باحثة في الشأن الإيراني لـ"الدستور": الهدنة جاءت بعد عجز الاحتلال بخوض حرب شاملة ضد طهران

أكدت الباحثة السياسية المتخصصة في الشأن الإيراني سمية عسلة أن قرار إسرائيل بإنهاء الحرب لم يكن خيارًا استراتيجيًا نابعًا من موقف قوة، بل جاء بعد أن أدركت حكومة نتنياهو، ومعها جيش الاحتلال والرأي العام الإسرائيلي، عجز الدولة عن خوض حرب شاملة ضد إيران بمفردها، في ظل اختراقات أمنية واستخباراتية كشفت هشاشة المنظومة العسكرية الإسرائيلية.

ضرب منشآت إيران النووية 

 


وقالت في تصريح خاص لـ«الدستور» إن تدخل الولايات المتحدة لضرب منشآت إيران النووية الثلاث: نطنز، أصفهان، وفوردو، جاء بضغط من تل أبيب، وكان محاولة أمريكية لمنح إسرائيل مخرجًا مشرفًا من حرب لم تستطع استكمالها، وتحويل الضربة إلى نصر دعائي وهمي أمام الداخل الإسرائيلي.

وأشارت عسلة إلى أن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية التي تتكون من ثلاث طبقات: القبة الحديدية، مقلاع داوود، وآرو، أثبتت فشلها الذريع، حيث لم تتمكن من اعتراض الصواريخ الإيرانية، بل إن القبة الحديدية كانت وراء سقوط صواريخ إسرائيلية عن طريق الخطأ على المستوطنين أنفسهم، نتيجة خلل تقني خطير، ما زاد من حالة الذعر الشعبي.

في المقابل، أوضحت أن الحرس الثوري الإيراني والجيش الإيراني تمكنا من إعادة تنظيم الصفوف بسرعة، بعد أن مُنح الحرس الثوري سلطات سياسية وعسكرية واسعة من قبل المرشد الأعلى، ما سمح له بتطهير الداخل الإيراني من الجواسيس، وبناء منظومة دفاع وهجوم متكاملة.

وتابعت: "الرد الإيراني تطور إلى مستويات غير مسبوقة، فبدأ بضرب قواعد عسكرية ومنشآت استراتيجية، لينتهي إلى اختراق مراكز استخباراتية وتكنولوجية داخل العمق الإسرائيلي. إيران لم تكتفِ برد عسكري فقط، بل استخدمت أدواتها السيبرانية بفاعلية، مستفيدة من تصنيفها كقوة سيبرانية خامسة عالميًا".

وحول دور الولايات المتحدة في إنهاء الحرب، لفتت عسلة إلى أن "ما وصفته الصحافة الإيرانية بـ"توسلات إسرائيل" للرئيس ترامب للتدخل وفرض اتفاق وقف إطلاق النار، يعود إلى مخاوف أمريكية من تدخل روسي لصالح طهران، بعد زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو، وطلبه دعم الحليف الروسي في مواجهة التصعيد الأمريكي الإسرائيلي".

واعتبرت أن فشل الرهانات الأمريكية السابقة على افتعال أزمات حدودية مع الصين عبر إشعال الحرب الهندية-الباكستانية، دفع إسرائيل للتحرك منفردة نحو إشعال المواجهة مع طهران، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها، لأن الرد الإيراني كان أقوى مما توقعت تل أبيب وواشنطن، وساهم في إحباط مخططات الفوضى الداخلية التي هدفت إلى إسقاط النظام الإيراني.

وقالت عسلة: "إسرائيل راهنت على إحداث انقسام داخلي في إيران، بل وفتحت السجون للإفراج عن معارضين وخلايا نائمة، لكنها فشلت فشلًا ذريعًا، إذ التفّ الشعب الإيراني حول نظامه، وأدرك أن هدف هذه الحرب هو تقسيم الدولة وإسقاط الحكم، لا مجرد مواجهة عسكرية تقليدية".

وحول الاتفاق الأمريكي الإيراني لوقف الحرب، أكدت الباحثة أن صموده مرهون بالتزام واشنطن بشروط إيران.

وفي المقابل، ترى عسلة أن على إيران أيضًا الالتزام بما يتم الاتفاق عليه ضمن صفقة نووية جديدة، من المقرر بحثها خلال العودة لطاولة المفاوضات، بمشاركة الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية وأطراف أوروبية، على أن تكون مختلفة جوهريًا عن اتفاق 2015، الذي انسحبت منه واشنطن لاحقًا، وفشلت أوروبا في تنفيذ التزاماتها المادية تجاه طهران.

ورغم إقرارها بأن المنشآت النووية الإيرانية تكبدت خسائر مادية وعلمية، شددت على أن البرنامج النووي الإيراني لا يزال قائمًا، ويمكن ترميمه، خصوصًا وأن البنية التحتية للمرافق لم تُدمَّر بالكامل. كما أن إيران لا تزال تحتفظ بمئات العلماء والخبراء القادرين على مواصلة تطوير البرنامج رغم استشهاد 20 عالمًا إيرانيًا في عمليات اغتيال خلال السنوات الأخيرة.

واختتمت عسلة تصريحها بالتأكيد على أن إيران خرجت من هذه الحرب في موقع المنتصر، بعد أن سددت ضربات قوية ومركزة لإسرائيل، واستعرضت ترسانتها الصاروخية الباليستية متوسطة وطويلة المدى، بل واستخدمت نماذج جديدة من الصواريخ لم تُكشف خلال العمليات الحربية، في رسالة واضحة مفادها أن طهران تحتفظ بأدوات الردع، وهي مستعدة للعودة إلى المواجهة في أي لحظة إذا ما أخل الطرف الأمريكي أو الإسرائيلي بأي بند من بنود اتفاق وقف الحرب، الذي تم بوساطة قطرية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "صحة بني سويف" تكشف نتائج الحملة الرقابية الأخيرة بشرق النيل
التالى إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجة نارية وسيارة بالقليوبية