مع حلول ذكرى مولد الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد ﷺ، تحولت أروقة وساحات مسجد الحسين بالقاهرة إلى قبلة لعشاق آل البيت، حيث امتلأت الشوارع المحيطة بالمسجد بالخيام الصوفية، التي نصبت لاستقبال المريدين من مختلف محافظات مصر، بل ومن دول عربية وأجنبية.
طقوس تتجدد كل عام
في مشهد يتكرر كل عام، لكن لا يفقد بريقه، علت أصوات الذكر والإنشاد، وتمايلت الأجساد على إيقاع الدفوف والقصائد الصوفية التي تنشد في حب النبي وآل بيته.
"أهل المدد" هي العبارة التي تتردد على الألسنة، ترحيبًا وطلبًا للبركة، بينما يكتسي المكان بأعلام الطرق الصوفية التي تجاوز عددها 70 طريقة معتمدة في مصر.
كرنفال روحاني
تحول محيط مسجد الحسين إلى كرنفال روحاني، تداخل فيه العبق الديني مع العادات الشعبية. الأطفال يرتدون أزياءً ملوّنة ويحملون الحلوى، بينما يوزّع أصحاب "الخِدَم" الطعام والمشروبات مجانًا على الزائرين، في تقليد يُعرف بـ"السُّفرة"، طلبًا للأجر والكرم.
الطرق الصوفية في الواجهة
أقامت الطرق الصوفية خيامًا كبيرة مزوّدة بمكبرات الصوت ومجالس الذكر، حيث تعالت الأناشيد مثل: "الله حيّ"، و"مدد يا حسين"، و"يا جد الحسنين"، وسط حلقات الدروشة التي تستمر حتى ساعات الفجر الأولى. ويقول الشيخ محمود الرضوي، أحد مشايخ الطريقة الرضوانية: "مولد الحسين مناسبة عظيمة نجتمع فيها على المحبة والذكر... هو احتفال بتراثنا وتاريخنا الروحي".
ومن أبرز الطرق الصوفية، التي قدمت خدماتها للزائرين "الطريقة الشبراوية والطريقة الهاشمية والطريقة التجانية، والطريقة البرهامية، والطريقة القادرية، والطريقة الإدريسية والطريقة الدسوقية، والطريقة الخلوتية والطريقة البكداشية، والطريقة المغازية".
إجراءات أمنية وتنظيمية
ورغم الطابع الشعبي للمولد، إلا أن الجهات الرسمية حضرت بقوة، حيث انتشرت قوات الأمن لتنظيم حركة المرور وضمان سلامة الزوار، كما قامت محافظة القاهرة بتكثيف حملات النظافة والرقابة الصحية حول المسجد والمنطقة المحيطة به.
جدل لا يغيب
وكما في كل عام، يعود الجدل حول الاحتفال بالمولد بين مؤيد يرى فيه "محبة وارتباطًا بالبيت النبوي"، ومعارض يعتبره "بدعة"، غير أن المشاركين يرون في حضورهم نوعًا من التبرك والتعبير عن الهوية الدينية والثقافية لمصر.
يبقى مولد الحسين واحدًا من أبرز الفعاليات الدينية الشعبية في مصر، تلتقي فيه الروحانيات مع العادات، وتُفتح فيه القلوب على نداء "المدد"، في ساحة لا تُشبه غيرها، حيث الزمان يحمل عبق التاريخ، والمكان يحتضن العاشقين في حضرة الإمام.









0 تعليق