قالت الكاتبة والروائية سلوى بكر، إن للأزياء حول العالم قيمًا جمالية واجتماعية عميقة، تختلف باختلاف الشعوب والثقافات، مشيرة إلى أن كل زي له دلالاته التاريخية والإنسانية التي لا تنفصل عن طبيعة المجتمع.
وأضافت سلوى بكر، خلال فعاليات صالون سلوى بكر الثقافي، الذي انعقد بمقر جريدة “الدستور” تحت عنوان “ملابس المصريين بين الماضي والحاضر”: "في الهند مثلًا، ترتدي النساء الساري، لكنهن يتركن منطقة البطن والخصر مكشوفتين، لأن هذه المنطقة – كما يعتقد الهنود – تكشف عن عمر المرأة الحقيقي، بعيدًا عن ملامح الوجه، وهو معيار قد لا يخطر ببال أحد، ولنا أن نتذكر أن الهنود هم من كتبوا الكاما سوترا، أقدم ملحمة إيروتيكية في التاريخ".
وتابعت بكر: “في السودان إبان الثورة المهدية، كان الجلباب يُخاط بجيب أمامي وآخر خلفي، حتى يتمكن الرجل من إدخال سلاحه في أي جيب بسرعة عند الحاجة، أما الفلاحة المصرية، فقد ابتكرت زيًا فريدًا صنعته بنفسها، يعكس جمالًا عمليًا وتاريخيًا”.
وأوضحت سلوى بكر، أن الباحثة شهيرة محرز أجرت دراسة علمية رائدة عن الجلباب الفلاحي، مشيرة إلى أنها كانت أستاذة للمصممة عزة فهمي والمخرجة عطيات الأبنودي.
وروت سلوى بكر قصة فلاحة من كرداسة تُدعى الحاجة زكية، كانت تخيط الجلابيب بخبرة فريدة، قائلة:"كانت تصنع الجلابية بثنيات دقيقة عند الكمين والذيل، حتى يمكن تعديلها بعد انكماش القماش مع الغسيل. وكانت تجعلها قصيرة من الأمام كي لا تتعثر أثناء العمل في الحقل، وطويلة من الخلف لتغطي الساقين عند الانحناء. هذا الجمال البسيط يعكس ذكاء الفلاحة المصرية وانسجامها مع بيئتها وقيمها".
وتطرقت سلوى بكر إلى الرموز الطبقية والمهنية في الأزياء، مشيرة إلى أن “الزي الأزهري أو الكهنوتي يحدد الهوية الاجتماعية لصاحبه”، متسائلة: “هل ما نرتديه اليوم يعبر حقًا عن هويتنا؟”.
كما كشفت سلوى بكر أصول غريبة لبعض تفاصيل الأزياء الغربية، موضحة أن ياقة القميص الطويلة نشأت في أوروبا لحماية الرقبة من البرد، وأن نابليون فرض الأزرار على أكمام الجنود كي لا يمسحوا أنوفهم فيها.
واختتمت حديثها قائلة: “غطاء الرأس في تراثنا لم يكن دينيًا بحتًا، بل عمليًا لحماية شعر الفلاحة أثناء عملها، أما ما نراه اليوم من أغطية رأس مستوحاة من الطراز الإسباني (السبانيش)، فهو شكل دخيل لا يمت لهويتنا الأصيلة بصلة”.
0 تعليق