والفنون الشعبية يدل على ثراء هذا التراث وعمقه، إذ كان لكل فئة من فئات المجتمع أغانيها الخاصة؛ فالعامل يغني في مصنعه، والفلاح في حقله، والبناء في موقع عمله، كما ظهرت أغنيات للرجال والنساء والأطفال، تعبّر جميعها عن وجدان المصريين وتجاربهم الحياتية بصدق وبساطة.

وتحدثت الباحثة آيات عبد الدايم في مشاركتها بعنوان “أفراح جروان.. أغاني الكحك” عن تجربتها في التوثيق والجمع الميداني من قرية جروان بمحافظة المنوفية، متناولةً طقوس الفرح التقليدية في القرية، التي تمر بعدة مراحل تبدأ بـجلسة التعارف وتنتهي بـسبوع العروسة الثالث، وتشمل طقوسًا مركزية مثل الشبكة، العزال، الكحك، ليلة الحنة، الزفاف، الشال، والصباحية.

وأوضحت أن جلسات الغناء النسائية كانت جزءًا أساسيًا من هذه الطقوس، تصاحبها الطبلة وتُؤدَّى فيها أغنيات خاصة بكل مرحلة، أو تُعدَّل كلماتها لتناسب المناسبة.
أما في الوقت الحاضر، فقد أشارت الباحثة إلى أن هذه الجلسات تكاد تختفي نتيجة انقطاع نقل التراث بين الأجيال وتغير شكل الأفراح، إذ أصبح الغناء على هامش الاحتفالات، ويُنظر إلى حافظات التراث من النساء بنوع من عدم التقدير، بل ويمارس بعض الرجال سلطة لمنعهن من الغناء.

كما تحدثت عن أغاني حفان الكحك، وهي أغنيات تؤديها النساء أثناء إعداد الكحك دون استخدام الطبلة، ويغلب عليها الأداء الصوتي الهادئ والتلوين في حروف المد، مع الزغاريد في مواضع معينة. وقد تراجع أداء هذه الأغاني منذ أوائل الألفية، ولم يتبقَّ في القرية سوى امرأتين فقط تحفظان أغاني الحفان اليوم، مما يعكس تراجع هذا التراث النسوي تحت ضغط التغيرات الاقتصادية والاجتماعية.

ثم تحدثت الباحثة نهاد حلمي حول أغاني النساء في صعيد مصر، موضحةً أنها تعبّر عن مختلف المشاعر الإنسانية والاجتماعية.
وتحتل هذه الأغاني مكانة مميزة في المناسبات، خاصة في الأفراح، حيث تعبّر النساء من خلالها عن الفرح والفخر بالعروس وأهلها، وتتميّز بالإيقاع القوي والزغاريد والحركة الجماعية التي تضفي أجواء من البهجة.
كما تناولت الباحثة فكرة الأمومة في أغاني النساء بالصعيد، التي تظهر فيها مشاعر الحنان والتضحية والدعوات الصادقة للأبناء بالسعادة والستر، أو التعبير عن شوق الأم لابنها الغائب.
ورأت أن أغاني النساء في الصعيد تمثل مزيجًا بين الفرح والأمومة، وتعكس بصدق دور المرأة كمصدر للحب والعطاء في المجتمع الصعيدي.

واستطردت موضحةً أن أغاني النساء في صعيد مصر ليست مجرد وسيلة للتعبير عن المشاعر، بل هي تراث شفهي ينقل القيم والعادات والتقاليد من جيل إلى آخر.
فالمرأة الصعيدية من خلال الغناء تؤدي دور الراوية والحافظة للذاكرة الجماعية، فتغني للفرح كما تغني للحزن، وتعبّر عن معاناتها وآمالها وأحلامها في كلمات بسيطة لكنها صادقة وعميقة.
وفي الأغاني المرتبطة بالأمومة، يظهر الجانب الإنساني العميق للمرأة، حيث تُبرز دور الأم كرمز للعطاء اللامحدود، وكصوت يحمل الأمل والاستمرار في وجه صعوبات الحياة.
وفي ختام حديثها أكدت أن أغاني النساء في الصعيد ليست مجرد طقس احتفالي، بل صورة حية لهوية المرأة الصعيدية، تعكس أصالتها وقوتها وقدرتها على تحويل تجاربها اليومية إلى فن نابض بالحياة.

أما الباحثة فاطمة محمد علي، فتحدثت حول أغاني البنات في مصر، مشيرةً إلى ما رسّخته فيها والدتها - وهي من مدينة الأقصر - من أغانٍ تراثية حفظتها عن طريق السماع والمشاركة في المناسبات. وأوضحت أن والدتها كانت مصدرها الأول لعالم التراث الصعيدي العامر، الذي يعكس ملامح الحياة والعادات والتقاليد المتوارثة في الجنوب.
وقدمت الباحثة مجموعة من الأغاني الصعيدية خفيفة الظل، التي تمتاز بروح الدعابة والبساطة، وتحتوي في الوقت نفسه على العِبر والحِكم المستمدة من تجارب الناس وحكاياتهم اليومية، لتجسد بذلك العمق الإنساني والفكاهي للتراث الشعبي الصعيدي.

وفي الختام، أكدت فاطمة محمد علي أنها تعمل، بمساعدة بناتها، على توثيق أغاني التراث الصعيدي في الفترة القادمة، مستفيدةً من وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لنشر هذا الفن وإحيائه بين الأجيال الجديدة، حفاظًا على الذاكرة الشعبية وإبرازًا لجماليات الغناء الصعيدي بوصفه جزءًا أصيلًا من الهوية الثقافية المصرية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الزمالك يفتح تحقيقًا في اختفاء خطاب إيقاف دونجا من النادي
التالى المتحف المصري الكبير مشروع القرن.. كيف غيّر خريطة السياحة في مصر؟