المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة يتحدث بعد فوزه بالمنصب
وزارة الخارجية قادت الحملة الانتخابية لمنصب المدير العام للمنظمة بروح احترافية ومسئولية وطنية عالية
الفوز تتويج لمسيرة طويلة فى خدمة التراث ومسئولية جديدة فى خدمة المجتمع الدولى
نسبة التصويت غير المسبوقة تأكيد على مكانة مصر فى المحافل الدولية
وجه الدكتور خالد العنانى، المدير العام المنتخب لمنظمة الـ«يونسكو»، الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى والدبلوماسية المصرية على الدعم الكامل، الذى أفضى إلى تصويت المجلس التنفيذى للمنظمة لاختياره للمنصب الرفيع بنسبة غير مسبوقة بلغت ٥٥ صوتًا من إجمالى ٥٧ صوتًا.
وقال «العنانى»، فى حوار مع «الدستور»، إن «النجاح تتويج لمسيرة طويلة فى خدمة التراث والثقافة والتعليم، ومسئولية جديدة فى خدمة المجتمع الدولى تحت راية الـ(يونسكو)»، مشيرًا إلى أن رؤيته لقيادة منظمة الـ«يونسكو»، خلال السنوات المقبلة، تستند إلى قناعة راسخة بأن المنظمة يجب أن تكون أكثر قربًا من الدول الأعضاء، وأكثر تأثيرًا فى حياة الشعوب، من خلال التركيز على النتائج الملموسة والقياس الحقيقى للأثر على الأرض.
■ بداية.. كيف تلقيتم تصويت المجلس التنفيذى لـ«يونسكو» لاختياركم لمنصب المدير العام للمنظمة خصوصًا بهذه النسبة غير المسبوقة؟
- تلقيتُ نتيجة التصويت بتواضعٍ وامتنانٍ عميقين. كانت لحظة مؤثرة بكل المقاييس، ليس فقط لأنها تمثل ثقة استثنائية من الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى بنسبة غير مسبوقة، ولكن لأنها تعكس أيضًا إيمان المجتمع الدولى بالرؤية التى قدمناها لمستقبل المنظمة، وبالنهج القائم على الحوار، والتعاون، والتمثيل العادل.
هذا التصويت لا أعتبره فوزًا شخصيًا، بل تكليفًا ومسئولية كبرى أتشرف بحملها باسم مصر، وباسم الإقليمين العربى والإفريقى، وباسم كل من يؤمن بدور الـ«يونسكو» كمنارة للفكر الإنسانى والتعاون الثقافى والتربوى والعلمى.
لقد كانت الحملة المصرية ثمرة جهد جماعى متكامل، ودبلوماسية نشطة استمرت أكثر من عامين، انطلقت من قناعة راسخة بأننا قادرون على تقديم رؤية جديدة لـ«يونسكو» تعزز فاعليتها، وتُقَرّبها أكثر من الدول الأعضاء ومن الشعوب على حد سواء.
وبالتالى، فإننى أستقبل هذه النتيجة لا كختام لمسيرة، بل كنقطة انطلاق لمسئولية جديدة نضع فيها كل خبراتنا، وإيماننا العميق بقيم الـ«يونسكو»، لخدمة الإنسانية جمعاء.
■ ما الذى يعنيه لكم هذا الفوز على الصعيد الشخصى، وللدولة المصرية على الصعيدين الوطنى والدبلوماسى، وكيف تحقق هذا النجاح الكبير؟
- على الصعيد الشخصى، هذا الفوز يمثل شرفًا كبيرًا ومسئولية عظيمة. فهو تتويج لمسيرة طويلة فى خدمة التراث والثقافة والتعليم، ومسئولية جديدة فى خدمة المجتمع الدولى تحت راية الـ«يونسكو». إنه أيضًا لحظة فخر وامتنان لكل من دعم هذه المسيرة وآمن بأن التعاون والحوار يمكن أن يصنعا الفارق.
أما على الصعيد الوطنى، فهو انتصار للدبلوماسية المصرية الرصينة التى عملت بصبر واحترافية بقيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولجهود وزارة الخارجية وجميع مؤسسات الدولة التى آمنت بقدرة مصر على خوض هذا السباق العالمى بنجاح. كما أنه تأكيد على المكانة التى باتت تحتلها مصر فى المحافل الدولية، باعتبارها دولة قادرة على بناء الجسور وتعزيز قيم السلام والتفاهم بين الشعوب.
وعلى المستوى الدبلوماسى، هذا النجاح لم يتحقق بين يوم وليلة، بل كان ثمرة أكثر من عامين من العمل الدءوب، والحوار الصادق مع الدول الأعضاء فى كل القارات، والاستماع لتطلعاتها ومخاوفها، من أجل صياغة رؤية مشتركة لمستقبل المنظمة. لقد كانت حملة مصر حملة منفتحة تقوم على الشفافية والتعاون، وتؤمن بأن الـ«يونسكو» بيت لكل الأمم، وصوت لكل الثقافات.
باختصار، هذا الفوز ليس إنجازًا مصريًا فحسب، بل رسالة أمل مفادها أن الدبلوماسية الهادئة والعمل الجاد يمكن أن يفتحا أبواب الثقة والتوافق، وأن مصر كانت وستظل دائمًا فى قلب العمل الدولى من أجل الإنسانية.
■ بصفتكم أول مصرى وعربى يتولى هذا المنصب، ما الرسالة التى تحملونها إلى العالم؟
- كونى أول مصرى وعربى أتولى هذا المنصب الرفيع فى تاريخ المنظمة، أحمل معى رسالة من قلب الحضارة الإنسانية الممتدة على ضفاف النيل، رسالة تؤكد أن الثقافة ليست جدرانًا تفصل الشعوب، بل جسور تجمعها.
رسالتى إلى العالم أن التنوع قوة، وأن الحوار هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات المشتركة التى تمسنا جميعًا، من التعليم والبيئة، إلى الثقافة والتراث وحرية التعبير.
أحمل معى رؤية تؤمن بأن الـ«يونسكو» يجب أن تكون أكثر حضورًا وتأثيرًا فى حياة الشعوب، خاصة فى الدول النامية، وأن تكون المنظمة منارة للأمل، ومصدرًا للحلول القائمة على المعرفة والابتكار.
كما أوجه، من خلال هذا المنصب، رسالة فخر وانتماء إلى كل شاب عربى وإفريقى بأن موقعهم الطبيعى هوفى مقدمة المشهد الدولى، وأنهم قادرون على الإسهام فى صياغة مستقبل العالم بروح التعاون والاحترام المتبادل.
إنها ليست رسالة مصر وحدها، بل رسالة أمة بأكملها- عربية وإفريقية- تؤمن بأن العلم والثقافة والحوار هى الأدوات الحقيقية لبناء السلام.
■ فى هذا الشأن ما رسائلكم إلى: القيادة السياسية، وزارة الخارجية، حملتكم الانتخابية؟
- فى الحقيقة، هذا الفوز لم يكن فوزى الشخصى فقط، بل ثمرة عمل جماعى وجهد وطنى منسق على أعلى المستويات.
رسالتى أولًا إلى القيادة السياسية المصرية هى رسالة امتنان وفخر. فلولا رؤية فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى ودعمه المستمر لملف الثقافة والتعليم ودور مصر الريادى فى المنظمات الدولية، لما تحقق هذا الإنجاز. لقد كانت توجيهاته واضحة منذ البداية: أن نخوض هذه المنافسة بروح التعاون، لا الصراع، وبثقة فى مكانة مصر ورسالتها الإنسانية.
أما إلى وزارة الخارجية المصرية، فأوجه خالص الشكر والتقدير على جهدها الدبلوماسى الدءوب، سواء من خلال وفدنا الدائم فى باريس أو من خلال بعثاتنا حول العالم، لقد كانت الوزارة العمود الفقرى للحملة، تدير التواصل وتنسق المواقف وتبنى التحالفات بروح احترافية ومسئولية وطنية عالية.
أما إلى فريق الحملة الانتخابية، فرسالتى هى كل الحب والتقدير والاعتزاز. لقد كانت هذه الحملة نموذجًا فى العمل الجماعى والانفتاح والحوار، حيث اعتمدت على التفاعل المباشر مع الدول الأعضاء، والاستماع إلى رؤاها واحتياجاتها، وليس فقط عرض رؤيتنا. كانت حملة إنسانية بقدر ما كانت دبلوماسية، تقوم على الثقة والاحترام المتبادل.
■ ما الخطوط العريضة لأولوياتكم فى قيادة منظمة الـ«يونسكو» خلال السنوات المقبلة؟
- رؤيتى لقيادة منظمة الـ«يونسكو» خلال السنوات المقبلة تستند إلى قناعة راسخة بأن المنظمة يجب أن تكون أكثر قربًا من الدول الأعضاء، وأكثر تأثيرًا فى حياة الشعوب، من خلال التركيز على النتائج الملموسة والقياس الحقيقى للأثر على الأرض.
هناك أربع أولويات رئيسية سأعمل عليها:
أولًا: التعليم من أجل المستقبل:
الاستثمار فى التعليم هو الركيزة الأساسية للتنمية والسلام. سأعمل على تعزيز جودة التعليم، وضمان وصوله للجميع دون تمييز، مع التركيز على التحول الرقمى، وتدريب المعلمين، وربط التعليم باحتياجات سوق العمل والمجتمع. كما يجب أن يكون لـ«يونسكو» دور ريادى فى دعم الدول الإفريقية والعربية فى إصلاح نظمها التعليمية، لضمان تعليم شامل وعادل ومستدام.
ثانيًا: حماية التراث الثقافى المادى وغير المادى:
سنعمل على تطوير آليات أكثر فاعلية لحماية التراث فى أوقات النزاعات والكوارث، ودعم الدول الأعضاء فى إدارة مواقعها التراثية بأساليب مستدامة. وسأولى اهتمامًا خاصًا بإشراك الشباب والمجتمعات المحلية فى الحفاظ على تراثهم، باعتباره مصدر فخر وهوية وفرص تنمية اقتصادية من خلال السياحة الثقافية المستدامة.
ثالثًا: تعزيز حرية التعبير والوصول إلى المعلومات:
فى عالم متسارع التغير، تبرز أهمية الإعلام والمعرفة الموثوقة فى مواجهة خطاب الكراهية والأخبار الزائفة. ستواصل الـ«يونسكو» دورها فى دعم حرية الصحافة، وحماية الصحفيين، وضمان وصول الجميع إلى المعلومات والمعرفة كحق أساسى من حقوق الإنسان.
رابعًا: إفريقيا فى قلب أولويات الـ«يونسكو»:
سأعمل على أن تكون إفريقيا محورًا رئيسيًا فى سياسات المنظمة وبرامجها، ليس فقط بوصفها مستفيدة، بل شريكًا فى صنع القرار وتنفيذ المبادرات. فالقارة الإفريقية، بشبابها وإمكاناتها، تمثل مستقبل الإنسانية فى مجالات التعليم والثقافة والعلوم.
إلى جانب ذلك، سأحرص على تعزيز الحوكمة والشفافية والإدارة الفعّالة داخل المنظمة، بحيث يتم توظيف الموارد بأفضل شكل ممكن لتحقيق نتائج حقيقية على الأرض.
إن طموحى أن تكون الـ«يونسكو»، خلال السنوات المقبلة، منظمة قريبة من الناس، حاضرة فى الميدان، وقادرة على تحويل قيمها النبيلة إلى واقع ملموس يلمسه كل إنسان، فى كل مكان.
كيف تنظرون إلى فوزكم بالمنصب؟
- إننى أنظر إلى هذا الفوز كتكليف قبل أن يكون تشريفًا، ومسئولية مشتركة تستمر معنا جميعًا فى المرحلة المقبلة. فنجاح المدير العام المقبل لـ«يونسكو» نجاح لمصر، وللدبلوماسية العربية والإفريقية، ولكل من آمن بقدرة التعاون على تحقيق المستحيل.
0 تعليق