أكد الدكتور مدحت نافع، أستاذ وخبير الاقتصاد، أن قرار الحكومة برفع أسعار البنزين والسولار مؤخرًا رغم انخفاض أسعار النفط عالميًا، يستند إلى منطق اقتصادي مرتبط بتراكمات خسائر سابقة بين سعر التكلفة وسعر البيع في السوق المحلي.
مصر أكبر مستورد للغاز المسال في المنطقة
وأوضح الدكتور مدحت نافع، أستاذ وخبير الاقتصاد، في حواره مع برنامج اقتصاد مصر ، المذاع على أزهري، أن تلك الفجوة بين السعرين تفاقمت خلال السنوات الماضية نتيجة تراجع الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، وتأخر مستحقات الشريك الأجنبي، وتوقف عمليات الاستكشاف لفترات طويلة، ما اضطر الحكومة إلى الاعتماد على الاستيراد من الأسواق الفورية بأسعار مرتفعة نسبيًا.
الحكومة تحملت جزءًا من هذه الأعباء دون تمريرها الفوري إلى المواطن
وأشار الدكتور مدحت نافع، أستاذ وخبير الاقتصاد، إلى أن مصر تحولت خلال العام الجاري إلى أكبر مستورد للغاز المسال في المنطقة، وهو ما ضاعف تكاليف التشغيل والنقل وعمليات التغويز، مؤكدًا أن الحكومة تحملت جزءًا من هذه الأعباء دون تمريرها الفوري إلى المواطن، حتى جاء القرار الأخير باعتباره خطوة لتصحيح المسار المالي للقطاع.
وأضاف أن الحكومة لجأت إلى هذا الإجراء في ضوء تقديرات الموازنة العامة التي سعّرت برميل النفط بأكثر من 70 دولارًا، رغم تراجعه في الأسواق العالمية إلى حدود 60 دولارًا، معتبرًا أن تثبيت السعر كان في حد ذاته نوعًا من الرفع الجزئي للدعم.
وأشار إلى أن دعم المواد البترولية في الموازنة بلغ نحو 150 مليار جنيه قبل احتساب الزيادة الأخيرة، موضحًا أن جزءًا من هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه الفعليين بسبب الهدر الإداري وسوء كفاءة التعاقدات.
وختم نافع حديثه قائلاً إن القرار يعكس محاولة لإغلاق فجوة التمويل بين التكلفة وسعر البيع، لكنه في الوقت نفسه يجب أن يُستتبع بإصلاحات هيكلية في قطاع الطاقة ورفع كفاءة الاستكشاف والإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد مستقبلاً.
تثبيت أسعار الوقود لعام كامل يحد من المرونة ويستلزم إصلاحات هيكلية
قال الدكتور مدحت نافع، أستاذ وخبير الاقتصاد، إن قرار الحكومة بتثبيت أسعار البنزين والسولار لمدة عام بعد الزيادة الأخيرة، يمثل خطوة تهدف إلى تحقيق استقرار في الموازنة العامة، لكنه قد يقلل من مرونة السوق أمام التغيرات العالمية في أسعار النفط.
وأوضح في مداخلته ببرنامج اقتصاد مصر المذاع على أزهري، أن المنطق الحكومي وراء القرار يرتبط بامتصاص صدمات سابقة في تكلفة الاستيراد والإنتاج، مشيرًا إلى أن الزيادات الحالية جاءت لتغطية فروق تكاليف تراكمت خلال العامين الماضيين، وليس نتيجة مباشرة لانخفاض أو ارتفاع أسعار النفط في الوقت الراهن.
وأشار نافع إلى أن رفع الدعم بشكل كامل عن المحروقات لا يعني بالضرورة انتهاء المشكلة، لأن مفهوم “الدعم” في نظر الحكومة مرن ويتغير وفقًا للظروف الاقتصادية. فكلما ارتفعت التكلفة وظلت الأسعار ثابتة، يُعاد تصنيف الفرق على أنه دعم، حتى وإن كان المواطن لا يشعر بتحسّن مباشر في مستوى الخدمات.
وأكد أن الحل الجذري لتجنب تكرار هذه الأزمات يكمن في تحرير السوق ورفع كفاءته التشغيلية عبر إشراك القطاع الخاص بصورة أوسع، وتحسين إدارة التعاقدات الحكومية، وتشجيع الإنتاج المحلي من الغاز والنفط، بما يضمن استدامة التسعير وتجنب الزيادات المتكررة.
الحكومة فضلت الاستقرار المالي على حساب المرونة السوقية
وأضاف نافع أن تثبيت الأسعار لمدة عام كامل رغم احتمالية انخفاض أسعار النفط عالميًا، يعني أن المواطن لن يستفيد من أي تراجع في الأسعار خلال هذه الفترة، مشيرًا إلى أن الحكومة فضلت الاستقرار المالي على حساب المرونة السوقية.
واكد على أن مستقبل سياسة التسعير في مصر يجب أن يتجه نحو صيغة أكثر توازنًا بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية، بحيث تُدار الأسعار بآلية تفاعلية تراعي التغيرات العالمية دون تحميل المستهلكين أعباء مفاجئة.
0 تعليق