هُدنة على الورق ومعارك في السماء.. من سيطلق "الرصاصة الأخيرة" بحرب إيران وإسرائيل؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال الأيام القليلة الماضية تصعيدًا غير مسبوق في المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، فتحت معه أبواب مرحلة جديدة من الصراع المباشر، وسط قلق عالمي من تداعياته الإقليمية والدولية، فقد باغتت إسرائيل العالم في الثالث عشر من يونيو بشنّ هجوم جوي استباقي استهدف مواقع نووية وعسكرية حساسة داخل العمق الإيراني، لا سيّما في العاصمة طهران ومدينة أصفهان، موقعة خسائر فادحة في صفوف قيادات الحرس الثوري وعلماء بارزين في البرنامج النووي الإيراني.

5996117f25.jpg

 

وجاء الرد الإيراني سريعًا، لكنه كان أكثر اتساعًا وتعقيدًا من المتوقع، حيث أطلقت طهران خلال أقل من 72 ساعة أكثر من 450 صاروخًا، بينها صواريخ باليستية وفرط صوتية، بالإضافة إلى أكثر من 100 طائرة مسيّرة من طرازات متطورة، استهدفت بها مواقع عسكرية واستراتيجية في الداخل الإسرائيلي، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، ووقوع أضرار مادية في عدد من المنشآت.

ولم تقتصر المواجهة على البُعد العسكري فحسب، بل رافقها حرب إعلامية ونفسية مشتعلة، إذ تبادلت طهران وتل أبيب الاتهامات بالتصعيد المتعمّد، بينما بدا المجتمع الدولي مرتبكًا إزاء تطور الأحداث، خاصة في ظل الغياب شبه الكامل للوساطات النشطة أو المبادرات الدبلوماسية الفاعلة في الأيام الأولى للصراع.

de7de1e14c.jpg

 

وتميّزت هذه المواجهة بكشف إيران عن ترسانة صاروخية متقدمة، بعضها يُعلن عنه للمرة الأولى، مثل "فتّاح 1"، "سجيل"، و"خيبر شكن"، وهي صواريخ تحمل دلالات دينية وتاريخية، وتعكس رسالة سياسية ذات أبعاد استراتيجية، كما أطلقت إيران على عمليتها العسكرية اسم "الوعد الصادق"، وجاءت على شكل موجات متتالية ومتدرجة، ما أثار جدلًا دوليًا حول أهداف طهران وحجم قدراتها الفعلية.

من جهتها، أكدت إسرائيل أنها تمكّنت من اعتراض معظم الصواريخ عبر منظومات "القبة الحديدية" و"عصا داوود"، لكنها في الوقت نفسه أقرت بوصول بعض الصواريخ إلى مناطق مثل حيفا وبئر السبع، مشيرة إلى أنّ المعركة لم تنته بعد، وأنها مستعدة لحرب طويلة إذا استدعى الأمر.

ومع هذا التدهور السريع في العلاقات، بدأت تحذيرات دولية تتصاعد من احتمال توسّع النزاع إلى صراع إقليمي أوسع، خاصة مع انخراط أطراف غير مباشرة مثل حزب الله، وبعض الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران في العراق وسوريا، ما يجعل المشهد مفتوحًا على احتمالات خطيرة تتجاوز حدود المواجهة بين دولتين إلى حريق إقليمي يصعب احتواؤه، مما يُضع المنطقة أمام سيناريوهات مفتوحة، يتداخل فيها العسكري مع السياسي، ويبدو فيها أن لغة الصواريخ باتت تسبق لغة التفاوض.

bfbac245b6.jpg

اقتراح الهدنة المفاجئ.. ترامب وسيطًا غير رسمي 

فاجأت التطورات السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، العالم، بإعلان هدنة مفاجئة بين إيران وإسرائيل، بعد 12 يومًا من الحرب المباشرة التي اندلعت إثر الضربة الإسرائيلية ضد منشآت إيرانية حساسة، وبينما سادت أجواء الترقب والحذر، جاءت المبادرة الدبلوماسية من جهة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

فقد أعلن ترامب عبر منصته "Truth Social" يوم 24 يونيو 2025، أن إيران وإسرائيل قد وافقتا على هدنة كاملة وشاملة، تستمر مبدئيًا لمدة 12 ساعة قابلة للتمديد، وأوضح ترامب أن هذه الهدنة جاءت بناءً على اتصالات مباشرة قادها عبر وسطاء خليجيين، خصوصًا من قطر، حيث أكد أن أمير قطر لعب دورًا محوريًا في نقل المقترحات الإيرانية والأمريكية بين الطرفين.

وشدد ترامب في رسالته على أن "الزمن مهم"، مشيرًا إلى أن الهدنة ستدخل حيز التنفيذ بعد 6 ساعات من الإعلان لإعطاء الفرصة لكل طرف لإتمام عملياته العسكرية أو الانسحاب الآمن من بعض المواقع.

 

الموقف الإيراني.. تأييد حذر ورسائل مزدوجة

على الجانب الإيراني، لم يصدر إعلان رسمي صريح من المرشد الأعلى أو الحرس الثوري بالموافقة على الهدنة، غير أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، صرّح بأن "إيران لن تمانع في وقف إطلاق النار متى التزمت إسرائيل أولًا"، مضيفًا أن "الرد الإيراني جاء في إطار الدفاع عن السيادة، والكرة الآن في ملعب العدو"، وفي حين لم يصدر إعلان رسمي صريح، أفادت وسائل إعلام حكومية مثل "إرنا" و"تسنيم" بأن الهدنة "بدأت بشكل مؤقت"، مع استمرار رصد التطورات على الجبهة.

 

الموقف الإسرائيلي.. قبول بتحفظ واتهامات لاحقة

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حكومته قبلت باقتراح الهدنة، معتبرًا أن إسرائيل "حققت أهدافها الاستراتيجية" من العمليات التي نفذتها، خاصة تلك التي استهدفت قادة بارزين في الحرس الثوري ومنشآت بحثية نووية في طهران وأصفهان، وفي مؤتمر صحفي مقتضب، أشار نتنياهو إلى أن الهدنة "اختبار لحسن نية طهران"، إلا أن إسرائيل عادت لاحقًا لتتهم إيران بانتهاك الهدنة فور دخولها حيّز التنفيذ، مشيرة إلى إطلاق صواريخ جديدة تجاه مناطق الشمال، أبرزها صفد ونهاريا، وهو ما اعتبرته "خيانة واضحة للاتفاق".

82.webp

خرق فوري وتبادل اتهامات.. هل صمدت الهدنة؟

دخلت الهدنة حيز التنفيذ فعليًّا في تمام الساعة السادسة مساءً بتوقيت طهران، يوم 24 يونيو، إلا أن الساعات الأولى لم تمر بسلام، إذ أعلنت القيادة الإسرائيلية عن رصد إطلاق صواريخ باليستية قصيرة المدى من الأراضي الإيرانية بعد بدء سريان الهدنة بساعتين، مؤكدة اعتراضها بعضها عبر "القبة الحديدية" و"عصا داوود".

من جانبها، نفت إيران تلك المزاعم، مشيرة إلى أن "الصواريخ التي تم إطلاقها كانت ضمن الجدول الزمني السابق للهدنة، ولم تكن خرقًا متعمدًا"، مؤكدة في الوقت نفسه أن إسرائيل شنت قصفًا جديدًا على محيط قاعدة جوية غرب طهران فجر اليوم التالي، ما اعتبرته "الانتهاك الفعلي الأول للهدنة".

 

الواقع الميداني.. دور قطر والوساطة الهادئة

أشارت تقارير صحفية، خاصة من وكالة "رويترز" و"واشنطن بوست"، إلى أن الوساطة القطرية كانت حجر الزاوية في هذه الهدنة الهشة، إذ أجرى رئيس وزراء قطر سلسلة محادثات غير معلنة مع قيادات إيرانية في طهران، ناقلًا رسائل من الإدارة الأمريكية وترامب شخصيًا، ما ساعد على خلق إطار تفاهم مبدئي رغم الفجوات العميقة.

كما ساهمت جهات أوروبية، خصوصًا ألمانيا وسويسرا، في محاولة تثبيت الهدنة عبر تفعيل قنوات دبلوماسية رفيعة المستوى، إلا أن محدودية النفوذ الأوروبي في القرارين الإيراني والإسرائيلي جعل التأثير محدودًا في الميدان.

فيما رحبت الأمم المتحدة بالهدنة، ودعا أمينها العام إلى "تثبيت وقف إطلاق النار وتحويله إلى اتفاق دائم"، فيما عبّرت موسكو عن قلقها من هشاشة الاتفاق، محذّرة من "الانجرار إلى تصعيد أوسع إقليميًّا"، أما في واشنطن، فقد انقسمت الآراء، حيث انتقد البيت الأبيض تصريحات ترامب واعتبرها "مناورة سياسية غير مسؤولة"، بينما دافعت دوائر جمهورية عن دور الرئيس السابق، مشيرة إلى أن "الهدنة ما كانت لتحدث لولا تدخله".

4734fa3e12.jpg

وتُفيد التقارير القادمة من مناطق شمال إسرائيل وغرب إيران باستمرار التوترات، رغم إعلان الهدنة، وذلك مع تسجيل إطلاق صواريخ متقطع في الأيام التالية، وتصاعد التهديدات المتبادلة، ويرى مراقبون أن هذه الهدنة ما تزال "إعلامية" أكثر من كونها ميدانية، في ظل غياب آلية رقابة دولية، واستمرار الحشد العسكري على الجانبين.

وحتى هذه اللحظة، تبقى الهدنة بين إيران وإسرائيل محاطة بالغموض والهشاشة، إذ لم يُعلن عن إطار زمني واضح للتمديد، كما لم تُشكّل لجنة مراقبة مستقلة، وهو ما يضع الاتفاق أمام خطر الانهيار في أي لحظة.

وإذا لم تتدخل قوة دولية فاعلة لتثبيت الهدنة وتحويلها إلى اتفاق دائم، فإن التصعيد المقبل قد يكون أكثر شدة، خاصة إذا استخدمت إيران ما تبقى من ترسانتها الصاروخية أو دخلت أطراف أخرى مثل "حزب الله" أو الحشد الشعبي على الخط.

 

خرق الهُدنة.. غياب التفاصيل التنفيذية يعزز الشكوك

أثار إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل تساؤلات جدية بشأن مدى تأثير هذا الاتفاق الهش في إنهاء التصعيد العسكري الذي اندلع قبل 12 يومًا، فقد تم الإعلان عن الاتفاق بطريقة مفاجئة، وسط غموض حول آلياته التنفيذية، ما زاد من المخاوف حول صموده على المدى القصير.

ووفقًا لمصادر سياسية غربية، فإن الاتفاق افتقر لأي إطار عملي واضح، مثل وجود هيئة مراقبة دولية، أو آليات لضمان الالتزام، مما رفع علامات استفهام حول إمكانية الحفاظ عليه، وكذلك غياب تفاصيل مثل قواعد النزاع وتسلسل العمليات العسكرية زاد من هشاشة الاتفاق.

1ffe18ed3e.jpg

صراع "الطلقة الأخيرة"… يدل على هشاشة الهُدنة 

تبقى قضية تحديد صاحب "الطلقة الأخيرة" محط خلاف مستمر، وتثير تساؤلات حول كيفية تنفيذ وقف النار فعليًا، فتعتبر إيران أن الالتزام يبدأ بتوقفها عن العمليات، وتليها إسرائيل بعد 12 ساعة، بما يعني أن الأخيرة تحصل على "فترة سماح" قبل البدء في التهدئة، وقد يُولد الترتيب الزمني حدودًا غير متوقعة أو يخلق فرصة للاستفزاز المتعمد.

ولم يمر سوى أقل من ساعة على بدء سريان الهدنة، حتى استؤنفت تبادل الضربات بين الطرفين، فقد شنت إيران هجومًا صاروخيًا على أراضٍ داخل إسرائيل، تبعته غارات إسرائيلية على مواقع داخل إيران، وبهذا التصعيد المتجدد، بدا الاتفاق أشبه بلاغة دون ترجمة ميدانية، يدفع كل طرف للمواجهة قبل أن تتمكن وساطة من ضبط النزاع مجددًا.

ويبدو أن الاتفاق لم يستطع عبور الانقسامات السياسية العميقة في كل من طهران وتل أبيب، ما يعرض التهدئة للانهيار، ففي إيران، يرفض جناح متشدد أي تراجع، فيما يطالب البعض بتصعيد الرد، وفي إسرائيل، تصرّ مجموعات اليمين المتطرف على مواصلة العمليات وتحقيق الأهداف الأمنية بالكامل، حتى في ظل الهدنة الرسمية.

ويُعتقد أن هذه الضغوط الداخلية على كلا الجانبين تضيف طبقة من التعقيد، إذ لن يقبل أي منهم بخسارة ذرائع الردع أو التنازل دون مكاسب واضحة، ما يجعل الهدنة مرهونة فقط بقدرة السياسة على السيطرة على ميدان الصراع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق محافظ شمال سيناء يلتقي خارج اللجان بأولياء أمور طلاب الثانوية العامة
التالى محافظ الإسكندرية يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 85.5 %