غابت الأفلام الدينية التي تتناول الهجرة النبوية عن السينما المصرية سنوات عديدة، فمنذ عام 1976 وحتى يومنا هذا، لم يتم تقديم أي أفلام دينية تتناول الهجرة النبوية، حيث كان فيلم "الرسالة" أخر تلك الأفلام، وظلت الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية غائبة عن السينما المصرية لمدة 49 عامًا.
"ظهور الإسلام" و"انتصار الإسلام"
وشهدت السينما المصرية منذ بداية الخمسينيات وحتى منتصف السبعينات، إنتاج العديد من الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية، حيث شهد عام 1951 تقديم فيلمي "ظهور الإسلام" و"انتصار الإسلام"، ثم توالت الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية بعد ذلك بداية من فيلم "بلال مؤذن الرسول" في عام 1953، ثم فيلم "بيت الله الحرام" في عام 1957، ثم فيلم "مولد الرسول" في عام 1961، ثم فيلم "هجرة الرسول" في عام 1964، ثم فيلم "فجر الإسلام" في عام 1971، ثم فيلم "الشيماء" في عام 1972، وأخيرا فيلم "الرسالة" في عام 1976، والذي أنتج منه نسختين باللغة العربية واللغة الإنجليزية.
أعمال غائبة عن السينما المصرية
وبالرغم من النجاح الكبير الذي حققته الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية، حيث لازلنا نتابع هذه الأفلام حتى يومنا هذا في جميع المناسبات الدينية، إلا أن هذه الأعمال ظلت غائبة عن السينما المصرية لسنوات عديدة، وذلك بسبب خشية شركات الإنتاج من عدم تحقيق هذه الأفلام لإيرادات كبيرة تغطي تكلفتها الإنتاجية المرتفعة، فمثل هذه الأفلام تحتاج إلى مراجعة وتدقيق كبير في تنفيذها لكي تخرج بالصورة الفنية التي تليق بها وعرض تلك الفترة التاريخية بالصورة المناسبة دون أي أخطاء دينية أو تاريخية.
وتحدث عدد من أبرز نقاد الفن في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" عن أسباب غياب الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية لسنوات عديدة.
مراجعة وتدقيق
قال الناقد طارق الشناوي، إن الأفلام التاريخية بشكل عام والأفلام الدينية بشكل خاص مكلفة على المستوى المادي، وتحتاج إلى مراجعات دقيقة جدا على المستوى التقني، لأنه يجب التدقيق الديني والتاريخي لأنه يتناول أمور خاصة بالدين الإسلامي وليس التاريخ فقط، وتكون هناك حساسية شديدة في تناول الأمور الدينية، فالأفلام التي تتناول الهجرة النبوية تحتاج إلى ميزانية ضخمة وتفرغ كامل وتدقيق من كافة المشاركين في الفيلم، سواء كان على مستوى الديكور أو الأزياء وغيرها.
وأشار الشناوي خلال حديثه لـ"البوابة نيوز"، إلى أنه قد يكون هناك تخوف من عدم التسويق التجاري للعمل الفني، ولكن هذا لا يعني أن نغلق الباب أمام الأفلام الدينية التي تتناول الهجرة النبوية، ولكنه قد يكون حافز لإنتاج مثل هذه الأعمال بشرط أن يكون هناك مخرج ومؤلف مبدع يضع كل جهده لخروج الفيلم بأفضل صورة ممكنة، وأن يكون هناك منتج قادر على الإنفاق وليس شرط أن الدولة هي من تنتج الأفلام الدينية بل قد تكون شركة إنتاج خاصة، ورغم أنه كانت في الماضي محاولات جيدة ولكننا لازلنا في انتظار عمل فني يليق بهذا الحدث التاريخي العظيم.
مراجعة الأزهر للأعمال الفنية
قالت الناقدة مها متبولي، إن الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية غابت خلال السنوات الأخيرة، بسبب ابتعاد شركات الإنتاج عن تقديم الأفلام والمسلسلات الدينية، حيث كان إنتاج الأفلام والمسلسلات الدينية في الماضي يعتمد على الدولة، ولكن حاليًا شركات الإنتاج الخاصة تخشي تقديم مثل تلك الأفلام خوفا من عدم تحقيق إيرادات، وفي الماضي تم إنتاج الكثير من الأفلام الدينية الناجحة التي تناولت الهجرة النبوية وحققت نجاحا جماهيريا كبيرا ولازالنا نتابعها حتى يومنا هذا ومعظم هذه الأفلام كانت من إنتاج الدولة.
وأضافت مها متبولي خلال حديثها لـ"البوابة نيوز"، لابد من مراجعة الأزهر الشريف قبل إنتاج أي فيلم ديني يتناول الهجرة النبوية نظرا لحساسية الأمور الدينية التي تحتاج إلى مراجعة وتدقيق، حيث لابد أن تكون المعلومات التي يتم عرضها في مثل هذه الأفلام بموافقة الأزهر الشريف حتى لا يتم عرض معلومات دينية مغلوطة، وخصوصا وأن السينما والدراما لها انتشار جماهيري وتأثير كبير على الجمهور.
شركات الإنتاج
و قال الناقد أحمد سعد، إن الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية غابت خلال السنوات الأخيرة، وقد شهدت فترة الخمسينات والستينات والسبعينات تقديم العديد من الأفلام الدينية، ولكن منذ فيلم الرسالة في عام 1976، لم تتطرق السينما أبدا للأفلام الدينية، واقتصر الأمر بعدها على الدراما التلفزيونية.
وأشار أحمد سعد خلال حديثه لـ"البوابة نيوز"، إلى أن سبب غياب الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية خلال السنوات الأخيرة هو أن شركات الإنتاج ترى أن الجمهور لا يفضل مشاهدة تلك الأعمال الفنية، وكان هناك تخوف من شركات الإنتاج من إنتاج أي فيلم ديني لهذا السبب، وظلت الأفلام الدينية التي تناولت الهجرة النبوية غائبة عن الساحة الفنية بالرغم من أن الأفلام الدينية التي تم إنتاجها في الماضي حققت النجاح وكانت أعمال فنية جيدة.