أثار قرار فصل بعض الطلاب لتجاوزهم نسبة الغياب المقررة جدلًا واسعًا داخل الأوساط التربوية، بين من يراه إجراءً تأديبيًا ضروريًا لضبط الانضباط المدرسي، ومن يعتبره عقوبة مدمّرة لأهداف العملية التعليمية.
وفي هذا السياق، علّق الدكتور عاصم حجازي، الخبير التربوي، موضحًا أن المدرسة في الأساس "مؤسسة تربوية وليست عقابية"، وأن الهدف الأسمى منها هو تعديل سلوك الطلاب وتقويمهم وإكسابهم المعارف والمهارات والسلوكيات الإيجابية، وليس معاقبتهم أو إقصاؤهم.
وأكد حجازي فى تصريح خاص لـ"الدستور" أن حرمان الطالب من دخول المدرسة، سواء لفترة قصيرة أو طويلة، يعني حرمانه من حقه في التربية والتعليم والتطور، وهو ما يتعارض مع جوهر الرسالة التربوية.
وأضاف: "حينما نمنع الطالب من فرصته في التهذيب والتعليم، فإننا ندفعه دون قصد إلى طريق السلوكيات السلبية وغير المقبولة".
ورغم رفضه لفكرة الفصل بسبب الغياب، أشار الخبير التربوي إلى أن الفصل يظل مقبولًا فقط في الحالات الخطيرة، مثل ارتكاب الطالب جريمة أو التسبب في ضرر جسدي كبير لأحد زملائه أو معلميه، مؤكدًا أن هذه الحالات "تمثل خطرًا حقيقيًا على المجتمع المدرسي وتتطلب تدخلًا حاسمًا".
أما في حالة تجاوز نسبة الغياب، فقد اقترح حجازي تطبيق عقوبة تربوية بديلة، مثل حرمان الطالب من الدرجات المخصصة للحضور.
وقال: "يمكن للوزارة أن تخصص عشر درجات للحضور تضاف إلى المجموع الكلي، يحصل عليها من حضر 75% من أيام الدراسة الفعلية، ويحرم منها من تجاوز النسبة المقررة".
وأوضح أن الفصل لا يحقق أي هدف تربوي، بل على العكس، يترك "أثرًا نفسيًا سلبيًا لدى الطالب يجعله يشعر بالدونية والنقص، ويكوّن لديه اتجاهات سلبية نحو المدرسة ونحو ذاته"، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى انحراف السلوك أو الانعزال عن التعليم.
واختتم الدكتور عاصم حجازي حديثه بالتأكيد على ضرورة الحد من استخدام عقوبة الفصل إلا في الحالات القصوى، قائلًا: "التربية لا تتحقق بالعقاب، بل بالفهم والاحتواء، والمدرسة مسؤولة عن تقويم السلوك لا التخلص من صاحبه".















0 تعليق