مع كل عمل جديد يقدّمه، يثبت الفنان أحمد مجدي أنه ليس مجرد ممثل وسيم بملامح هادئة وصوت رخيم، بل هو فنان محترف يمتلك أدوات فنية متكاملة، وقد تجلّى ذلك بوضوح في أدائه اللافت بمسلسل «فات الميعاد»، حيث نجح في خطف الأنظار بأداء صادق ومتزن، يعكس نضجه الفني واتساع مساحته التعبيرية.
مسعد.. رجل شرقي تقليدي لكن أحمد مجدي يجعله مختلفًا
في مسلسل «فات الميعاد»، لا يظهر أحمد مجدي بشخصية أحادية أو ثابتة، بل يقدّم لنا رجلًا يعيش على الحافة: تتقلب داخله المشاعر، وتتصارع فيه النوايا، وتتجاذبه خيوط متشابكة من الحب والندم والشر والعنف، هذه الشخصية المعقدة احتاجت إلى ممثل يملك ذكاء نفسيًا، وسيطرة كاملة على أدواته، ولم يكن هناك أفضل من أحمد مجدي ليحمل هذا التناقض الإنساني على كتفيه باحتراف وصدق.
رجل شرقي تقليدي كما يبدو في الشكل، لكنه أكثر تعقيدًا مما اعتدناه في الدراما، في «فات الميعاد» يُجسّد أحمد مجدي شخصية الزوج الذي يسرق زوجته، يضربها، يرفض تطليقها، ويماطل أمام المحكمة في النفقة والمهر والقائمة.
حين تتحول الشخصية المستهلكة إلى تجربة جديدة
شخصية مألوفة في المجتمع والدراما معًا، لكنها خرجت من بين يديه بنكهة خاصة، لم يقدّمها كـ"شرير سطحي"، بل أظهر هشاشتها الداخلية، وازدواجيتها النفسية، وتناقضها بين التملك والندم، فبصوته الهادئ ونظراته الثابتة، منح أحمد مجدي هذا الرجل القاسي ملامح جديدة: رجل يده سابقة عن تفكيره، ويتهرّب من مسؤولياته، لكنه في قرارة نفسه ضائع، مأزوم، مهزوم، الأداء هنا لم يكن دفاعًا عن الشخصية، بل تشريحًا صادقًا لها، جعل الجمهور يراها بعيون مختلفة، ويشعر بكل صراعاتها حتى وهو يرفض أفعالها.
ما يميّز أحمد مجدي أيضًا أنه ليس فقط ابن فنان كبير (المخرج مجدي أحمد علي)، بل هو أيضًا خريج ورش تمثيل ومخرج أفلام قصيرة، ويمتلك خلفية ثقافية وفنية واسعة، هذا الوعي يُترجم مباشرة إلى فهم عميق للنص، وتحليل دقيق للشخصيات، وهو ما ينعكس بوضوح في اختياراته الفنية الهادئة والواثقة.
أحمد مجدي.. ممثل لا يحتاج ضجيجًا ليترك أثرًا
وبكل هدوء وثقة وبعيدًا عن بروباجندا السوشيال ميديا، يثبت أحمد مجدي في «فات الميعاد» أنه ممثل من طراز خاص، لا يكتفي بتأدية الدور، بل يعيد خلقه من الداخل، ليمنحه أبعادًا إنسانية لم تكن مرئية من قبل، فهو فنان يعرف أن التمثيل الحقيقي لا يُقاس بعدد الجمل الحوارية أو المشاهد الصاخبة، بل بالقدرة على جعل الجمهور يصدّق، ويشعر، ويعيد التفكير.
ومع كل عمل جديد، يُؤكد أنه ليس مجرد وجه مألوف على الشاشة، بل قيمة فنية حقيقية تُضيف لكل دور، وتترك بصمتها في وجدان المشاهد، ورغم ما حققه حتى الآن، إلا أن الواضح والأكيد هو أن أحمد مجدي مازال لديه الكثير ليقدّمه، وأدوار أكبر تنتظر من يحتضنها ويمنحها الحياة… كما يفعل دائمًا.