حسن الأسمر.. صوت الحزن الجميل الذي غنى وجدان المصريين

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان حسن الأسمر، الصوت الذي لا يزال صداه يتردد في الأزقة والمقاهي والأعراس، رغم مرور أكثر من عقد على رحيله، هو أحد رموز الأغنية الشعبية في مصر خلال الثمانينيات والتسعينيات، وصاحب الأداء الذي جمع بين الحزن والعاطفة، فبقي حاضرًا في ذاكرة الجمهور كـ"أمير الأغنية الشعبية" بلا منازع.

753.webp

البداية من شارع محمد علي

ولد حسن الأسمر في القاهرة عام 1959، ونشأ في بيئة شعبية شكلت وجدانه الفني، بدأ مشواره من شارع محمد علي، المدرسة الأولى لكل مطرب شعبي في ذلك الزمن، حيث تعلم أسرار المقامات والموال، وأدرك أن الغناء الشعبي لا يقوم على الصوت فقط، بل على الإحساس الصادق، في تلك الشوارع بدأت موهبته تزهر، فصار صوته مرآة تعكس وجدان الناس البسطاء ومشاعرهم اليومية.

754.jpg

كانت أغنية «عليل أنا يا تمر حنة» أول محطة فارقة في مسيرته، إذ قدم من خلالها جرعة عاطفة صادقة جعلت الجمهور يلتفت إليه، وبعد نجاحها أصدر ألبومه الشهير «عيون ست البنات» عام 1984، ليكرس حضوره كواحد من أبرز أصوات جيله، ثم جاءت الأغنية التي خلدت اسمه في التاريخ، «كتاب حياتي يا عين»، التي كتبها ولحنها بنفسه باسم مستعار (حسن عبد العزيز)، لتتحول إلى نشيد للألم الإنساني والرضا بالقدر، تلك الأغنية كانت بمثابة سيرة ذاتية بصوت مجروح لكنه قوي، حتى أصبحت تردد في كل بيت وشارع ومقهى.

8d5f678336.jpg

جاكسون مصر .. فنان متكامل بأداء عفوي 

لم يكن حسن الأسمر مجرد مطرب حزين، بل فنان متكامل يمتلك حسًا مسرحيًا واستعراضًا مميزًا، على المسرح كان يمزج الغناء بالرقص والتفاعل مع الجمهور في أداء عفوي يشبه حفلات "الفرح البلدي"، ما جعله يلقب أحيانًا بـ"جاكسون مصر"، وقد نقل هذا الحضور إلى الشاشة أيضًا، فشارك في عدد من الأعمال الدرامية البارزة مثل «أرابيسك» و«جحا المصري»، إضافة إلى تجربته المميزة على المسرح القومي في عرض «باللو»، التي وصفها بأنها الأصعب والأقرب إلى قلبه.

أبرز الأغاني التي شكلت ملامح تاريخه

وبين الأغاني التي شكلت ملامح تاريخه، تبقى «أنا أهو» واحدة من أبرز محطاته، إذ أظهر فيها جانبًا مختلفًا من شخصيته، روحًا مرحة وثقة بالنفس، بأداء ارتجالي ولازمة موسيقية لا تنسى، كما قدم أغنية «أعملك إيه» التي أكدت مكانته كصوت غزلي شعبي قادر على الدمج بين الفرح والصدق، بأداء بسيط لا يحتاج إلى تجميل.

760.jpg

وفي نهاية التسعينيات، تعاون مع المنتج نصر محروس ضمن مشروع البوب الشعبي، فأصدر أغنية «متشكرين» التي جمعت بين روح الريف وإيقاعات المدينة الحديثة، مجسدًا جسرًا فنيًا بين جيلين، أما في الألفينات، فقدم «اتدلع يا حلو» بتوزيعات عصرية، خرج فيها من الميلودراما المعتادة إلى أجواء أكثر خفة وإيقاعًا سريعًا، مثبتًا أنه قادر على التجدد دون أن يفقد أصالته.

761.jpg

رحيل مفاجئ

برحيله المفاجئ عام 2011 إثر أزمة قلبية، فقدت الساحة الفنية أحد أكثر الأصوات صدقًا ودفئًا، لكن حضوره ظل ممتدًا في ذاكرة المصريين. فكلما دوت كلمات "كتاب حياتي يا عين"، يستعيد الناس ملامحه البسيطة وصوته الذي يشبه وجعهم وفرحهم في آن واحد.

762.webp

لم يكن حسن الأسمر مجرد مطرب شعبي، بل ظاهرة إنسانية غنائية عبرت عن وجدان طبقات المجتمع المختلفة، جمع بين الشجن والقوة، بين الحزن والبهجة، بين الأصالة والتجديد واليوم، بعد سنوات من رحيله، يبقى صوته شاهدًا على عصر ذهبي للأغنية الشعبية المصرية، حيث كان الغناء حياة، والكلمة وجدان، واللحن حكاية من قلب الناس.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق