قال الكاتب الأردني رامي المعادات، إن قمة شرم الشيخ تشكّل واحدة من أهم المحطات السياسية في السنوات الأخيرة، وربما المنعطف الأبرز الذي قد يعيد رسم شكل المنطقة بأسرها، فقد تمكّنت مصر، بقدرة سياسية عالية، من إنهاء صراع كان كثيرون يعتقدون أنه بلا أفق، خصوصًا بعد حادثة الاعتداء على الوفد المفاوض في الدوحة ومحاولة اغتيال عدد من قيادات المكتب السياسي لحركة حماس.
وأكد المعادات في تصريحات لـ"الدستور"، أن الحرب الهمجية على قطاع غزة لم تكن حربًا تقليدية، بل كانت حربًا وجودية مكتملة الأركان، مغلّفة بمحاولات ممنهجة للتهجير القسري والتطهير العرقي.
وشدد المعادات على أنه منذ اللحظة الأولى، كان موقف مصر والأردن ثابتًا وحازمًا؛ رفضٌ قاطع لأي خطة تهجير أو إعادة تموضع ديموغرافي للفلسطينيين، هذا الموقف المبدئي أسقط مشروع التهجير قبل أن يولد، ووجد دعامة صلبة له في بسالة المقاومة وصمود أهالي غزة الذين أثبتوا أن الهوية لا تُنتزع، وأن الأرض لا تُورّث إلا لأصحابها الحقيقيين.
وتابع: "لقد وقف الشقيقان، القاهرة وعمّان، في خندق واحد دفاعًا عن القضية الفلسطينية، فتحركت بوصلات العالم من جديد الجهد الدبلوماسي في العاصمتين نجح في خلخلة المواقف الدولية، وتحويل التعاطف إلى تأييد، والرفض إلى التزام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قاد هذا المشهد بثبات استثنائي، مدعومًا من شقيقه جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، فكان الموقف العربي الموحد أقوى بكثير من حسابات القوى الكبرى".
الرئيس السيسي كان أداؤه مميز وفرض معادلة سياسية غير مسبوقة
وأوضح المعادات أنه في الحديث عن قمة شرم الشيخ تحديدًا، لا بد من التوقف عند الأداء الشخصي للرئيس السيسي الذي استطاع أن يفرض معادلة سياسية غير مسبوقة، رفض في مناسبتين سابقتين تلبية دعوات واشنطن، لكنه حين اشتدت الأزمة أجبر الجميع على القدوم إلى مصر، والجلوس إلى طاولة التفاوض على أرضها، وهناك وجّه رسائل متعددة المستويات أبرزها اللقاء العلني مع رئيس المكتب السياسي لحماس خليل الحية في منطقة مفتوحة وبحراسة رمزية، في رسالة واضحة بأن كل من يدخل مصر هو في حماية الدولة المصرية، وأن يد الغدر لا يمكن أن تمتد حيث السيادة المصرية قائمة.
أما الرسالة الأشد وقعًا فكانت حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى القاهرة بعد أن كان ينتظر قدوم السيسي إلى واشنطن، المشهد وحده كان كافيًا لإعادة التذكير بأن مصر ليست مجرد دولة في الإقليم، بل محور لا يمكن تجاوزُه في أي معادلة تخص مستقبل الشرق الأوسط.
مصر دولة ذات ثقل تاريخي وسياسي لا يتآكل
وأضاف المعادات اليوم، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، بات لا بد من النظر إلى مصر من زاوية جديدة، أو بالأحرى من زاويتها الطبيعية دولة عربية مركزية، ذات ثقل تاريخي وسياسي لا يتآكل، قادرة على تغيير قواعد اللعبة متى قررت الدخول إليها. لقد نجح الرئيس السيسي، بالدبلوماسية والحنكة، في وقف حرب عجز العالم بأسره عن تعديل مسارها وهذه الحقيقة وحدها كفيلة بأن تضع مصر مجددًا في موقعها الذي تستحقه… اللاعب الأساسي الذي لا يبدأ السلام ولا تُعقد الصفقات الكبرى إلا من بوابته.
0 تعليق