يتزامن اليوم الأحد، السادس والعشرون من أكتوبر، مع ذكرى ميلاد المخرج الكبير محمد خان، أحد أبرز مخرجي السينما المصرية والعربية، وصاحب البصمة الواقعية التي أعادت للفن السابع صدقه وإنسانيته بعد سنوات من الزيف والبهرجة، ترك خان إرثًا سينمائيًا خالدًا تجاوز تأثيره حدود الزمن، وجعل من اسمه مدرسة قائمة بذاتها في الإخراج السينمائي.

ولد محمد خان عام 1942 في حي السكاكيني بالقاهرة لأب باكستاني وأم مصرية. منذ طفولته، سكنت السينما وجدانه، إذ كان منزله يطل على دار عرض مكشوفة، فكان يتابع الأفلام من شرفته، لتتشكل علاقته المبكرة بالشاشة الفضية، وفي منتصف الخمسينيات، سافر إلى لندن لدراسة الهندسة، لكنه غير مساره سريعًا ليدرس السينما، ليجد نفسه أمام الطريق الذي سيقوده إلى المجد الفني.

عرف خان بأنه "مخرج الناس العاديين"، إذ جعل من الشارع المصري بطلًا رئيسيًا لأفلامه، وابتعد عن التصوير داخل الاستوديوهات، مفضلًا الكادرات الحية وسط الزحام والتفاصيل اليومية البسيطة التي تجسد روح الحياة.

أخرج محمد خان نحو 25 فيلمًا، وشارك في كتابة 13 قصة منها، حاصدًا عشرات الجوائز المحلية والعالمية، ومن أبرز أعماله التي دخلت قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية:

• "ضربة شمس" (1980)، أولى تجاربه الإخراجية وبداية ثورته السينمائية.
• "موعد على العشاء" (1981)، الذي جمع أحمد زكي وسعاد حسني وحسين فهمي، وأبرز عبقريته في تكوين الصورة السينمائية.
• "الحريف" (1984)، التعاون الوحيد مع عادل إمام، الذي قدم فيه الزعيم شخصية بعيدة عن الكوميديا.
• "خرج ولم يعد" (1985)، بطولة يحيى الفخراني، الذي حصد جوائز عديدة.
• "زوجة رجل مهم" (1987)، بطولة أحمد زكي وميرفت أمين، من أهم أفلامه الواقعية.
• "أحلام هند وكاميليا" (1988)، أحد أكثر أفلامه إنسانية.
• "أيام السادات" (2001)، الذي قدم السيرة الذاتية للرئيس الراحل أنور السادات.
• "في شقة مصر الجديدة" (2007)، الذي أعاد به دفء المشاعر إلى الشاشة.

كما خاض تجربة الإنتاج بخمسة أفلام، أبرزها "يوسف وزينب" و"الحريف" عام 1984، وشارك كممثل في نحو تسعة أعمال، من بينها "واحدة بواحدة"، "فارس المدينة"، "ملك وكتابة"، و"بيبو وبشير".

أما على الصعيد الشخصي، فقد عرف بحبه الكبير للفنانة نهلة سلامة، التي تزوجها خلال تصوير فيلم "مستر كاراتيه" عام 1993، إلا أن الزواج لم يستمر سوى ثلاثة أشهر بسبب غيرته الشديدة والخلافات بينهما.

رحل محمد خان عن عالمنا في 26 يوليو 2016 عن عمر ناهز 74 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا من الأفلام التي لا تزال تدرس وتلهم الأجيال الجديدة من المخرجين.

وفي ذكرى ميلاده، يتجدد الحديث عن هذا المبدع الذي جعل الكاميرا عينًا ترى الواقع بصدق، ووجدانًا يسجل نبض الناس، وتبقى صورته النادرة التي تجمعه مع أحمد زكي وعمر الشريف رمزًا لجيل آمن بأن السينما ليست ترفًا، بل مرآة لروح الوطن.