قال الدكتور هيثم عمران، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، إن وقف الحرب على غزة يشكّل نقطة تحول مهمة في مسار الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، لكنه لا ينهي تبعاته القانونية والسياسية، ولا يبدل من الواقع القضائي القائم بشأن مذكرات الاعتقال الصادرة بحق رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت ومسئولين إسرائيليين آخرين.
تحقيق الاستقرار السياسي
وأوضح "عمران"، في تصريحات صحفية، أن هذه المذكرات تظل قائمة وفاعلة، إذ تعكس إصرار المحكمة الجنائية الدولية على مبدأ المساءلة وعدم الخضوع للمتغيرات السياسية، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي أمام اختبار صعب يتمثل في الموازنة بين تحقيق الاستقرار السياسي وبين احترام العدالة الدولية.
وأضاف أن إعلان وقف الحرب لا يغير الطبيعة القانونية لمذكرات المحكمة، فهي تستند إلى "أسس معقولة للاشتباه" وتتعلق بأفعال وقعت بالفعل، وبالتالي لا يمكن إلغاؤها إلا بقرار من قضاة المحكمة أو استبدالها بإجراءات أقل حدة وفق تطورات القضية.
ولفت إلى أن وقف القتال لا يسقط المسئولية الجنائية، لافتًا إلى أن من المبادئ الراسخة في القانون الدولي أن اتفاقات السلام أو وقف إطلاق النار لا تعفي الأفراد من المحاسبة على الجرائم المرتكبة أثناء النزاع، وأن الجرائم الدولية لا تسقط بالتقادم.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن تنفيذ مذكرات الاعتقال يظل رهينًا بإرادة الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي، موضحًا أن إسرائيل لا تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بينما بعض الدول ترفض التعاون، ما يخلق ما وصفه بـ"الملاذ الآمن" للمتهمين دون أن يُلغي الخطر القانوني القائم.
ورجح "عمران" أن وضع نتنياهو القانوني قد يصبح أكثر هشاشة إذا غادر منصبه في الانتخابات الإسرائيلية المقررة عام 2026، إذ إن الحصانة التي يتمتع بها رؤساء الدول غالبًا ما تزول بزوال المنصب، ما يجعل ملاحقته أكثر احتمالًا في حال تغيّر موقعه السياسي.
وشدد على أن اتفاق شرم الشيخ يمثل خطوة مهمة نحو تثبيت التهدئة، لكنه لا يغلق ملف العدالة الدولية، مؤكدًا أن القانون الدولي لا يعرف هدنة مع الجرائم الجسيمة، وأن العدالة الجنائية تظل قائمة ما دامت الجرائم حاضرة في الذاكرة والوثائق، مهما طال الزمن أو تبدلت التحالفات السياسية.
0 تعليق