على مدى أكثر من ستين عامًا، نسج عمر الحريري (12 فبراير 1926 - 16 أكتوبر 2011) مسيرة فنية متفردة جعلته أحد أعمدة التمثيل في مصر والعالم العربي، حيث تنقّل ببراعة بين خشبة المسرح وكاميرا السينما وشاشة التليفزيون، مقدّمًا أعمالًا لا تزال راسخة في ذاكرة المشاهدين حتى يومنا هذا.
وخلال السطور التالية؛ يستعرض "الدستور" ملامح من مسيرة عمر الحريري..
بدايات عمر الحريري
وُلد عمر الحريري في القاهرة، ودرس في المعهد العالي للتمثيل العربي وتخرج عام 1947 ضمن دفعة ضمت الفنان شكري سرحان، وكانت بدايته الحقيقية من خلال المسرح القومي، الذي شهد تألقه في عدة عروض ناجحة جعلت الأنظار تتجه إليه كوجه جديد واعد.
وقدمه الفنان يوسف وهبي إلى الجمهور عبر أعماله المسرحية، وهو ما فتح له أبواب الشهرة الفنية، إذ كان المسرح بالنسبة له بمثابة مدرسة فنية متكاملة صقلت موهبته ومنحته قدرة خاصة على الأداء التلقائي والانفعال الصادق أمام الجمهور.
عمر الحريري.. من خشبة المسرح إلى كاميرا السينما
عام 1950 شكّل محطة فارقة في مسيرته، حين وقف لأول مرة أمام الكاميرا في فيلم "الأفوكاتو مديحة" مع مديحة يسري ويوسف وهبي، ومنذ ذلك الحين، شارك في أكثر من 100 فيلم تنوعت بين الرومانسية والاجتماعية والتاريخية.
ومن أبرز أفلامه: "الوسادة الخالية" (1957) مع عبد الحليم حافظ، و"نهر الحب" (1960) مع فاتن حمامة وعمر الشريف، و"الناصر صلاح الدين" (1963) الذي جسد فيه شخصية فيليب الثاني أغسطس، إضافة إلى "المذنبون" (1975)، و"أهل القمة" (1981)، و"معالي الوزير" (2002)، ورغم تنوع أدواره، لم يحصل على بطولة مطلقة إلا مرة واحدة في فيلم "أغلى من عينيه" (1955) من إخراج عز الدين ذو الفقار.
التليفزيون.. وجه آخر لإبداع عمر الحريري
لم يكتفِ عمر الحريري بالسينما والمسرح، بل كان أحد أبرز وجوه الدراما التليفزيونية في مصر، وقدّم أدوارًا خالدة في مسلسلات مثل "أوراق الورد" مع وردة الجزائرية، و"أحلام الفتى الطائر" مع عادل إمام، و"شيخ العرب همام"، و"ساكن قصادي" الذي جمعه بمحمد رضا وسناء جميل.
كما لمع في الفوازير، خاصة في "ألف ليلة وليلة" مع شيريهان، حيث أدى دور السلطان الصالح كهلان، وهو من أكثر أدواره تميزًا لدى الجمهور، ولمع كذلك في الأعمال الدينية والتاريخية مثل "عمر بن عبد العزيز" و"لا إله إلا الله".
المسرح لدى عمر الحريري
ظل المسرح بالنسبة لعمر الحريري هو المنبر الأصيل للفن الحقيقي، وشارك في عدد من أهم المسرحيات في تاريخ الكوميديا المصرية، أبرزها "شاهد ماشفش حاجة" (1976) و"الواد سيد الشغال" (1985) مع عادل إمام، كما عاد إلى المسرح في نهاية حياته من خلال "سكر هانم" عام 2010، في إعادة إنتاج للعمل السينمائي الذي تألق فيه قبل نصف قرن.
0 تعليق