البروفيسور عبداللطيف البوني لـ"الدستور": زيارة البرهان إلى مصر تؤكد قوتها في صناعة السلام من غزة إلى الخرطوم (حوار)

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مصر والسودان.. شراكة المصير وتوقيت الحسم

في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، استحوذت زيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، إلى القاهرة اليوم، بدعوة رسمية من الرئيس عبدالفتاح السيسي، على اهتمام واسع في الأوساط السياسية والإعلامية، لما تحمله من دلالات عميقة وتوقيتٍ بالغ الحساسية.

اللقاء الذي جمع الرئيسين في قصر الاتحادية، جاء في لحظة تتقاطع فيها الملفات الإقليمية — من الحرب في غزة إلى الأزمة السودانية وقضية سد النهضة — ليؤكد مجددًا متانة العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين، ويعكس إصرار القاهرة والخرطوم على دفع مسار السلام في السودان إلى الأمام، وتعزيز التشاور والتنسيق في كل القضايا المشتركة.

وقد اتفق الجانبان، وفق البيان الرسمي، على دعم مسار التسوية السلمية في السودان، ورفض التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، إضافة إلى تأكيد الموقف الموحد من قضية سد النهضة، القائم على التعاون الثلاثي العادل وعدم الإضرار بحقوق أي طرف من دول المصب.

في هذا السياق، أجرت جريدة الدستور حوارًا خاصًا مع البروفيسور عبداللطيف البوني، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات السودانية، الذي قدّم قراءة معمقة لأبعاد الزيارة ومغزاها الإقليمي والدولي، مسلطًا الضوء على الدور المصري المتنامي في قضايا الإقليم، من غزة إلى الخرطوم. ونص الحوار على الآتي:

بدايةً، كيف ترون أهمية زيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى القاهرة في هذا التوقيت؟
الزيارة تأتي في توقيت شديد الأهمية بالنسبة للسودان ولمصر على حد سواء. فالسودان يمر بمرحلة مصيرية من تاريخه، ومصر تلعب دورًا محوريًا في المنطقة. تزامن الزيارة مع الزخم الدولي المتزايد حول الدور المصري في دعم جهود السلام بغزة يمنح اللقاء بعدًا إضافيًا. هي ليست مجرد زيارة بروتوكولية، بل لقاء استراتيجي يُعيد ضبط بوصلة العلاقات الثنائية في ظل واقعٍ إقليمي مضطرب.

هل تلاحظون وجود تفاؤل في الشارع السوداني تجاه الدور المصري في الأزمة السودانية؟
بالتأكيد. هناك تفاؤل شعبي واضح تجاه الدور الذي تلعبه مصر في إرساء السلام بالسودان. السودانيون يدركون أن القاهرة تتحرك من منطلق عمقها العربي والإفريقي، وأنها الأكثر دراية وتشابكًا مع الواقع السوداني. الناس في السودان يشعرون بأن القاهرة تمثل نافذة أمل حقيقية لإنهاء الحرب، لأن لديها ما يؤهلها لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة دون أجندات خفية أو أطماع.

كيف تقيمون الاهتمام الدولي المتزايد بمصر في الآونة الأخيرة؟
ما تشهده مصر اليوم من اهتمام عالمي غير مسبوق يعزز مكانتها ويضاعف من قوة كلمتها على المستويين الإقليمي والدولي. العالم يرى الآن نتائج السياسة المصرية المتزنة، ودبلوماسيتها النشطة التي تجمع بين الواقعية والإنسانية. مصر لم تعد فقط لاعبًا إقليميًا، بل أصبحت ضميرًا عربيًا قادرًا على تحريك المياه الراكدة في أكثر الملفات تعقيدًا.

مصر لعبت دورًا بارزًا في ملف غزة.. كيف انعكس هذا الدور على القضايا الأخرى في الإقليم؟
مصر استطاعت أن تُعيد أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية في توقيت كاد العرب أن يشعروا فيه باليأس. أدارت القاهرة المشهد بحكمة وهدوء، واستطاعت حشد الرأي العام الدولي ضد الإبادة في غزة، وهو إنجاز دبلوماسي وإنساني في آن واحد. هذا النجاح انعكس مباشرة على الملفات الأخرى، وأبرزها السودان، إذ أصبح هناك وعي دولي متنامٍ بضرورة إنهاء الحرب السودانية وإرساء السلام، تمامًا كما طالبت مصر بوقف العدوان في غزة.

هل ترون أن مصر ستلعب دورًا مباشرًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع السوداني؟
نعم، فمصر تمتلك علاقات متوازنة مع مختلف القوى السودانية، وهي الأكثر قدرة على جمع الفرقاء السودانيين حول طاولة واحدة. القاهرة تتحرك بحذر وبخطوات محسوبة، لكنها تتحرك بثبات. ما لمسناه من تصريحات الرئيس السيسي والبرهان اليوم يؤكد أن مصر تضع أولوية قصوى لوحدة السودان واستقراره، لأنها تدرك أن استقرار السودان هو جزء لا يتجزأ من أمنها القومي.

وماذا عن الموقف المشترك من قضية سد النهضة؟
الموقف المصري السوداني من قضية سد النهضة ثابت وواضح منذ البداية. كلا البلدين يتحدثان بصوت واحد في هذا الملف. الرؤية تقوم على مبدأ التعاون الثلاثي القائم على المنفعة المشتركة، دون أن يجور أحد على حقوق الآخرين في مياه النيل. مصر والسودان يدركان أن أمنهما المائي مصير مشترك، ولا يمكن فصله عن الأمن الإقليمي برمته.

في رأيكم، ما الرسالة الأبرز التي يمكن استخلاصها من لقاء السيسي والبرهان؟
الرسالة أن مصر والسودان يسيران في خط واحد نحو السلام، وأن القاهرة تضع يدها في يد الخرطوم من أجل مستقبلٍ آمن ومستقر. كما أن العالم بات ينظر إلى مصر باعتبارها ركيزة الاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا، وهذا ينعكس إيجابًا على السودان الذي يحتاج اليوم إلى دعمٍ عربي وإفريقي متكامل، ومصر مؤهلة لقيادة هذا المسار.

 

أقرأ أيضًا: 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق