طعن وتحرش واعتداءات.. ماذا يحدث في مدارسنا؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت الأسابيع الأخيرة سلسلة من الحوادث المؤلمة داخل المدارس المصرية، لتتحول ساحات التعليم إلى بؤر توتر وانفلات سلوكي، في مشهد يعكس أزمة قيم تهدد واحدة من أهم مؤسسات المجتمع.

فبعد أن كانت المدارس رمزًا للأمان والانضباط، باتت ساحةً تتنوع فيها أشكال العنف بين الطلاب والمعلمين، بل وصلت التجاوزات إلى بعض القيادات التعليمية نفسها، ما ينذر بخطر حقيقي على مستقبل المنظومة التربوية.

من التحرش إلى الطعن.. مشاهد تهز القيم داخل الفصول

في واقعة صادمة بمحافظة القليوبية، تحولت شجاعة طالبة إلى حديث الرأي العام بعدما كشفت تعرضها للتحرش من مدير المدرسة داخل مكتبه.
الطالبة، التي تُدعى "ر. ا"، رفضت الخضوع لمحاولات مديرها بعد أن عرض عليها هاتفًا محمولًا مقابل ملامسة جسدها، فتصرفت بشجاعة وضربته قبل أن تهرب وتبلغ شقيقها، الذي سارع بالاتصال بالشرطة.
وبالتحقيق، اعترف المتهم البالغ 58 عامًا بجريمته، في واقعة هزت الرأي العام وأعادت طرح تساؤلات حول القيم والرقابة داخل المؤسسات التعليمية.

وفي مشهد آخر بمدرسة ثانوية في قرية هورين بمحافظة المنوفية، أقدم طالب على طعن زميله بسلاح أبيض “كتر” خلال مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة داخل الحصة الدراسية.
أُصيب الطالب بجروح في اليد والصدر، وتم ضبط الجاني، لتكشف الحادثة عن مدى انتشار العنف الجسدي بين الطلاب في غياب الوعي والردع.

كما شهدت مدرسة عبد المجيد عامر الثانوية بقرية شبرا شهاب واقعة تعدٍّ أخرى، إذ اعتدى طالب على أحد المعلمين ومزق ملابسه أمام زملائه، لتتفاقم الأزمة حين اقتحمت أسرة الطالب المدرسة واعتدت على المديرة.
الواقعة أثارت غضبًا واسعًا، دفعت وزارة التعليم إلى إصدار قرار بفصل الطالب لمدة عام كامل، وإحالة أسرته إلى النيابة العامة بتهمة الاعتداء على مؤسسة تعليمية.

تسيب إداري في بعض المدارس.. وقرارات حازمة من المسؤولين

لم يتوقف الانفلات عند حدود الطلاب والمعلمين، بل وصل إلى الإدارات المدرسية ذاتها.
ففي بورسعيد، فوجئ المحافظ اللواء محب حبشي خلال جولته بعدد من الطالبات خارج المدرسة أثناء اليوم الدراسي لشراء الخبز، وهو ما اعتبره دليلاً على الإهمال الإداري، فأحال مديرة المدرسة للنيابة العامة، مؤكدًا أنه لن يسمح بأي تسيب في المؤسسات التعليمية.

هذه الوقائع المتكررة تكشف عن تراجع الانضباط داخل بعض المدارس، في ظل ضعف الرقابة وغياب الردع الفوري، ما يهدد البيئة التعليمية ويفقدها قيمتها التربوية.

 خبراء التربية: العنف خطر وجودي على التعليم المصري

الدكتور تامر شوقي الخبير التربوي، أكد في تصريحات لـ"الدستور" أن العنف المدرسي أصبح من أخطر الظواهر التي تهدد العملية التعليمية في مصر، مشيرًا إلى أن تأثيره لا يقتصر على الضحايا فقط، بل يمتد إلى المناخ التربوي بأكمله.

وأوضح أن فقدان الإحساس بالأمان داخل المدرسة يؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي، وزيادة السلوكيات العدوانية بين الطلاب، داعيًا إلى تشديد العقوبات في لوائح الانضباط المدرسي والإعلان عنها بوضوح داخل المدارس والإدارات التعليمية.

كما شدد على ضرورة تفعيل دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين لرصد المشكلات السلوكية مبكرًا قبل أن تتطور إلى عنف، إلى جانب توسيع نطاق الأنشطة الرياضية والفنية لتفريغ طاقات الطلاب بشكل إيجابي.

وأكد "شوقي" أن دور الأسرة لا يقل أهمية عن المدرسة، فالتربية على قيم الاحترام تبدأ من البيت، والقدوة الصالحة من الوالدين هي حجر الأساس للوقاية من مظاهر الانحراف والعنف.

وطالب بضرورة إطلاق برامج توعية واسعة حول السلوك الأخلاقي والاحترام المتبادل داخل المدارس، باعتبارها خط الدفاع الأول عن المجتمع.

 أزمة قيم تحتاج إلى تدخل عاجل

وتكشف الحوادث الأخيرة أن التعليم في مصر لا يواجه فقط تحديات المناهج أو الكثافة، بل أزمة قيم وسلوكيات تهدد دوره التربوي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق