اقتصاديون يطرحون حلولاً شاملة لخفض الأسعار وضبط الأسواق (خاص)

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد خبراء الاقتصاد أن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات تستدعي تحركا حكوميا بحزمة إجراءات فعالة لضبط الأسواق والحد من التضخم، مشيرين إلى أن أولى الخطوات المطلوبة تتمثل في تشديد الرقابة على الأسواق، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية لمواجهة الممارسات الاحتكارية، ومنع التلاعب بالأسعار، خاصة في السلع التي تمس حياة المواطنين اليومية، موضحين أن تفعيل منظومة التسعير العادل يمكن أن يسهم في إعادة الانضباط إلى السوق.

وأضاف عدد من الخبراء تحدثت معهم "الدستور" أن توسيع نطاق المنافذ الحكومية والمتحركة لتوفير السلع بأسعار مدعومة، يمثل أحد الحلول المباشرة لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدين أهمية تعزيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات، والحد من انتقال التضخم المستورد.

وشددوا على ضرورة إعادة توجيه الدعم للفئات الأكثر تضررا، وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية لفترة مؤقتة، لمواجهة تداعيات رفع الأسعار كما دعوا إلى ترشيد الاستهلاك المجتمعي وتفعيل الشراء الجماعي، مؤكدين أن استقرار السوق مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمواطنين والقطاع الخاص.

تكثيف الرقابة على الأسواق 

بدية، أكد د.علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن المرحلة الراهنة تتطلب من الحكومة تبني حزمة سياسات متكاملة تهدف إلى الحد من ارتفاع الأسعار وضبط الأسواق، خاصة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات، والتي أدت إلى ارتفاع تكاليف النقل والإنتاج بنسبة تتراوح بين 8% و12%، ما قد يؤدي إلى إضافة نحو 1.5 نقطة مئوية إلى معدل التضخم العام، الذي يبلغ حاليا 10.3%.

وأشار الادريسي لـ"الدستور" إلى أن الخطوة الأولى في هذه الحزمة تبدأ بتكثيف الرقابة على الأسواق من خلال تفعيل دور الجهات الرقابية مثل جهاز حماية المستهلك ومباحث التموين، بهدف مواجهة الممارسات الاحتكارية ومنع الزيادات السعرية غير المبررة، خاصة في السلع الأساسية.

وأوضح الادريسي أن تفعيل منظومة التسعير العادل لتلك السلع يعد عنصرًا ضروريًا لتحقيق قدر من الانضباط في السوق مشيرا إلي  أن من بين الإجراءات الضرورية توسيع نطاق المنافذ الحكومية والمتحركة لبيع السلع بأسعار مدعومة، بحيث يتجاوز عددها 6 آلاف منفذ على مستوى الجمهورية، وهو ما يتيح تقديم السلع الأساسية بأسعار تقل بنسبة تتراوح بين 20% و30% عن مثيلاتها في السوق الحر، مما يعزز القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما في ظل الضغوط الاقتصادية الحالية.

ولفت إلى أهمية دعم الصناعة المحلية كخطوة استراتيجية للحد من الاعتماد على الواردات، والتي تبلغ قيمتها سنويًا أكثر من 70 مليار دولار وبيّن أن تعزيز الإنتاج المحلي سيسهم في تقليل الضغط على سعر الصرف والحد من انتقال موجات التضخم المستورد إلى السوق المحلية.

وشدد على ضرورة إعادة توجيه الدعم النقدي بشكل مؤقت للفئات الأكثر تضررًا من الزيادات الأخيرة، خاصة أن نحو 30% من الأسر تعتمد بصورة أساسية على السلع التموينية. واقترح في هذا السياق دراسة زيادة المخصصات التموينية بنحو 10 مليارات جنيه شهريًا لفترة محددة، لتخفيف الأعباء على المواطنين الأكثر احتياجًا.

وذكر أن من بين الخطوات التي يمكن أن تساعد في السيطرة على الأسعار، تشجيع التعاقدات المباشرة بين المنتجين وتجار التجزئة، وذلك بهدف تقليص عدد حلقات الوساطة التي تسهم في رفع أسعار السلع بنسبة تصل إلى 15%-20%، دون مبرر إنتاجي حقيقي.

وأكد الإدريسي على أن التعامل مع التضخم يتطلب استراتيجية متكاملة، تجمع بين التدخلات الرقابية، وتوسيع مظلة الدعم، وتحفيز الإنتاج المحلي، والتدخل العادل في منظومة التسعير، موصحا أن اتباع هذه السياسات من شأنه أن يسهم في كبح موجة التضخم الجديدة والحفاظ على استقرار الأسواق خلال المرحلة المقبلة.

زيادة عدد المنافذ الحكومية والمتحركةللسلع 

في السياق، أكد الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن الحكومة يجب أن تبدأ بتكثيف الرقابة على الأسواق لضبط أي محاولات لرفع الأسعار دون مبرر حقيقي، مشيرًا إلى أن تفعيل دور الأجهزة الرقابية مثل مباحث التموين وجهاز حماية المستهلك ضرورة لا تحتمل التأجيل، موضحا أن الشفافية في الإعلان عن نسب الزيادة الحقيقة في التكلفة، وتحديد هوامش الربح المناسبة، ستسهم في منع التلاعب.

وفيما يخص الحلول المقترحة، أوصى الخبير الاقتصادي، بزيادة عدد المنافذ الحكومية والمتحركة لبيع السلع الأساسية بأسعار مدعومة، مع التركيز على المناطق الأكثر احتياجًا، خاصة في القرى والنجوع. كما أكد أن التوسع في المعارض الثابتة والموسمية التي تقدم السلع بأسعار منخفضة، مثل "أهلًا مدارس" و"أهلًا رمضان"، يمكن أن يُستخدم كنموذج دائم لتقليل الضغط على الأسر.

ودعا الحكومة إلى العمل بشكل أسرع على دعم الإنتاج المحلي، خاصة في القطاعات الغذائية والزراعية، ما يقلل الاعتماد على المنتجات المستوردة ويحد من تأثر الأسعار بتقلبات سعر الصرف. وأوضح أن تقديم حوافز للمصنعين والمزارعين سيساعد على تقليل تكاليف الإنتاج وبالتالي خفض الأسعار.

ونصح الخبير الاقتصادي،المواطنين بالتعامل العقلاني مع الأزمة، من خلال تقليل الاستهلاك غير الضروري، والاعتماد على البدائل الأرخص، وتفعيل ثقافة الشراء الجماعي والتخزين المنظم للسلع الأساسية وقت توفرها بأسعار مناسبة. ولفت إلى أهمية دور المجتمع المدني في التوعية وترشيد الاستهلاك، وتقديم الدعم المجتمعي للفئات الأكثر تضررًا.

واقترح مراجعة وتوسيع برامج الدعم النقدي المشروط مثل "تكافل وكرامة"، لتشمل عددًا أكبر من الأسر المتضررة من التضخم، إلى جانب إمكانية دراسة تقديم دعم مؤقت إضافي خلال فترة الأشهر المقبلة لتخفيف الصدمة.

واكد السيد على أن تجاوز آثار رفع أسعار الوقود ممكن من خلال التنسيق بين الدولة والمواطن، وتفعيل آليات الرقابة والدعم، مع الدفع بخطط إنتاج محلية تقلل من الاعتماد على الخارج، وهو ما يفتح الطريق نحو استقرار اقتصادي مستدام.

تحسين كفاءة التوزيع وخفض التكاليف اللوجستية

وأكد الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح ضرورة اتخاذ مجموعة من التدابير الاقتصادية الفعالة لضمان استقرار الأسواق وحماية الفئات الضعيفة مشيرا إلى أهمية تكثيف الرقابة الحكومية على الأسواق بشكل صارم لضمان عدم استغلال التجار لارتفاع أسعار الوقود كذريعة لرفع أسعار السلع الأساسية بشكل غير مبرر، خاصة في مجالات الغذاء والنقل.

وشدد على ضرورة زيادة الرقابة على أسعار النقل والخدمات اللوجستية، حيث إن ارتفاع أسعار المحروقات يساهم في رفع تكاليف الإنتاج، مما ينعكس مباشرة على أسعار السلع مؤكدا على أهمية تقوية شبكات الحماية الاجتماعية لتوفير الدعم اللازم للفئات الأكثر تضررًا من هذه الزيادة. 

وأشار إلى ضرورة توسيع الدعم النقدي والعيني، مثل تثبيت أسعار الخبز في البطاقة التموينية، وهو ما يعكس خطوة إيجابية لمواجهة تداعيات الزيادة في أسعار المحروقات. واعتبر أن هذا الدعم يعد خطوة مهمة في تخفيف الأعباء عن المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

وتناول الخبير الاقتصادي ضرورة تحسين كفاءة التوزيع وتقليل التكاليف اللوجستية، وذلك من خلال دعم وسائل النقل الجماعي وتحسين كفاءة استخدام الوقود في المركبات، موضحا أن هذه الإجراءات من شأنها تقليل تكلفة نقل السلع والخدمات، وبالتالي الحفاظ على استقرار الأسعار في السوق.

وأضاف أبو الفتوح أن الحكومة يجب أن تكون أكثر شفافية في تحديد معايير الزيادات في الأسعار، وتوضيح الأسباب التي أدت إلى اتخاذ تلك الزيادة، مؤكدا على أهمية تنشيط الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الواردات من خلال تشجيع الصناعات المحلية التي تعتمد على الطاقة والنقل، مما يساهم في تقليل تأثير الزيادة في أسعار المحروقات على الاقتصاد المحلي.

وأكد أبو الفتوح أن الحكومة بحاجة إلى تبني سياسات شاملة لتخفيف تأثير الزيادة في أسعار المحروقات على المواطنين، مع ضمان استقرار السوق الوطني.

توسيع شبكة الحماية الاجتماعية

من جانبها، أكدت الدكتورة سهر الدماطي، الخبيرة الاقتصادية، أن تحريك أسعار المحروقات وإن كان خطوة متوقعة في إطار الإصلاح الاقتصادي، إلا أن انعكاساته المباشرة على الأسعار والأسواق تتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلا ومدروسًا لحماية الفئات المتضررة وضبط الأسواق بشكل فعال.

أشارت الدماطي إلى أن استقرار الأسواق لا يتحقق فقط من خلال الإجراءات المالية، بل يتطلب رؤية شاملة تتضمن جوانب رقابية وتشريعية، بالإضافة إلى توسيع شبكة الحماية الاجتماعية، مشددة على ضرورة تفعيل الأجهزة الرقابية، وعلى رأسها جهاز حماية المستهلك وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، لضبط الأسعار ومواجهة أي استغلال للزيادة في أسعار الوقود كمبرر لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه.

وأوضحت أن هناك حاجة عاجلة لإنشاء آلية رقابية مركزية بالتعاون بين وزارات التموين والتجارة والداخلية، تكون مهمتها متابعة تحركات الأسعار في السوق بشكل يومي، والتدخل السريع في حالة ظهور أي تلاعب أو زيادات غير مبررة في أسعار السلع الأساسية والخدمات.

أضافت أن الفئات ذات الدخل المحدود تتحمل العبء الأكبر من هذه القرارات، مما يستوجب زيادة مخصصات الدعم الموجه لها، سواء من خلال بطاقات التموين أو برامج الحماية الاجتماعية مثل "تكافل وكرامة"، إلى جانب توفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة في المنافذ الحكومية والمجمعات الاستهلاكية، مع ضمان استقرار هذه الأسعار لفترة كافية.

وأكدت أهمية دعم الإنتاج المحلي، لا سيما في قطاع الصناعات الغذائية، باعتباره أحد المفاتيح الرئيسية لضبط الأسعار، مشيرة إلى أن تقليل الاعتماد على الواردات، ودعم سلاسل التوريد المحلية، وتقديم تسهيلات ضريبية وإجرائية للمصنعين المحليين، يمكن أن يسهم في تعزيز المعروض وخفض الضغط على الأسعار.

وشددت على ضرورة أن تتبنى الحكومة نهجًا شفافا في التواصل مع المواطنين، عبر شرح أبعاد القرارات الاقتصادية وتوضيح ما يتم اتخاذه من إجراءات لتخفيف آثارها، بما يعزز من الثقة بين الدولة والمواطن في هذه المرحلة الدقيقة موضحة  أنه من الضروري الاهتمام بمنظومة النقل الجماعي، وتوفير وسائل نقل بأسعار مناسبة ومدعومة، للحد من تأثير ارتفاع أسعار الوقود على تكلفة المواصلات، والتي تنعكس بدورها على أسعار العديد من السلع والخدمات في السوق المحلي.

وأكدت أن السيطرة على الأسعار بعد تحريك أسعار المحروقات تتطلب تكاملا بين أدوات الرقابة، والحماية الاجتماعية، وتحفيز الإنتاج، إلى جانب خطاب حكومي واضح وفاعل، موضحة أن النجاح في تخفيف الأثر التضخمي مرهون بقدرة الحكومة على تنفيذ هذه المحاور في إطار زمني سريع وبكفاءة عالية.

ضرورة ضبط الأسواق وزيادة الإنتاج المحلي 

وقال د.أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إنه بعد زيادة أسعار المحروقات، أصبح من الضروري مراقبة الأسواق وضبطها بشكل محكم، موضحا أن العديد من التجار يستغلون ارتفاع أسعار المحروقات لرفع أسعار السلع بما يتجاوز الزيادة المقررة، دون مراعاة لتراجع سعر الصرف، وهو ما يتطلب جهودًا كبيرة لمنع زيادة التضخم مرة أخرى.

وأضاف غراب أن استقرار سعر الصرف، الذي انخفض مؤخرًا من أكثر من 51 جنيهًا إلى أقل من 48 جنيهًا، يعتبر من العوامل الرئيسية التي ساهمت في خفض معدلات التضخم. لذلك، يجب الحفاظ على هذا الاستقرار من خلال تعزيز الرقابة على الأسواق.

ودعا الحكومة إلى زيادة طرح المعارض والشوادر السلعية في المحافظات بالتعاون مع الغرف التجارية، لبيع السلع بأسعار مخفضة، لمكافحة جشع التجار، وتوفير بدائل بأسعار مناسبة لدخل المواطنين واحتياجاتهم.

أشار غراب إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب زيادة الإنتاج والمشروعات الإنتاجية، عبر تقديم التيسيرات والدعم لهذه المشروعات لتقليل تكلفة إنتاجها، مؤكدا على ضرورة الاستفادة من المجمعات الصناعية التي تم إنشاؤها في المحافظات، وتسريع تنفيذ المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتقديم التمويلات اللازمة لها لتعزيز الصناعة المحلية وزيادة المعروض في الأسواق بأسعار تتناسب مع الطلب. 

وأشاد بالمبادرة التمويلية التي طرحتها وزارة الصناعة والمالية، التي تصل إلى 90 مليار جنيه لتمويل المشروعات الصناعية والزراعية والطاقة المتجددة.

أكد غراب ضرورة دراسة الواردات التي يتم استيرادها من الخارج، وتحديد إمكانية تصنيعها محليًا بالتعاون مع القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة، لتقليل فاتورة الواردات والضغط على العملة الأجنبية. 

وأضاف أن الحكومة يجب أن تواصل طرح الشوادر والمعارض طوال العام، لبيع السلع بأسعار أقل من المتاجر، مما يساهم في إجبار التجار على تخفيض الأسعار، مؤكدًا ضرورة التوسع في مشروعات الإنتاج الحيواني كالبتلو والدواجن، ودعم صغار المربين وتوفير الرعاية البيطرية لهم لزيادة إنتاج اللحوم محليًا.

ودعا إلى زيادة استصلاح الأراضي وتوسيع المشروعات الزراعية القومية لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والأعلاف وزيوت الطعام. وشدد على أهمية فرض رقابة صارمة على الأسواق لمكافحة جشع التجار الذين يرفعون الأسعار بما لا يتناسب مع سعر الصرف.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق