بعد حرب غزة.. حماس تحتفظ بسلاحها وإسرائيل تبحث عن انتصار لم يتحقق

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عقب لحظة تاريخية أنهت عامين من الدمار والقتال، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ، وبدأت التحضيرات لعودة الرهائن وتبادل الأسرى وعقد قمة سلام دولية في شرم الشيخ. يأتي خطاب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زعم أن بلاده حققت "انتصارات هائلة" أدهشت العالم كله، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن المعركة لم تنته بعد على حد تعبيره

تصريحات نتنياهو يحاول فيها الخروج من مأزق في الداخل حيث تواجه حكومته موجة عارمة من المطالبات بمحاسبته على إخفاقات السابع من أكتوبر، مما يضع مستقبله السياسي على المحك.

عشية العودة المرتقبة للرهائن

في خطاب عاطفي بثه عشية العودة المرتقبة للرهائن، زعم نتنياهو اللحظة بأنها "بداية درب جديد، درب إعادة البناء، درب الشفاء" معرباً عن أمله في أن تشكل هذه المناسبة فرصة لوحدة الإسرائيليين المنقسمين حول طريقة إدارة النزاع في غزةحسب تعبيره. 

وجاء تصريحه متزامناً مع إعلان المتحدثة باسم مكتبه أن إسرائيل ستبدأ بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين بمجرد تأكيد وصول جميع الرهائن المحتجزين في غزة إلى أراضيها، وهي التطورات التي تمثل محطة مفصلية في مسار الصراع الذي استمر لعامين كاملين، خلف خلالها عشرات الآلاف من الضحايا ودمرت فيه معظم بنية القطاع التحتية.

أطول وأعنف حرب في غزة

على الرغم من إعلان نتنياهو عن تحقيق انتصارات هائلة، تشير التحليلات الإسرائيلية إلى أن حصيلة الحرب تظهر صورة أكثر تعقيداً، فبحسب تقارير إسرائيلية، خرجت إسرائيل من أطول وأعنف حرب في غزة وهي "أضعف سياسياً وأكثر عزلة دولياً"، حيث فشلت حكومة نتنياهو في تحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل في القضاء على حماس أو تفكيك قدرتها العسكرية والسياسية. 

وقد اعترف مراقبون بأن حماس خرجت من الحرب "أقوى سياسياً" بعدما نجحت في الصمود رغم الحصار والتدمير، ورسخت نفسها كقوة تمثل الشعب الفلسطيني والمقاومة. كما أن إسرائيل خسرت المعركة الدولية، حيث واجهت تحولاً في الرأي العام العالمي مع تصاعد الانتقادات الأوروبية وتنامي التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين لمستويات غير مسبوقة منذ نكبة 1948.

في الجانب الآخر، تشير الأرقام إلى حجم الخسائر حيث دمرت الحرب أكثر من 90% من المباني السكنية في القطاع و90% من الطرق، وتسببت في نزوح أكثر من 1.9 مليون شخص. ووفقاً لمراكز بحثية وإحصائية موثوقة، فإن أكثر من 80% من بين 66 ألف قتيل سقطوا في غزة كانوا من المدنيين، في إشارة واضحة إلى المدى الذي تحمله المدنيون الفلسطينيون من ويلات الحرب.

قائمة المعتقلين الذين ستفرج عنهم إسرائيل

في المشهد السياسي المصاحب لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلن مصدر في حماس مقرب من الوفد المفاوض أن الحركة لن تشارك في حكم غزة ضمن المرحلة الانتقالية التي تلي الحرب، مما يعني أنها تخلت عن حكم القطاع رسمياً، لكنها تبقى عنصراً أساسياً من النسيج الفلسطيني، وأكد المصدر أن حماس موافقة على هدنة طويلة، مع التمسك بعدم تسليم سلاحها الذي يعتبر "خطاً أحمر". 

كما أصرت الحركة على أن تتضمن قائمة المعتقلين الذين ستفرج عنهم إسرائيل سبعة قادة فلسطينيين بارزين وأبرزهم مروان البرغوثي، وتنص خطة ترمب المكونة من 20 نقطة على أن تدير شؤون غزة لجنة فلسطينية من التكنوقراط بإشراف "مجلس سلام" برئاسة ترمب وعضوية رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، من دون أن يكون لحماس أي دور في حكم القطاع.

قمة شرم الشيخ 

على الصعيد الدولي، تستضيف مصر في شرم الشيخ قمة للسلام برئاسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة قادة أكثر من 20 دولة والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وتهدف القمة إلى إنهاء الحرب داخل قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. 

ويشارك في القمة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بالإضافة إلى رئيسي وزراء إسبانيا وإيطاليا. وقد دعت الفاتيكان الأطراف المعنية إلى التحلي بـ"الشجاعة" والمضي على الطريق نحو سلام عادل ودائم يحترم التطلعات المشروعة للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.

إسرائيل تحت ظلال الإخفاق المر

في الخلفية، لا تزال إسرائيل تعيش تحت ظلال الإخفاق المر الذي كشف هشاشة منظومتها الأمنية والسياسية والاستخباراتية في السابع من أكتوبر. ومع أن اتفاق وقف الحرب أعاد الأسرى الإسرائيليين وفتح باب التهدئة، إلا أن الجرح الداخلي لم يلتئم، حيث يشتد الجدل حول من يتحمل المسؤولية عن الانهيار الأمني والسياسي. وطوال عامين، تهرب نتنياهو من المحاسبة والدعوات لتشكيل لجنة تحقيق رسمية بحجة أن "زمن الحرب ليس وقت الحساب"، لكن الإسرائيليين يقولون إن الحرب انتهت والتهرب لم يعد ممكناً. وقد وجه ذوو الأسرى والقتلى الإسرائيليين رسائل مباشرة إلى نتنياهو مطالبين بلجنة تختص بالتحقيق في كافة المستويات: الأمنية، السياسية، الاستخبارية والقضائية.

بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، سيتم الإفراج عن الرهائن الـ47 المتبقين في غزة من أصل 251 اختطفوا في هجوم السابع من أكتوبر 2023، إضافة إلى رفات رهينة احتجز عام 2014. في المقابل، تفرج إسرائيل عن 250 معتقلاً فلسطينياً محكومين بالسجن المؤبد، و1700 معتقل من سكان غزة احتجزوا منذ اندلاع الحرب. كما سيتم تكثيف تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة والسماح للشاحنات بحرية الحركة على طريقين رئيسيين بين شمال وجنوب غزة، حيث من المتوقع أن تدخل مئات الشاحنات يومياً محملة بمساعدات غذائية وطبية ومعدات إيواء ووقوداً وغازاً للطهي. وقد شوهدت بالفعل حركة الشاحنات عند معبر كرم أبو سالم الحدودي مع غزة بعد وقوفها لأيام عدة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق